الأقباط متحدون - د. عمارة يناطح الصخر!
أخر تحديث ٠٠:٤٠ | الاثنين ١٥ يونيو ٢٠١٥ | ٨بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٩٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

د. عمارة يناطح الصخر!

بقلم منير بشاى
مازال د. عمارة يمارس هوايته المفضلة فى الهجوم على المسيحية.  هذه المرة خرج علينا برأى نشره فى مجلة الازهر يقول ان "المسيحية ديانة فاشلة".  د. عمارة يظن انه قادر على هدم المسيحية، ولكن عليه ان يراجع التاريخ ليعرف ان من حاولوا قبله فشلوا وبقيت المسيحية وستظل ليوم القيامة.  المسيحية التى ظنوها ضعيفة فاشلة لانها رقيقة هادئة كانت تحمل فى طياتها صلابة الصخر.  قال السيد المسيح "على هذه الصخرة ابنى كنيستى وابواب الجحيم لن تقوى عليها" (متى 16: 18) وكل من اصطدم بتلك الصخرة يترضض ومن سقطت هى عليه تسحقه (لوقا 20: 18)
ومن الطبيعى اننا نختلف مع د. عمارة ونعتقد ان  رأيه صادر عن جهل وتعصب.  ومع ذلك سنناقش ذلك الرأى لمعرفة الاسباب التى ربما دفعته الى الاعتقاد ان المسيحية ديانة فاشلة.
 
المسيحية فشلت فى راى د. عمارة لأنها انحازت للفقر بدل الثروة.
لا اظن ان دينا ولد فقيرا واستمر فقيرا يستهوى د. عمارة.  فى اى بيزنس يقاس النجاح بحجم رأس المال والمسيحية لم يكن المال يوما رأس مالها.  مؤسس المسيحية جاء من اسرة فقيرة ونسب الى نجار بسيط.  فى مولده اضجعوه فى مزود للبقر وفى حياته لم يمتلك بيتا ولم يكن له اين يسند رأسه وكانت النساء تخدمنه من اموالهن وعندما مات دفن فى قبر مستعار.  اختار تلاميذه من الفقراء غير المتعلمين غالبيتهم من صيادى السمك.  وبعد ان فارقهم لم يترك لهم ثروة لتمويل الدعوة الجديدة.  عندما بدأت الكرازة بالمسيحية واجه اتباعه الاضطهاد.  والكثيرون ممن اعتنقوا المسيحية فقدوا مصدر رزقهم وانضموا الى مجتمع يعانى الفقر والحاجة.  ولم يكن امامهم الا ان يبيعوا ما لديهم من بيوت وحقول ويضعوا اثمانها تحت ارجل الرسل لسد الاحتياجات الضرورية.  ولكن الاضطهاد شتت المسيحيون الأوائل حيث نجحوا اينما ذهبوا ومن هناك استطاعوا مساعدة الكنيسة الام الفقيرة فى اورشليم.  ولكن المسيحية لم تفرض يوما نوعا من الجزية على الناس ولم تغتنى عن طريق البلطجة وفرض الاتاوات.  ومع ذلك فان متطلبات الخدمة ورعاية المحتاجين واقامة اعمال الخير لكل البشر كان يتم تدبيرها على مر العصور وبدون مشكلة.
 
المسيحية فشلت فى رأى د. عمارة لانها التزمت بحرية الاختيار بدل الاجبار.
لم تنتشر المسيحية بقوة السيف بل باقناع الضمير. وحيثما ذهب المسيحيون كانوا كارزين لا فاتحين.  فمثلا بعد عظة للرسول بطرس تبكت الناس على خطاياهم واتوا من تلقاء ذواتهم معلنين توبتهم (أعمال 2: 37).  ويبدو ان هذه طريقة الفاشلين عند د. عمارة فالاجبار ياتى بنتائج اكبر واسرع.  والغزوات يمكن ان تحول دولا باكملها للدين.  ومثال آخر انه عندما ارتد بعض المؤمنين كان الرسول بولس يذكرهم باكيا (فيلبى 3: 18) وقد يكون هذا البكاء وسيلة الضعفاء الفاشلين عند  د. عمارة.  الطريقة السليمة عنده انه بدلا من البكاء عليهم دعهم يبكون هم على انفسهم عندما يعرفون ان مصيرهم كمرتدين هو القتل.  ود.عمارة لا يفهم كيف عندما صارت المسيحية فى عصر الامبراطور قسطنطين ديانة الامبراطورية الرومانية الرسمية ان المسيحيين لم يستغلوا هذه الفرصة لاجبار غيرهم على اعتناقها او على الاقل ان يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون.  كما انه لا يفهم كيف لا يستغل المسيحيون اليوم الفرصة وهم يكونون الغالبية فى الدول الغربية المتفوقة عسكريا لاخضاع العالم كله تحت هيمنتهم وانشاء الدولة المسيحية الكبرى على غرار دولة الخلافة. 
 
المسيحية فشلت فى راى د. عمارة لانها نادت بالمحبة بدل الكراهية.
من حق د. عمارة ان يستغرب من سذاجة المسيحيين الذين ينادون بمحبة اعدائهم ومباركة لاعنيهم والاحسان الى مبغضيهم والصلاة من اجل من يسيئون اليهم ويطردونهم.  اى اله هذا الذى يامر اتباعه بمحبة العدو؟  هو قد يظن ان عقيدة الولاء والبراء اكثر منطقية، وان الانسان المؤمن هو من يحب فى الله ويكره فى الله.  فالحب عنده يقدم فقط للمؤمن اما المخالفين فى الدين فهم كفار لا يستحقون حتى ان يلقى عليهم السلام او ان يهنئهم فى مناسباتهم السارة.  واذا اظهر لهم الود فيكون نوعا من التقية ان كان يخشى بطشهم والى ان يقوى عليهم فحينئذ يظهر لهم الكراهية.
 
المسيحية فشلت فى رأى د. عمارة لأنها تبنت الروحيات بدل الماديات.
فماذا ينتفع د. عمارة من الروحيات؟ هل ستشبع بطنه الخاوية؟ هل ستملأ جيبه الفارغ؟ المزايا هى ما يضع يده عليها وما يأكلها ويتلذذ بها.  حتى الجنة عنده هى جنة الجنس الدائم والفواكه واللحوم وشرب انهار الخمور وكل ما كان يشتهيه على الارض وكان محروما منه.  الكلام عن لذة الروح فى الوجود فى محضر الله وفى تسبيحه وتمجيده ليل نهار تستعمل لغة لا يفهم مفرداتها.  المسيحية فى رأى د. عمارة قد فشلت فى ان تلبى مطالب الجسد التى يعتبرها مقياس النجاح.
 
المسيحية فشلت فى رأ ى د. عمارة لأنها شجعت الضعف بدل القوة
من الامور التى ربما اصطدم بها د. عمارة ما يتردد عن ان المسيحية دين يشجع على الضعف والمسكنة.  ولكن ما يظنه البعض ضعفا هو القوة وما يعتقدونه قوة هو الضعف.  فمن الأقوى: من يسىء الى من احسن اليه ام من يسىء الى من اساء اليه أم من يغفر لمن اساء اليه؟ ومن الأسمى: من يكره محبيه ام من يكره اعدائه ام من يحب اعدائه؟ 
 
وبعد- يبدو ان مشكلة د. عمارة انه لا يفهم روح المسيحية ولذلك فهو يعتبرها ديانة فاشلة.  على د. عمارة ان يعرف ان الامور الالهية لا يمكن ان يفهمها بذكائه الارضى ومعرفته البشرية، ولكن عندما ياتي الى الله فى بساطة وتواضع الاطفال.  هذا ما طلبه السيد المسيح فى صلاته "أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ، رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنْ هكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ"  لوقا 10: 21
 
Mounir.bishay@sbcglobal.net
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter