وصلتنى من د.فيفيان فؤاد، منسقة بناء القدرات والتدريب بالمشروع الوطنى لمناهضة ختان الإناث بوزارة الدولة للسكان، هذه الرسالة التى توضح الجديد فى قضية ختان البنات من حيث الأرقام وجهود المشروع، تقول د. فيفيان:
«فى البداية أود أن أشكرك على تبنيك المستمر قضية ختان الإناث منذ أكثر من عشرين عاما، كما أشكرك على صفحتك الرائعة (بالطو أبيض) على جريدة (المصرى اليوم)، والتى تناولت فيها موضوع ختان الإناث بالتفصيل وبإخراج صحفى رائع، كما تأتى هذه التغطية مع ذكرى اليوم الوطنى لمناهضة ختان الإناث 14 يونيو 2007، ذكرى وفاة الطفلة (بدور) إحدى ضحايا ختان الإناث، وقد شجعتنى هذه الصفحة على التعليق والكتابة حول المستجدات فى قضية ختان البنات، والتى من شأنها أن تقلل من انتشار هذه الممارسة التقليدية فى مصر.
هل الختان بكل شروره وأخطاره هو قَدَر المرأة المصرية لا فرار منه، خاصة أنه ارتبط بفكرة ذكورية تقول إنه يضبط الرغبة الجنسية الجامحة لدى المرأة ويطمئن الرجل على عفة ابنته وزوجته؟، وفى العقدين الأخيرين استمدت هذه الممارسة العنيفة قوة سياسية جديدة، مصدرها مجموعات الإسلام السياسى السلفى، التى شجعت ختان البنات باعتباره شعيرة من شعائر الإسلام، ينبغى التمسك بها ضد المؤامرات الغربية!!، لذلك كان إلغاء قانون تجريم ختان الإناث مشروعاً، حاول بعض النواب السلفيين تقديمه فى برلمان 2012، الذى سيطر عليه الإخوان والسلفيون، وهى إحدى المفارقات المحزنة.
وبالرغم من كل ما سبق، فإن التغيير قادم لا محالة، ليس هذا من قبيل التمنى أو الأمل، بل هو رصد دقيق للتغيرات السياسية والثقافية والدستورية والقانونية التى حدثت وتحدث فى بنية المجتمع، والتى سوف تؤدى إلى تخلى الأجيال الجديدة عن هذه الممارسة القاسية، أهمها ما يلى:
- الحماية من الختان أصبحت الآن حقاً دستورياً للمرأة والطفلة المصرية طبقاً لدستور 2014 الذى أقر للمرة الأولى فى تاريخ الدساتير المصرية بالتزام الدولة بمناهضة العنف ضد المرأة والطفلة المصرية. ويعد الختان بالتأكيد واحدا من أقسى أشكال العنف التى تمارس ضدهما.
- ختان الإناث الآن جريمة بنص قانون العقوبات ( 242 مكرر)، الذى صدر عام 2008، ورغم أن تطبيق القانون تم لأول مرة بعد سبع سنوات من صدوره، مع أول حكم من محكمة استئناف المنصورة بمعاقبة طبيب وأب اشتركا فى ختان الطفلة (سهير باتع) بالدقهلية فى يناير 2015، إلا أن هذه القضية سوف تشكل سابقة قضائية، وسوف تكون البداية لقضايا كثيرة مماثلة.
- قانون تجريم ختان الإناث أدخل مصطلحا جديدا فى الثقافة المجتمعية أن (ختان الإناث جريمة)، وبذلك لم يعد عادة أو عرفا يمكن التسامح بشأنهما. إنها - ولا شك - ثقافة قانونية جديدة، ستكون قادرة مع الوقت على تغيير اتجاهات الأجيال الجديدة تجاه هذه الممارسة ورفضها.
- وفى ظل ديمقراطية المعرفة التى تتيحها الآن صفحات التواصل الاجتماعى على شبكة الإنترنت، فإن المعارف العلمية والدينية والثقافية الموثقة حول جريمة ختان الإناث - التى كانت محجوبة سابقاً - أصبحت الآن متاحة أمام أجيال الشباب. وهى كفيلة بتكوين ثقافة نقدية وعلمية ضد الأفكار الأسطورية المنتشرة حول ختان الإناث فى عقول المصريين منذ عصور طويلة.
وأخيرا، فإن معدلات انتشار الختان وسط الأجيال الأصغر من البنات تقل من سنة إلى أخرى، وهى بالتأكيد أقل من معدلات انتشاره فى الأجيال الأكبر من السيدات. فقد أثبت المسح الصحى السكانى 2014 الذى صدر من وزارة الصحة مؤخراً: أن معدل انتشار الختان فى السيدات المتزوجات من سن «15- 49 سنة» هو 92%، بينما وسط الفتيات من سن «15 - 17 سنة» هو 61%.
وقد انخفضت ممارسة الختان بنسبة 13% فى الفئة العمرية من 15 – 17 سنة فى ست سنوات فقط، حيث كانت 74% عام 2008 وسجلت 61% عام 2014. إن متابعة وقياس معدلات الانتشار وسط هذه الفئة العمرية مهم جدا، سواء على المستوى البحثى أو الإعلامى، لأن ختان البنات لا يجرى بعد سن 15 سنة - إلا نادراً - ما يعكس الوضع الحقيقى لانتشار الممارسة فى هذا الأجيال الجديدة والتغييرات الحادثة بشأنها.
ختان الإناث لم يعد قَدَراً على المرأة المصرية بعد ذلك».
نقلا عن المصري اليوم