رغم ضربات جوية يشنها تحالف دولى بقيادة الولايات المتحدة واستنفار أمنى فى كل دول المنطقة، مازال تنظيم «داعش» يتمدد فى سوريا والعراق، ويلقى دعم حلفاء جدد فى دول أخرى. فمنذ اعلانه ما قال إنه «دولة خلافة»، قبل نحو عام من الآن، جذب التنظيم ما يقرب من 20 ألف مقاتل من 90 دولة، وسيطر على نحو 40% من مساحة العراق، و50% من مساحة سوريا، مستفيدا من حالة الفراغ الأمنى فى البلدين.
كما طور التنظيم مصادر تمويله، وبات يعتمد على الضرائب كمصدر أساسى للدخل بعد التراجع الكبير فى أسعار النفط بالسوق العالمية، العام الماضى، واستهداف التحالف الدولى لمصافى النفط التى يسيطر عليها التنظيم فى سوريا والعراق.
وخارج سوريا والعراق، أصبح للتنظيم موضع قدم فى ليبيا، بعد سيطرة موالين له على سرت (غرب)، ودرنة (شرق)، وتلقى مبايعة جماعة «بوكو حرام» النيجيرية المتشددة، وبيت المقدس فى مصر، وجند الخلافة فى الجزائر، قبل أن يظهر فى السعودية، مع شنه عمليتين ضد مسجدين للشيعة فى المنطقة الشرقية.
4 مصادر لتمويل «الدولة الإسلامية»
كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية عن تجاوز الأرباح التى حققها تنظيم داعش 1.2 مليار دولار خلال العام الماضى، وامتلاك التنظيم فائض أموال تزيد على تغطية نفقاته الحالية.
ونقلت الصحيفة عن تقرير أصدرته مؤسسة «راند» (مؤسسة بحثية أمريكية)، إن أصول «داعش» مع سقوط الموصل فى يونيو 2014، كانت تقدر بنحو 875 مليون دولار، أما موارد عائداته الأساسية فى العام الماضى فكانت كالتالى: 600 مليون دولار من الابتزاز والضرائب فى العراق، 500 مليون دولار منهوبة من بنوك الدولة فى العراق، 100 مليون دولار من النفط، و20 مليون دولار من فدى اختطاف الرهائن».
وأشار التقرير إلى أن «داعش يتربح ما يزيد على مليون دولار يوميا من فرض الضرائب على رواتب موظفى الحكومة العراقية والتى وصلت إلى 50%.. وتواجه الشركات ضرائب على عقودها وعائداتها تصل إلى 20%».
وأضاف: «مع تراجع مصادر الدخل الأخرى مثل البنوك والنفط، عدل التنظيم أخيرا، من معادلات دخله، لجعل الضرائب تمثل المصدر الأول».
وأكدت «نيويورك تايمز» أن النفط ليس المصدر الرئيسى للأموال لداعش، وذلك نتيجة لاستهداف البنية التحتية النفطية، ولاسيما المصافى، من قبل الضربات الجوية للتحالف الدولى الذى تقوده واشنطن، وهو ما أدى لتراجع عائدات النفط إلى نحو مليونى دولار فى الأسبوع، فضلا عن استهلاك التنظيم أغلب الإنتاج، لافتة إلى أن «التنظيم كان يبيع النفط بتخفيضات كبيرة نظرا لانخفاض أسعار السوق العالمية، كما كانت أسعاره متفاوتة من مدينة لأخرى؛ فكان يبيعه على سبيل المثال بأسعار فى كركوك أقل مما كان عليه فى الموصل».
وعن نفقات التنظيم، قالت الصحيفة إن «داعش يستثمر فى البشر وليس فى البنى التحتية، فأكبر النفقات تذهب إلى الرواتب التى تتراوح بين 3 إلى 10 ملايين دولار شهريا»، مدللة على ذلك بنشر «التنظيم إعلانا يطلب فيه مهندسين فى مجال التعدين للعمل فى مصافى النفط الخاضعة لسيطرته، برواتب مجزية».
وفى المقابل، أكد تقرير لصحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية أن استيلاء التنظيم على مدينة تدمر الأثرية السورية، وفر له موردا إضافيا للتمويل المادى، حيث تحتوى المدينة على مناجم للفوسفات من شأنها جلب العائدات للتنظيم إذا قرر الاستثمار فيها.
وذكرت تقارير بصحيفة التايمز البريطانية أن «التنظيم يتجنب الاستثمار فى البنى التحتية لإمكانية استهدافها بسهولة فى الهجمات، كما أن الأراضى التى يسيطر عليها التنظيم يمكن أن تتغير بشكل سريع».
أسلحة أمريكية وروسية في يد التنظيم
أزال تقرير لمركز بحوث التسلح فى بريطانيا، الغموض عن مصادر تسلح تنظيم «داعش» والكيفية التى يحصل بها على الأسلحة المتطورة التى تظهر فى يد مسلحيه، خلال معاركهم فى سوريا والعراق، ذاكرا أسماء الدول المصنعة لتلك الأسلحة.
وتكشفت فصول القصة عبر تحقيق استقصائى نشره المركز (مقره لندن) على موقعه الإلكترونى، قال فيه إنه «فى وقت مبكر صباح أحد الأيام فى نهاية شهر فبراير، خرج محقق أوروبى يعمل فى مدينة كوبانى السورية، التى ظلت لشهور ساحة معركة بين المقاتلين الأكراد ومقاتلى التنظيم، إلى خارج المبنى الذى كان يقيم فيه ورأى شيئا غير عادى؛ كردى فى الشارع كان يحمل رشاشا أسود طويل، يعتقد أنه رشاش ــMــ16 الأمريكى الصنع.
وأوضح التقرير أن «العديد من رشاشات Mــ16 دخلت سوريا بعد أن أسر (داعش) الآلاف من قوات الأمن العراقية التى تلقت مركبات مدرعة ومدافع هاوتزر والمعدات أمريكية أخرى، قبل مغادرة القوات الأمريكية البلاد عام 2011».
وأضاف التقرير إن المحقق وجد ضمن الأسلحة التى تركها عناصر«داعش» عقب انسحابهم من كوبانى، بندقية حجب رقمها التسلسلى عبر وضع طلاء أسود عليه، حرصا من حاملها على التعتيم على مصدر السلاح ولكنها كانت تشبه بنادق (CQ) الصينية.
كما أن البعض من أسلحة داعش هى أسلحة مستخدمة سابقا فى الحروب فى ليبيا وشرق أفريقيا ومنطقة البلقان، ومعدات مخصصة للمعارضة السورية لقتال الرئيس بشار الأسد (أو حتى لمحاربة المتشددين أنفسهم) بيعت لمسلحى التنظيم أو استولوا عليها فى معاركهم.
وتضمنت الذخيرة التى تحدث عنها تقرير المركز البريطانى، خراطيش روسية وأمريكية وبنادق بلجيكية وأخرى من دول الكتلة الشرقية سابقا، فيما كانت الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات من إنتاج شركة (MBDA) للأنظمة الصاروخية، وهى شركة متعددة الجنسيات لها مكاتب فى أوروبا الغربية والولايات المتحدة.
كما تضمنت أسلحة «داعش»، أسلحة روسية وصينية وإيرانية، صنعت فى الفترة بين 2012 و2014، بينما يعود صنع بعض البنادق الروسية التى تركها مقاتلو داعش فى كوبانى إلى سنوات 1960 و1964 و1970.
20 ألف مقاتل من 90 دولة
انضم عدد كبير من الشباب من مناطق متفرقة حول العالم إلى تنظيم «داعش» خلال الأشهر الماضية، بعد حملة اعلانية يشنها التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعى، تروج لانتصارات التنظيم، وفكرة بناء «الدولة الإسلامية»، والعيش فى ظلها.
ووفق تقرير للأمم المتحدة صدر أخيرا، انضم نحو 25 ألف مقاتل من 100 دولة، أى أكثر من نصف دول العالم، إلى «داعش»، ومنظمات أخرى مثل القاعدة، فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، على مدى 9 أشهر.
ونقلت صحيفة «جارديان» البريطانية عن التقرير أن «عدد المقاتلين الذين انجذبوا للجهاد زاد بنسبة 70% على مستوى العالم على مدى 9 أشهر ماضية»، مؤكدا أنهم «يشكلون تهديدا فوريا وطويل الأجل»، فيما قالت مصادر أخرى إن الأرقام التى رصدتها المنظمة «محافظة»، وأن الرقم الحقيقى قد يصل إلى 30 ألف مقاتل حول العالم. فيما قالت وكالة الصحافة الفرنسية نقلا عن مراكز بحثية، إن تنظيم «داعش» وحده جذب قرابة 20 ألف مقاتل من 90 دولة.
وأكد التقرير أن «معدل تدفق المقاتلين أعلى من أى وقت مضى، ويتركز بشكل أساسى فى سوريا والعراق، وزيادة واضحة فى ليبيا»، لافتا إلى دول أخرى مثل تونس والمغرب وفرنسا وروسيا، بأنهم «دول ضعيفة ضد الهجمات المستقبلية، نظرا لزيادة أعداد المقاتلين الذين يخرجون منها، واحتمالية عودتهم إليها مستقبلا».
وأوضح التقرير أن «هؤلاء المقاتلين قد يعودون لموطنهم أو لدول أخرى، وسيشكلون تهديدا محليا ودوليا».
أبرز الحلفاء
جماعة «بوكو حرام»
تأسست عام 2002 بزعامة الداعية محمد يوسف، وبدأت مصادماتها مع الأمن عام 2004، ولا يعرف عدد أعضائها بالتحديد، إلا أنها تتكون أساسا من الطلبة الذين تركوا الدراسة بسبب رفضهم المناهج التربوية الغربية. ويتزعمها حاليا أبوبكر شيكاو، ويتركز نشاطها فى شمال نيجيريا، كما تحاول التوسع فى الكاميرون، تشاد، والنيجر، ويعرف عنها الاستخدام المفرط لقوة السلاح ضد العسكريين والمدنيين على السواء، كما تقوم بتنفيذ العديد من التفجيرات الانتحارية باستخدام الفتيات والأطفال. وأعلنت مبايعتها لـ«داعش» فى أول مارس الماضى، وقبل التنظيم بيعتهم بعدها بأيام.
أنصار بيت المقدس
تعد أنشط جماعة جهادية مصرية منذ قيام ثورة 25 يناير 2011 وتنشط فى شبه جزيرة سيناء، وتتكون من خليط من الفلسطينيين والمصريين الذين كانوا منضوين تحت لواء جماعة «التوحيد والجهاد» التى تبنت هجمات إرهابية استهدفت السياح الأجانب فى سيناء بين عامى 2004 و2006، بحسب مراقبين.
نفذت عدة ضربات نوعية ضد قوات الجيش والشرطة بسيناء وبعض المدنيين، غيرت اسمها إلى«ولاية سيناء»، بعد إعلان مبايعتها لـ«داعش» فى شهر نوفمبر من العام الماضى، وأثنى عليها زعيم داعش، أبوبكر البغدادى فى تسجيل صوتى بثه التنظيم.
جماعة أنصار الشريعة بتونس
تعد أهم الجماعات المتطرفة فى تونس، ظهرت بعد ثورة الياسمين 2011، يقودها التونسى سيف الله بن حسين، المعروف بـ«أبو عياض»، وهو مقاتل قديم شارك فى الحرب الأفغانية.
اتهمت بالمسئولية عن اغتيال القيادى اليسارى، شكرى بلعيد، وعضو البرلمان، محمد البراهمى، عام 2013، وحظرت حكومة القيادى بحركة النهضة، على العريض، أنشطتها فى أغسطس 2013، كما يُنسب إليها تفجير متحف باردو بتونس، مارس الماضى.
جند الخلافة بالجزائر
فرضت نفسها على ساحة الإعلام الدولى بعد إعلانها خطف مواطن فرنسى فى سبتمبر 2014، لتعود مجددا للأضواء بمبايعتها «داعش» قبل أيام. وتنشط الجماعة فى ما يعرف بـ«مثلث الموت»، وهو المثلث الذى تكمن رؤوسه الثلاثة فى مدن: تيزى وزو، بومرداس، والبويرة، المعقل الرئيس لتنظيم«القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى». ويتزعم الجماعة «قورى عبدالمالك»، الملقب بـ«خالد أبوسليمان»، وهو مسئول كتيبة «الهدى» سابقا.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.