تكونت لدىَّ خبرة حياة تتمثل في أن الإنسان كائن لمراجعة تفكيره وقابل لتغيير آراه ورؤاه، في ظل ما يمر به ويعيشه من تجارب وما يتراكم لديه من خبرات، وما يتكشف له من معلومات جديدة كانت خافية عنه.. ومع ذلك لم أصادف إخوانيا سابقا ممن تركوا جماعة الإخوان سواء بإرادتهم أو مكرهين، لا يشوب حديثه تشابها قل أو زاد أحيانًا مع أحاديث الإخوان، خاصة ما يتعلق بمظلوميتهم التي حرصوا على صياغتها بدهاء شديد على مدى أكثر من ثمانية عقود، هي كل عمر جماعتهم.
هناك من بين هؤلاء من يتحدثون عن حسن البنا - مؤسس الجماعة - وكأنه ملاك أو لا سمح الله نبي جديد، أنشأ تنظيما من أجل خدمة الإسلام ونشر الدعوة الإسلامية في ربوع البلاد وبلاد المنطقة التي ننتمي إليها، وكأنه لم يؤسس مع جماعته تلك، تنظيما سريا وجهازا خاصا؛ للقيام بأعمال القتل والتفجير والحرق والتخريب والتدمير.. ولذلك يردد هؤلاء دوما أن الجماعة انحرفت على يد سيد قطب بأفكاره التكفيرية، وكأن التكفير لم يكن مبدأ أساسيا للجماعة منذ نشأتها الأولى في أواخر عشرينيات القرن الماضي.
وهناك من بين هؤلاء من يتحدثون عن عمر التلمساني، وكأنه هو أيضًا ملاك طاهر ووجه سمح للجماعة وليس مرشدا للجماعة، نهج خطة اختراق الجماعة للمجتمع المدني المصري، وهو الذي جمع حوله عددا من شباب الجماعة الإسلامية بالقاهرة وجامعاتها واستخدمهم في تنفيذ اختراق الإخوان للنقابات المهنية، وكاد يؤسس بهم حزبا سياسيا، وهؤلاء هم من صاروا عناوين كارثة التطرف الديني والسياسي والعنف، ومن بينهم أبو الفتوح وعصام العريان وأبو العلا ماضي وعصام سلطان.
إن هؤلاء يثيرون شكوكي شخصيًا في نوبتهم عن الفكر الإخواني، ويدفعني للبحث عن أسباب أخرى ترتبط بالمصالح لتركهم جماعة الإخوان أو إجبارهم على ذلك.. ونكمل غدا.
نقلا عن فيتو