بقلم: يوسف سيدهم
قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها-(539)
انقضي عام علي رئاسة السيسي لمصر وانبرت أقلام كثيرة وبرامج إعلامية أكثر في تقييم أدائه في السنة الأولي من تحمله مسئولية رئيس الجمهورية,وبالرغم من أن هذه الفترة تعتبر قصيرة نسبيا للحكم علي إنجازاته إلا أن الغالبية العظمي ممن أدلوا بآرائهم عبروا عن عميق التقدير لشخصه وأدائه وإنجازاته خلال العام الأول لرئاسته.
بالفعل الرئيس السيسي احتفظ بحب المصريين وتقديرهم ومؤازرتهم له…فقد كان صادقا معهم وحرص علي تنفيذما وعدهم به قبل انتخابه,كما نجح في النفاذ إلي قلوبهم بلغته البسيطة وحديثه الصادق المقنع علاوة علي قدرته علي حشد همة شعبه نحو العمل الدؤوب والشاق الذي تحتاجه هذه المرحلة…لم يعد المصريين بأنه جاء ومعه عصا سحرية تحقق المعجزات بل صارحهم بأنه لن يستطيع وحده إنقاذ مصر وأنه بهم ومعهم يستطيع ذلك.
تجلت هذه الرؤية والحكمة في أعظم صورها عند طرح مشروع قناة السويس الجديدة…فبينما كان المصريون يتهيأون لمسارعة الدول الصديقة ومنظمات التمويل الدولية لتمويل هذا المشروع الضخم,فاجأ السيسي المصريين بأنه لا أحد غيرهم سيتولي تمويل المشروع وأن العالم يمكن أن يساعد مصر في شتي المجالات إلا هذا المشروع القومي الضخم الذي سيقدمه شعب مصر هدية للعالم وللتجارة العالمية…وكان لتلك الدعوة مفعول السحر,فما أن فتح الباب لاكتتاب المصريين في وثائق استثمار مشروع قناة السويس الجديدة حتي هرعوا يتسابقون لشراء الوثائق وتم استكمال مساهمات تتجاوز ستين مليار جنيه في زمن قياسي لم يتجاوز عشرة أيام…وها هي مصر بعد عام واحد من رئاسة السيسي وبعد عام واحد من إطلاق إشارة البدء في حفر القناة الجديدة تتأهب لافتتاح المشروع-في زمن قياسي أيضا بفضل التحدي الذي فرضه السيسي بضغط مدة تنفيذه من ثلاث سنوات إلي سنة واحدة.
ثم جاءت سلسلة زيارات السيسي لدول العالم سواء علي المستوي العربي لتوطيد علاقات الأخوة,أو علي المستوي الأفريقي لتنشيط وترسيخ علاقات الصداقة وخاصة مع إثيوبيا,أو علي المستوي العالمي لربط المصالح الاستراتيجية المصرية بدول عملاقة مثل روسيا والصين والولايات المتحدة ودول أوروبا التي بدأها بمثلث مصر-قبرص-اليونان, وجاءت خاتمتها-وليس آخرتها-زيارته الأخيرة لألمانيا والمجر الأسبوع الماضي.
في كل هذه الزيارات كان السيسي خير سفير لمصر والمصريين….نجح في زرع الثقة والاحترام والتقدير وبالتالي نجح في عقد الاتفاقيات وترسيخ أواصر الصداقة والتعاون علي كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها…وكان موفقا وحكيما في حرصه علي اكتساب أصدقاء جدد لمصر دون التفريط في الأصدقاء القدامي…لم يناصب أحدا العداء ولم يستدرج لمهاترات كلامية ولم يستفز من تصريحات أو مواقف معادية بل أشعر الجميع أنه مدين لهم بتفسير كافة الأمور التي استعصي إدراكها عليهم وتوضيح إرادة المصريين التي تفجرت في30يونية وما تبع ذلك من خريطة طريق لتصحيح مسار ثورة 25يناير,علاوة علي طمأنة الجميع من أن في مصر سلطة قضائية مستقلة راسخة لايتدخل أحد في عملها أو قراراتها,بالإضافة إلي تأكيده علي الالتزام بالمسار الديمقراطي وإنجاز الاستحقاق الثالث من خريطة الطريق وهو الانتخابات البرلمانية قبل نهاية هذا العام.
ووسط كل تلك الإنجازات الملفتة كان السيسي نجم عرس مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي غرس بذور الإصلاح الاقتصادي وهيأ التربة الصالحة لدعوة كافة دول العالم والمؤسسات الدولية للاستثمار في مصر…الأمر الذي لم تقطف مصر ثماره بعد لكن جميع المؤشرات تشير إلي أن ثماره تنبت في تربة واعدة وستنمو وتعود علي المصريين بالنفع والخير الوفير في غضون عامين بإذن الله.
ولايفوتني أن أسجل أن كل ما ذكرته من إنجازات السيسي خلال عامه الأول في الرئاسة تم وسط تحد رهيب في مقاومة الإرهاب وحماية مصر والمصريين من شروره ووسط تضحيات جمة بذلها ويستمر يبذلها مصريون بررة في الجيش والشرطة والقضاء وكافة مؤسسات الدولة…ذلك كان مشهدا كئيبا ووطنيا في ذات الوقت, سطر فصوله الإرهاب اللعين لكنه قوبل ببسالة وإصرار علي القضاء عليه من جانب جميع المصريين.
والآن…إذا كنت قد سجلت الإنجازات والنجاحات التي حفل بها العام الأول لرئاسة السيسي,يجب أيضا أن أسجل مواقفه المشرفة تجاه الأقباط وكيف حرص علي عدم التفرقة بينهم وبين المصريين,حيث تجلي ذلك في الاستعانة بالأكفاء منهم ضمن مستشاريه ومعاونيه في مؤسسة الرئاسة,وفي وزراء حكومته,كما تجلي في حرصه علي الذهاب بنفسه للتهنئة في عيدهم-وكانت مفاجأة سارة أسعدتهم جدا- ولم يتوافن في التواصل مع رئاسة الكنيسة كلما دعت الحاجة إلي ذلك,وكان أبلغ دليل علي مساواته بين أقباط مصر والمصريين ماحدث إبان المأساة الإرهابية لداعش في ليبيا والتي راح ضحيتها 21شابا قبطيا,حيث سارع السيسي بعقد مجلس الدفاع الوطني ليلة إذاعة نبأ الحادث المشئوم وقرر توجيه ضربات قاسية مباغتة ومجهضة لفلول ومراكز داعش انتقاما لدماء أولئك الشهداء الأبرياء وذودا عن كرامة مصر التي حاولوا وضعها علي المحك.
لكن ماهو المسكوت عنه إذا مادامت الإنجازات والنجاحات بهذه الكثرة والقوة في العام الأول لرئاسة السيسي؟…الحقيقة أنه كما يشير الجزء الثاني من عنوان هذا المقال مايزال الأقباط في انتظار إصلاح وطمأنة وتشريع في أمور ترتبط بها جوانب مهمة من حياتهم تقف معلقة مؤجلة بسبب انقضاء نحو عام دون إنجاز الانتخابات البرلمانية وتفعيل الدور البرلماني الذي ينص عليه الدستور في التشريع…فإذا كان الدستور ينص علي أنه يجوز لرئيس الجمهورية -في غيبة البرلمان- إصدار قرارات بقوانين علي أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يوما من انعقاد البرلمان حال انتخابه,لماذا لايبادر الرئيس السيسي بوضع حد للجمود التشريعي الذي يجثم علي صدور الأقباط في الآتي:
0إجازة اللائحة الجديدة لانتخاب البابا.
0إجازة اللائحة الجديدة للأحوال الشخصية للمسيحيين.
0قانون بناء وترميم الكنائس بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية.
إن الرئيس السيسي بادر بإصدار قرارات جمهورية عديدة لها قوة القانون-عملا بما ينص عليه الدستور-في مجالات شتي حتي لا ينشأ فراغ تشريعي نتيجة تأخر مجئ البرلمان…والمساواة في حقوق المواطنة يقتضي أن ينال الأقباط مبادرات مماثلة من الرئيس لتحريك المياه الراكدة في واقعهم القبطي.