الأقباط متحدون - لماذا لا نبدأ تجديد الخطاب الدينى بتوحيد الأذان؟
أخر تحديث ١٩:٢٦ | الجمعة ٢٩ مايو ٢٠١٥ | ٢١بشنس ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٧٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لماذا لا نبدأ تجديد الخطاب الدينى بتوحيد الأذان؟

أسامة هيكل
أسامة هيكل

كالعادة، فهم البعض الدعوة لتجديد الخطاب الدينى خطأ، فانحرفت بها النخبة بين طريقين، الأول بالغ فى الأمر وتحدث بشكل صادم للمجتمع، والثانى يهاجم الأول ويتهمه بالتفريط، ثم انتهى الأمر إلى لا شىء، ولم يعد هناك من يتحدث عن تجديد الخطاب الدينى، وهو ضرورة فى ظل تزايد حدة التطرف والإرهاب فى المجتمع المصرى والعربى.

وتجديد الخطاب الدينى ليست له علاقة بالثوابت فى الدين، ولكنه محاولة لتصحيح الأوضاع الخاطئة والتصرفات التى تسىء للدين.. فلا يمكن لمسلم عاقل أن يقبل بأن الإسلام أباح جهاد النكاح، وهو نوع من الزنا بلا شك.. ولا يمكن لمسلم أن يقبل بفكرة إرضاع الكبير أيضاً.. وفى ظنى ولا أفتى فى الدين أن هذه الأمور مدسوسة على الدين، فالدين لا يلغى العقل أبداً.

ومن بين المظاهر المسيئة للدين أيضاً، طريقة الأذان المستخدمة فى مساجدنا، وهى طريقة تسىء للدين، وساعد فى انتشار تلك الطريقة المسيئة كثرة الزوايا دون ضابط أو رابط، فأصبح المؤذن فى هذه المساجد الصغيرة لا يشترط فيه حسن الصوت، ولا حسن الأداء، وقد اختار النبى، صلى الله عليه وسلم، سيدنا بلال بن رباح لأداء الأذان لحسن صوته، ويزيد من قبح أصوات مؤذنى هذا الزمان سوء حالة الميكروفونات المستخدمة، ويتحول الأذان لحالة من الفوضى، لا يمكن أبداً أن تكون فى حد ذاتها معبرة عن الإسلام الحقيقى والحل بسيط للغاية، وتم طرحه منذ كان الدكتور محمود حمدى زقزوق وزيراً للأوقاف منذ نحو 10 سنوات، حينما اقترح منظومة للأذان الموحد، وقتها هوجم الرجل بشدة من قبل بعض المتطرفين، ولم يسانده المعتدلون الذين كانوا يرون المشروع حضارياً ومحترماً، وتم وأد الفكرة، وتفاقمت المشكلة، فأصبحت الأصوات القبيحة تسيطر على ميكروفونات المساجد، وتتفنن فى القبح بدرجة مسيئة للإسلام، ولا أدرى ماذا يفيد الإسلام إذا توحد الأذان فى كل حى بصوت مؤذن واحد مختار بعناية على أسس سليمة، من بينها حسن الصوت وحسن الأداء؟ أليس هذا تعبيراً حضارياً عن الإسلام؟! ولا أدرى لماذا يصر بعض الأئمة فى الصلوات المختلفة على أداء الصلاة بميكروفونات سيئة لا يمكن تمييز الكلمات من خلالها.

مثل هذا الإجراء، توحيد الأذان، هو أمر من ضروريات تحديث الخطاب الدينى، وهو أمر لا يفيد أحداً، ولكنه يفيد صورة الإسلام ويظهره بمظهر حضارى، وهو أمر فى يد وزارة الأوقاف أساساً، ووزيرها الحالى الدكتور مختار جمعة هو رجل ممن تتوافر لديهم الجرأة لاتخاذ القرار، وأتمنى منه أن يعيد إحياء هذا المشروع الحضارى الذى لا يصب إلا فى مصلحة الإسلام نفسه ووضعه فى إطار حضارى، ولا أقول هنا أن نمنع الأذان حتى لا يصطاد المدعون فى الماء العكر، ولكننى أقول تنظيم الأذان، واختيار الأصوات الصالحة لهذا الأذان حتى لا يظهر المسلمون بمظهر همجى، خاصة مع المناخ العام الذى يبدو فيه بعض فصائل المسلمين كقتلة وإرهابيين، والإسلام منهم براء، وأعتقد أن حسابهم عند الله عسير لما أصابوا المسلمين به من ضرر وإيذاء بسبب انحرافهم وتمسكهم بهذا الانحراف، ظناً أن هذا هو الدين.

والحقيقة أن تطوير الخطاب الدينى أمر حتمى، وليس ترفاً وليس دعوة سياسية بأى حال من الأحوال، فالإسلام فعلاً فى حاجة ماسة لتعبير مختلف، والأزهر الشريف وعلى رأسه حالياً أحد شيوخ الاستنارة وعالم من العلماء المعروفين بالتحضر والهدوء لديه الكثير كى يقدمه فى هذا الملف، فالحلال بيّن والحرام بيّن، وما يصيب الأمة حالياً فى منطقة الأمور المشتبهات، وتوضيح هذه الأمور مسئولية أصيلة لعلماء الأزهر الشريف، الذى يجب أن يعود له دوره فى نشر الإسلام الوسطى، ونشر علوم الإسلام الحقيقى وبسرعة حتى لا تضيع سمعه الأزهر الشريف، خاصة أن ما ينسب لبعض علمائه فى وسائل الإعلام سينال من سمعة ومكانة هذا الأزهر الذى حمل لواء الإسلام الوسطى أكثر من 1000 عام، مرة أخرى الأمر ليس دعوة سياسية، ولكنه دعوة دينية تحتاج لتحرك سريع إن كنا نهتم لأمور ديننا، فالمتربصون بالإسلام من بين المسلمين، ومن خارجهم فى تزايد، وواجب الأزهر أن يسارع بخطاب دينى مستنير وعاقل يوضح الصورة الحقيقية للإسلام، وألا يترك الأمر عرضة لأصحاب الهوى، وحتى لا تكون الدعوة لتجديد الخطاب الدينى مجرد كلام نعيد سرده بين مناسبة وأخرى.

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع