الأقباط متحدون - اختراق المنظمات الدولية
أخر تحديث ١٩:٤٠ | الاثنين ١٥ يونيو ٢٠١٥ | ٨بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٩٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

اختراق المنظمات الدولية

عماد جاد
عماد جاد

أصدرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» تقريرا عن حالة حقوق الإنسان فى مصر بمناسبة مرور عام على حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو أمر غير مسبوق فى تاريخ هذه المنظمة التى عادة ما تراقب حالة حقوق الإنسان فى دول العالم المختلفة وتصدر تقريرا سنويا عنها، صحيح أن التقرير عادة ما يكون مسيسا، بمعنى أنه يتماشى إلى حد كبير مع رؤية السياسة الخارجية الأمريكية، ومن ثم تحظى الدول الصديقة للولايات المتحدة بميزة التغاضى عن بعض المخالفات والانتهاكات، عكس حال الدول التى لا تتوافق مع السياسة الأمريكية فتخصها المنظمة بقدر أكبر من اهتمام عبر التفصيل والتزيد فى ملفات حقوق الإنسان الخاصة بها، كما تطغى السياسة على «حقوق الإنسان» فى تقييم الحالة فى هذه الدول. وتعد مصر اليوم من أكثر الدول التى تحظى باهتمام خاص من قبل هذه المنظمة الأمريكية، والسبب هنا مركب ومختلط، فمصر اليوم لا تتوافق مع السياسة الأمريكية بل هناك من يراها تسير بعيدا عن الفلك الأمريكى الذى سارت فيه على مدار أربعة عقود بالتمام والكمال منذ عام ١٩٧٤ وحتى سقوط مرسى عام ٢٠١٣،

وفى نفس الوقت أسقطت مصر حكم المرشد والجماعة الذى كانت ترعاه واشنطن وتراهن عليه لتنفيذ مخطط تفتيت المنطقة، فى وقت زرعت فيه الجماعة خلاياها داخل منظمات ومؤسسات دولية عديدة لاسيما التى تعمل فى مجال حقوق الإنسان، ووصلت عناصرها إلى مواقع قريبة للغاية من دوائر صنع القرار فى عواصم عالمية على رأسها واشنطن، ومع سقوط حكم المرشد والجماعة تحالفت السياسة الأمريكية مع المنظمات العاملة فى مجال حقوق الإنسان وعبر خلايا الجماعة الساكنة فى هياكل بعض هذه المؤسسات جرى الترويج لمقولات الجماعة ضد النظام المصرى الحالى.

نجح التنظيم الدولى لجماعة الإخوان فى زرع خلاياه داخل مؤسسات ومنظمات دولية تعمل فى مجال حقوق الإنسان على نحو جعل هذه المؤسسات وتلك المنظمات أقرب إلى فروع للجماعة منها منظمات دولية عاملة وفق أسس موضوعية عامة مجردة. ولم يتوقف مخطط التنظيم الدولى عند هذا الحد، بل استطاع شراء مواقف وذمم شخصيات تشغل مواقع دولية هامة لاسيما الآتين منهم من العالم الثالث وتحديدا من بعض الدول الأفريقية جنوب الصحراء وبعض الدول الآسيوية الفقيرة، حيث تستخدم الأموال القطرية وأموال التنظيم الدولى للجماعة فى شراء ذمم هذه الشخصيات ومن ثم تتبنى تلقائيا مواقف الجماعة وتردد أقوالها. فى واشنطن ونيويورك التقينا بعشرات النماذج من هذه الشخصيات التى تعمل فى منظمات ومراكز بحثية، فنجدهم يشاركون فى الندوات والمؤتمرات للدفاع عن الجماعة، عن مرسى والمرشد، يرددون مقولات الجماعة عن انقلاب ٣٠ يونيو وقتل الآلاف فى رابعة والنهضة. ومن بين المنظمات الدولية التى تم زرع خلايا إخوانية داخلها وتقديم أموال لها لتغطية أنشطتها، منظمة «هيومان رايتس ووتش» تلك المنظمة الدولية التى تعمل فى مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وكشف الانتهاكات التى تقع فى أى مكان فى العالم. ومنذ الثلاثين من يونيو بدأت المنظمة تركز على الأوضاع فى مصر، وبدا واضحا أن فريق المنظمة الذى جاء إلى مصر يعمل كأداة لجماعة الإخوان، فقد تغافل الفريق تماماً عن جرائم الجماعة وميليشياتها المسلحة، وركز على جهود رجال الشرطة فى مواجهة الجماعات الإرهابية، لم ترصد المنظمة أيا من الجرائم الكبرى التى ارتكبتها الجماعة وميليشياتها المسلحة، لم تسجل اقتحام أقسام الشرطة، قتل وسحل الضباط والصف والجنود، حرق الكنائس والأديرة التاريخية، لم تسجل أيا من هذه الجرائم، سجلت فض اعتصامى رابعة والنهضة واعتبرت ذلك نموذجا على الاستخدام المفرط للقوة، لم تذكر أى شىء عن جرائم الاعتصامين ولم تشر من قريب أو بعيد للأسلحة التى كانت موجودة داخل الاعتصامين. وقد اختارت المنظمة الإعلان عن تقريرها حول الاعتصامين فى الذكرى السنوية الأولى وهو قرار متعمد للإثارة والتهييج، فالمفترض أن عمل هذه المنظمات لا علاقة له بتوقيت من هذا النوع إلا إذا جاء فى سياق التنسيق مع التنظيم الدولى بحيث يستخدم التقرير فى التشهير بالنظام المصرى لخدمة مخطط الجماعة.

ومع دعوة الجبهة السلفية والتنظيم الدولى للجماعة إلى «ثورة مسلحة» فى الثامن والعشرين من نوفمبر من العام الماضى تحت مسمى «ثورة الشباب المسلم» طلبت المنظمة رسميا التواجد فى البلاد لمراقبة الأحداث فى ذلك اليوم وهى أول مرة فى تاريخ عمل منظمة دولية تعمل فى مجال حقوق الإنسان، تطلب فيها مراقبة أعمال عنف مسلحة متوقعة من جماعات خارجة على القانون. وتفيد معلومات المنظمات الحقوقية المصرية الوطنية أن أعضاء من المنظمة دخلوا البلاد فرادى لأسباب متنوعة وأنهم ينوون التنسيق لكتابة تقارير تتحدث عن عنف جهاز الشرطة ضد المتظاهرين فى الثامن والعشرين من نوفمبر ٢٠١٤، يفعلون ذلك وهم يعلمون تماماً أن الدعوة هى لثورة مسلحة ضد النظام، وهو أمر غير مسبوق فى تاريخ المنظمات العاملة فى مجال حقوق الإنسان، ولا توجد دولة فى العالم تتعامل سلميا مع مسيرات مسلحة، فالدولة مسؤولة عن تأمين مواطنيها وحماية المنشآت العامة والممتلكات الخاصة، ومن ثم من حقها أن تستخدم القوة لحفظ الأمن والاستقرار ومواجهة كافة مظاهر الخروج على القانون، ومن حق مصر محاسبة أعضاء هذه المنظمة الذين يعملون ضد الأمن القومى للبلاد. وجاء تقرير الجماعة بمناسبة مرور عام على حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو تقرير محشو بالأكاذيب والافتراءات والمغالطات، خلاصته أن الشعب المصرى يعيش فى ظل نظام قمعى ديكتاتورى وأن سقف الحريات قد انخفض فى البلاد وأن وقائع القتل تجرى بالآلاف والاعتقال يتم بحق عشرات الآلاف.. إلى آخر تلك القائمة من الاتهامات غير الصحيحة، جاء هذا التقرير ليكشف عن الانحراف المتزايد فى مسار عمل منظمات حقوقية، وفروعها المحلية والمتعاونة معها، فهناك مراكز حقوقية محلية كرست جهودها لخدمة أهداف منظمات دولية مقابل منح مالية ضخمة، يجرى ذلك فى وقت تزايد فيه اختراق الجماعة والتنظيم الدولى لمؤسسات ومنظمات دولية وهو الأمر الذى يقتضى يقظة مؤسسات الدولة المصرية وإعادة النظر الشاملة فى تعاطيها مع هذا الملف برمته بحيث لا يقتصر على البعد الأمنى فقط، بل تكون له أبعاد سياسية وعلمية ومالية أيضا حماية للأمن القومى وصيانة لمصالح مصر العليا.
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع