حادثتان طالما تكررتا في بلادي بغية ترهيب ناسها وهدم جدرانها، لتعجيز العقول، وتسكين الخوف في عيون شعب "اتمرمط" به الحال منذ انتكاسة ضمير التحضر في ربوعه، لتتشكل الخرائب وتتجدد بصفة مستمرة في هيئة مدن وأمكنة وميادين.. ونفوس مواطنين وسادة وسلطة وخدم القصر والمسجد. الكل بات فاعلا ملوث العقيدة والذمة والأخلاق، والمفعول به وفيه دائما هو الشعب.
ذبح الحمير، عندما يغش المصري أخاه المصري في قوته وطعامه ويستغل الغلاء، ويبيع له لحم الحمير.. وعندما يخرج مسئول الصحة ليعلن على الملأ أن الحمير سدت عجز البقر، ولا ضرر منها على صحة المصريين.. وعندما يلزم أهل شريعة الطعام الحلال الصمت، فاعلم أنك وسط قوم ضالين، بل ويجب أن يترسخ بداخلنا أنهم أبدا ليسوا بمصريين. وأتعجب يوم أن تقف الحمير ذات الرءوس المقطوعة تخاصم المصريين أمام خالقهم.!
لعنة مصر الفرعونية، فكيف لمصري أن يطمس حضارته ويراها كفرا وميراثها عفنا؟ بل ويعتقد أسوأ من ذلك في وجوب هدمها وقتل من يزورها وترويع من يحبها. لكنهم جهلاء باسم المتأسلمين لا يعرفون أن هذه الحضارة وإرثها مُحجَّب ومحصن بلعنة مصر الفرعونية المذكورة في كتابهم. والتي أوت خليل الله والنبي الوسيم وموسى الكليم والناصري الرضيع وأمه، ومنها خرجت مارية القبطية عروس خاتم الأنبياء وأم ولده.. ومن قبلها أم الذبيح.
هذه مصر الفرعونية، هي الباقية الخالدة في الكتاب الكريم الذي تتلونه رغم سوادكم، فقبل أن ترهبوها وتكفروها اعرفوا قدرها وقيمتها عند الله عز وجل ووعده لها بالأمان. وبالطبع لن تفهموا ماذا تعني مصر وشعبها عبر الأزمان والأمكنة!
خربوا كما تفعلون كل مرة، ولكن الخراب سيعود إليكم، ولتعلموا أنكم بحق اليقين لم تكونوا يوما مصريين، فحين ينجب الرحم المصري مثل هؤلاء فاعلم أنهم "وساخة بطن"، كما يقال في العامية المصرية عن وصف أمثالهم.
ذبح الحمير وإرهاب الكرنك، خرائب عشش غربانها على حضارة المصريين. وتوغلت في نفوس ضعاف وجهال من ينتسبون لمصر زورا وبهتانا بأنهم منها، فَعَلَا نباحهم على كل جميل وقيّم في بلادنا. لكن مهما تعهرت الضمائر ومهما فسدت عقيدة التسامح والمحبة المصرية فلابد من لحظة قدر من لحظة وعي للسلطة المصرية أن تحمي مصر من شرور الغربان وإخوان الإرهاب.
إن حادثة ذبح الحمير في الفيوم لبيع لحومها والاتجار بها استغلالا لحاجة الناس المقبلين على شهر رمضان الكريم.. وحادثة التفجير الإرهابي في معبد الكرنك بالأقصر. حادثتان بعيدتان قريبتان في آن واحد. بعيدتان في الموقع وقريبتان في الأصل. فمن المعروف أن هاتين المدينتين (الفيوم والأقصر) ذاتا أصول فرعونية عريقة. إذن فلم يكن من الغرابة أن يتم كشف وفضح المخطط لإيقاعهما. إنها لعنة مصر الفرعونية القديمة وقوة "تحيا مصر" الحديثة في عهدها الجديد.
نقلا عن فيتو