الأقباط متحدون - مشاكل الزراعة المصرية وحلولها 1/4
أخر تحديث ٢٠:٠٨ | الاثنين ٨ يونيو ٢٠١٥ | ١بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٨٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مشاكل الزراعة المصرية وحلولها "1/4"

بقلم: د.نادر نورالدين
 
مشاكل جمة تراكمت علي مدار 35 سنة. قيدت الزراعة المصرية وحدت من انطلاقها وأخرجتها عن دورها كداعم أكبر للاقتصاد المصري ويحقق الربحية للمزارعين فيحتفلون بحصاد القمح والقطن والبرتقال والعدس والفول وقت أن كانت الزراعة المصرية سلة غذاء العرب والروس والأوروبيين. رقعة زراعية محدودة وزيادة سكانية مضطردة جعلت الأرض الزراعية غير قادرة علي ملاحقة تكاثر الأبناء فزادت الفجوة الغذائية إلي 55% من احتياجاتنا من الغذاء

وأصبحنا نستورد القمح والذرة والفول والعدس والسكر واللحوم الحمراء والزبدة البقري والألبان المجففة وزيوت الطعام. بل تحولنا من دولة كبري مصدرة للفول والعدس إلي دولة مستوردة وبارت زراعات البطاطس والبصل والثوم التي كانت من أعمدة التصدير في السابق. فمن إجمالي مساحة مصر البالغة

238 مليون فدان. لا تزيد رقعتنا الزراعية الحالية علي 8.6 مليون فدان. بنسبة 3.6% فقط. ونبني منازلنا علي مساحة مماثلة في وضع غريب لشعب يعيش علي أقل من 7% من مساحة بلده ويعاني أيضاً من محدودية المياه مثلما هو الحال في محدودية الأراضي الزراعية. هذه الرقعة الزراعية الحالية تحتاج

وحدها إلي 52 مليار متر مكعب صافية من المياه سنوياً. من إجمالي 60 مليار متر مكعب فقط تتوافر لنا منها 55.5 حصتنا في مياه النيل حتي الآن وخمسة من المياه الجوفية. بالإضافة إلي أن شبكة النقل الشاسعة من الترع البالغة 30 ألف كم طولي تلتهم بالفقد نحو 19 مليار متر مكعب سنوياً بخراً ورشحاً عميقاً وجانبياً.

ويضاف إلي ذلك نحو 15 مليار متر مكعب من المياه تحتاجها قطاعات المنازل والمحليات والصناعة. وبالتالي فالعجز الحالي من المياه في مصر يصل إلي 30

مليار م3 سنوياً بما يوضح التأثر المزدوج الذي نعاني منه من نقص الأراضي الصالحة للزراعة مع نقص المياه اللازمة لزراعة هذه الأراضي. واللازمة أيضاً لزيادة الرقعة الزراعية. فالمتحكم في الزراعة هي المياه وليست التربة. يزيد من تفاقم الأزمة تلوث مياه الترع والمصارف والتي تستخدم في الري مسببة تدهور إنتاجية التربة وتصيب الفلاحين بمختلف أمراض التلوث. كما تقلل من المحصول ليس بأقل من 25% من عدم توافر الشروط المطلوبة لسلامة الغذاء بسبب تلوث التربة والمياه وبما يؤدي إلي تراجع الصادرات الزراعية. وتشكك الدول الغربية من سلامة الغذاء المنتج في مصر. 

المشكلة الثانية تتمثل في تفتت الملكية الزراعية. حيث تشير البيانات الرسمية للحيازات في مصر إلي أن نحو 43% تقل ملكيتهم عن فدان واحد. ونحو 47.5% تتراوح ملكيتهم بين فدان إلي خمسة أفدنة أي أن نحو 91% من ملاك الأراضي الزراعية من الملكيات الصغيرة التي تصنف عالمياً علي كونها مزارع الأسرة التي تكفيهم طعاماً وكساءً فقط دون فائض. وفي هذا الصدد نود أن نشير إلي أن بعض ما يتردد من أن الإصلاح الزراعي في مصر والذي قاده الزعيم الخالد جمال عبدالناصر بتوزيع من 2 إلي خمسة أفدنة علي المعدمين من الفلاحين هو السبب الرئيسي فيما وصلنا إليه من تفتيت زراعي غير

صحيح. وأن ما يردده الدكتور مصطفي الفقي في برامجه الفضائية ليس له مرجعية علمية. لأن ما تمت مصادرته بقوانين الإصلاح الزراعي وتوزيعه علي صغار الفلاحين. لم يتجاوز نصف مليون فدان. تمثل نحو 8.4% من إجمالي المساحة الزراعية لمصر في الخمسينيات والستينيات. وبالتالي تكون قوانين الإصلاح الزراعي بريئة من تسببها في تفتيت الملكية الزراعية لأن 91.6% لم يتغير بها نمط الملكية. 
 
يزيد من تفتيت الملكية أن العديد من الملكيات السابقة موزعة علي أكثر من قطعة فمن يمتلك فداناً أو ثلاثة في حصر الأراضي قد تكون في قطع متباعدة وبمساحات نصف فدان في كل منطقة. بالإضافة إلي أن خوف بعض المزارعين من تراجع أسعار العديد من السلع الزراعية تجعله يقسم أرضه الصغيرة إلي محصولين مثل البصل والبطاطس.. أو البطاطس والطماطم. حتي إذا انهار أحدهما يسنده الآخر. وهو ما يزيد من التفتيت الحالي. والذي نسميه التفتيت

المحصولي بالإضافة إلي التفتيت الحيازي السابق.. الفقر أيضاً يؤدي إلي المزيد من التفتيت. حيث تصل نسبة حيازات الملاك لمساحة 3 أفدنة أو أقل في محافظات الصعيد الفقيرة إلي 82% مقابل 66% في محافظات الدلتا. زيادة الإنجاب في الصعيد والقري الأفقر. وليس كما يظن البعض من الصفوة أنه للعزوة والقوة. بل هو بسبب الفقر الذي يجعل من الأبناء رأس مال ومصدر دخل للأسرة تساعدهم علي المعايش. فهم يعملون بلا أجر في أراضيهم القليلة.

أو يعملون أجراء في أراضي الغير. للحصول علي المال الذي يجمعه أربعة أو خمسة من الأبناء يساهم في دخل الأسرة. وبالتالي فإن الحديث عن تحديد النسل عند فقراء الريف لن يكون مجدياً قبل محاربة الفقر والقضاء علي الجوع في مصر. وتحسين دخول الأسرة بما لا يحوجها إلي عمالة أطفالهم. هذا التزايد السكاني يخلق مشكلة كبيرة بعد ذلك عند وفاة رب الأسرة. حيث يقسم الفدان علي خمسة أو ستة أو حتي عشرة من الأبناء. مولداً وحدات أكثر تفتيتاً غير قادرة علي إعالة أسرة جديدة لكل وريث. وبالتالي يبدأ التفكير في تبويرها وبيعها كأراض مبان. أو البناء عليها. 
نستكمل في المقالات القادمة باقي المشكلات والحلول. 
 
الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة

yehiaali58@yahoo.com

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter