ما حدث اليوم فى الشيخ زويد، عقب اغتيال النائب العام المصرى المستشار هشام بركات بيومين، وما حدث، من قبل، فى القاهرة والجيزة والقليوبية، كالمطرية وكرداسة والوراق وعين شمس والخانكة، هو حرب إقليمية، بمعنى الكلمة، ضد مصر.
حرب أطلقتها قوى الغدر والخيانة فى كل من إسطنبول والدوحة وغزة، وتقوم بتنفيذها، على الأرض، جماعات إرهابية لا دين لها ولا وطن، مثل جماعة الإخوان وأنصار بيت المقدس وجند الله.. وغيرهم، بهدف تركيع البلاد والعباد.
حرب، قد تثقل القلب، لكن ما بيدنا حيلة، فأبناؤنا يقتلون ويخطفون ويذبحون، ونحن ملتزمون بصحيح القانون، وإجراءاته، لقد ظللنا دهرا مقتنعين بأن السبب وراء تأخر صدور تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية مرده عدم وجود إرادة سياسية بذلك حتى سمعنا الرئيس يتحدث غاضبا منذ يومين مع السادة القضاة قائلا: لقد انتظرنا عامين كاملين لكى تصنعوا لنا قانونا رادعا وحاسما فى مواجهة الإرهاب، فلم تفعلوا. إذن الإرادة السياسية كانت متوافرة، فمن عطل تلك الإرادة، ومن له مصلحة فى أن تظل أوامر القتل تخرج من السجون، من مرتدى البدلة الحمراء، فيقتل أبناؤنا ويظلوا هم أحياء يصدرون المزيد من أوامر القتل كل يوم، لأن قانون الإجراءات الجنائية يحميهم.
إن الأيادى المرتعشة، يا سادة، لا تبنى الأوطان، هكذا أثبتت الأيام، فالإرهاب يعيش عكسيا مع الطريقة التى يتم مواجهته بها، فإذا كانت قوية، ضعف، وإذا كانت ضعيفة، استقوى علينا.
معادلة بسيطة، أثبتت صحتها عبر كل العصور، من عهد الملك فاروق وحكوماته وحتى الرئيس الأسبق مبارك، مرورا بالرئيسين عبدالناصر والسادات.
المعركة مع الإرهاب ليس معركة حربية تقليدية، خاسر من يعتبرها أو يخوضها بهذا المفهوم، أو بأدوات مثل تلك التى تستخدم فى تلك الحروب، كالطائرات ومدافع الهاون، والدبابات، حرب الإرهاب تقوم على المعلومات وطريقة التعامل معها وتحليلها، والقرار الذى يتخذ على ضوئها، وكيفية تنفيذه بطرق مبتكرة بواسطة أفراد على أعلى مستوى من التدريب.
ليست البندقية ولا حجم النيران، هما ما يحدد إطار المعركة، إنما حجب الدعم اللوجستى من مال وسلاح ومعسكرات آمنة للتدريب، عن تلك الجماعات، هو ما يحدد إطار المعركة.
وهنا يأتى الحديث، ودون مواربة عن حركة حماس وما تقوم به على الحدود الشرقية، فقد ثبت فى أكثر من عملية أن الحركة وكتائبها هى من تقف وراء تقديم كافة أمور الدعم اللوجستى لتلك الجماعات المسماة بأنصار بيت المقدس وجند الله وآخرين.
فطالما الأموال تنهمر على تلك الجماعات الإرهابية، عبر وسطاء حركة حماس، وما دام التدريب والتزود بالسلاح وتوفير أماكن الاختباء، ورسم الخطط، والتغطية على العمليات سوف يستمر، دون عقاب، فسيستمر أبناؤنا يدفعون الثمن من دمائهم كل يوم.
اقتلوهم حيث ثقفتموهم، إذن، وشردوا بهم من تحتهم ومن بين أرجلهم، لا تأخذكم بهم رحمة أو شفقة، اجعلوهم يألمون كما نألم، كل من قدم دعما لوجستيا لهذه العمليات الإجرامية الخسيسة، من قادة وكوادر حركة حماس الإرهابية، كل من مول فى الدوحة وإسطنبول، لأن من يأمن من العقاب يستمر فى إساءة الأدب.
ونحن هنا لا نخترع العجلة، إذ إن لدينا تجربة واسعة فى مواجهة الإرهاب سواء ما عانينا منه فى تسعينيات القرن الماضى أو ما عاصرناه فى بداية الألفية الثانية، وفى المرتين قمنا بتركيعه، وإجباره إما على إعلان وقف العنف وإلقاء السلاح دون قيد أو شرط، كما حدث مع جماعتى الجهاد والجماعة الإسلامية فى تسعينيات القرن الماضي، وإما على الهرب والتخفى لسنوات طويلة مثلما حدث مع تنظيم التوحيد والجهاد فى ٢٠٠٦.
معادلات بسيطة ومحفوظة، طبقها أساطير فى جهاز الأمن جميعهم اليوم بين يدى الله، كالمرحوم اللواء أحمد العادلي، والمرحوم اللواء أحمد رأفت.
حقائق قديمة:
فى هذه الزواية منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، كتبت رسالة مفتوحة إلى السيد الرئيس، شرحت فيها تجربة مواجهة الإرهاب فى تسعينيات القرن الماضي، مع وعينا التام وإدراكنا، بالطبع، للفروق بين المعركتين.
فقد كانت المشكلات التى تحاصر جهاز الأمن، آنذاك، ١٩٩٠-١٩٩٤، وهى عين المشكلات التى تحاصره الآن، تنحصر فى مشكلتين رئيسيتين: الأولى عدم توافر قاعدة معلومات متكاملة عن التنظيمات الإرهابية وتشكيلاتها الداخلية وامتداداتها الخارجية وسبل تمويلها ومن يقدمون الدعم اللوجستى لها، والثانية غياب رجل الشرطة المدرَّب على هذا النوع من العمليات الذى بدأ فى مصر فى تلك الفترة.
وخلال ما يقرب من ستة أشهر راح جهاز الأمن، الذى تولى مسئوليته وقتها، اللواء أحمد العادلي، وأعنى هنا جهاز مباحث أمن الدولة، يعيد ترتيب أوراقه، مستغلًا بعض العلاقات فى الخارج، حيث المعلومة لها ثمن محدد وسوق مفتوحة ومتاح للجميع، والحرب كانت كما هى الآن، موجهة ومدعومة من الخارج، فتم شراء وتجميع المعلومات وتصنيفها والوصول من خلالها إلى خريطة متكاملة للجماعات الإرهابية، شملت المنطقة بالكامل.
تزامن مع تلك الخطة، إرسال مجموعات كبيرة من أفضل الضباط فى قطاع مباحث أمن الدولة، آنذاك، إلى عدد من الدول التى اشتهرت بامتلاكها وحدات متخصصة فى مجال مكافحة مثل هذا النوع من الجرائم، لتشكيل ما سُمى فيما بعد بـ«قوات مكافحة الإرهاب»، ليحل عام ١٩٩٤ وقد امتلك جهاز الأمن زمام المبادرة بشكل كامل، وتغيَّر المؤشر تمامًا لصالحه، عبر النجاح فى توجيه عدد من الضربات القاصمة، أفقدت الإرهابيين صوابهم، وجعلتهم يتخبطون عبر خطط وعمليات أنهكتهم تماما، واضطرتهم فى النهاية إلى رفع الراية البيضاء والاستسلام.
لماذا سيناء ؟!
عندما شرفت بمقابلة الرئيس الفلسطينى محمود عباس، لإجراء حوار معه لجريدة البوابة، تحدث معى لأول مرة عن مشروع إيجور أيلاند الذى تنوى إسرائيل تنفيذه بالاتفاق مع حركة حماس، أضاف الرئيس أن تركيا رعت اتفاقا بين الحركة وإسرائيل يقضى بالمضى قدما فى تنفيذ الاتفاق، الذى أعده مستشار الأمن القومى الاسرائيلي، اللواء متقاعد إيجور أيلاند، ويقضى بإقامة دولة فلسطينية فى قطاع غزة، على أن يضم إليها أراضى من مدن رفح والعريش والشيخ زويد، لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، وتسوية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، على حساب حق الفلسطينيين فى القدس الشريف كعاصمة للدولة الفلسطينية، والتخلى عن حق العودة للاجئين، واستبدال حماس بالسلطة الفلسطينية.
كان الكلام فى وقته مستغربا، لكن جاءت الأحداث اللاحقة لتؤكد ما ذهب إليه الرئيس أبومازن، فقد كشفت كافة المعلومات التى أتيحت حتى الآن، خاصة بعد عمليتى كرم القواديس والكتيبة ١٠١، عن خطة حمساوية مدعومة قطريا وتركيا وإسرائيليا وأمريكيا، تقضى بالضغط على الجيش المصرى فى منطقة شمال سيناء، تمهيدا لانتزاع مساحة من الأرض تقدر بـ١٦٠٠ كيلو متر، تفتعل بعدها حركة حماس حربا مع إسرائيل، يقوم على أثرها الجيش الاسرائيلى باجتياح القطاع، فى الوقت الذى تقوم فيه كتائب عز الدين القسام، الجناح الإرهابى لحركة حماس، بدفع الفلسطينيين لاجتياز الحاجز الحدودى متمركزين فى تلك الأراضى داخل سيناء، بعدها يبقى الوضع على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء إلى الأمم المتحدة.
لم يكن مستغربا، إذن، أن تقوم حركة حماس بإدخال أكثر من ألفى مقاتل من مقاتلى كتائب عز الدين القسام إلى منطقة شمال سيناء، وشراء كميات كبيرة من الأسلحة من ليبيا، وتخزينها فى مخازن ومستودعات سرية فى سيناء، تمهيدا لاستخدامها، فى المرحلة الأولى فى الهجوم على الجيش المصرى ، بمشاركة أنصار بيت المقدس، وفى المرحلة الثانية بحماية وتثبيت الواقع الجيد على الأرض.
لقد فضح أبو مازن التنظيم الدولى للإخوان عندما أكد، أن هذا المشروع سبق أن تبناه الرئيس المعزول محمد مرسى العياط عقب العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة عام ٢٠١٢، مقدما سيناء للأمريكان والإسرائيليين على طبق من ذهب.
الغريب أن الرئيس الأمريكى «أوباما» ظل يحلم بتنفيذ ذلك المشروع حتى جاءت ثورة ٣٠ يونيو لتنسف آمال وأحلام أوباما ونتنياهو ومرسى العياط وخالد مشعل، وكل الخونة الذين تربصوا شرا لهذا البلد الأمين.
رأس الأفعى:
لم يتوقف رأس الأفعى «حماس» عن السعي، خاصة بعدما تم الإطاحة بتنظيمهم الأم من السلطة فى مصر، فسرعان ما تفتق ذهن قادة الحركة، عن مخطط شيطاني، يقضى باستغلال وجود عناصر إرهابية فى سيناء، تم زراعتها فى عهد مرسي، وبدأوا فى توحيد كل تلك القوى تحت راية كتائب عز الدين القسام، الجناح الإرهابى للحركة، وذلك لتوجيه ضربات مؤلمة للجيش المصري، خاصة تلك الوحدات الموجودة فى المنطقة المراد نزعها لصالح فكرة التوطين، فى محاولة يائسة لطرد الجيش المصرى من تلك المنطقة وضمها مستقبلا، بعد الاجتياح المصطنع أو المتفق عليه بين إسرائيل وحماس، إلى قطاع غزة وإقامة الدولة المنشودة، وإنهاء الصراع العربى الصهيونى على أرضية الخسة والخيانة، مقابل استبدال حماس بالسلطة الفلسطينية.
لقد هدفت إسرائيل من وراء هذا المشروع، مشروع إيجور أيلاند، إلى حل المشكلة الديموجرافية، حيث التزايد المطرد لعدد السكان الفلسطينيين، يهدد وجود إسرائيل ذاتها فى المستقبل، وهو ما تسعى الدولة الصهيونية لتداركه إما باعتماد هذا المشروع، أو اعتماد يهودية الدولة.
وأخيرا يظل هناك من الإجراءات والحلول التى باتت عاجلة، فى ظل الأوضاع الحالية، ما يساهم فى ردع الإرهاب ومخططاته ومنها:
أولا: سرعة استصدار قانون مكافحة الإرهاب، حتى يتسنى معالجة كافة الثغرات الأمنية والقانونية، التى يستغلها الإرهابيون وأعوانهم فى النيل من الدولة المصرية.
ثانيا: إنشاء محاكم أمن دولة طوارئ، تعالج كافة الخلل فى التشريعات التى تواجه الإرهاب.
ثالثا: تطبيق عدد من الإجراءات الأمنية والاستخباراتية المهمة والعاجلة:
١- محاصرة تنظيم حماس إقليميا ودوليا وقطع شرايين اتصالاته بتنظيم بيت المقدس.
٢ - التشديد على المطارات وعدم السماح بتسلل العناصر الإرهابية وخاصة القادمة من تركيا وتونس ودول الشمال الافريقى والسودان.
٣- دراسة الواقع السورى والعراقى وكيفية عمل التنظيمات هناك وخاصة داعش والنصرة، والتدريب على التصدى لذلك النوع من العمليات.
٤- إقامة علاقات جيدة مع قبائل سيناء وحثهم على التعاون مع الجيش وتقديم الدعم لهم وحمايتهم من العناصر الإرهابية.
٥- سرعة فك شفرات الأجهزة اللاسلكية للتنظيمات الإرهابية واختراقها.
٦- سرعة وتكثيف استخدام تقنية الطائرات بدون طيار فى سماء سيناء واستخدام الوسائل الحديثة للتنصت والمراقبة.
٧- سرعة رد الفعل على الهجمات والتدريب على الجاهزية والاستعداد.
٨- الاستفادة من الخبرات العراقية والكردية والأفغانية فى محاولة صد الهجمات الانتحارية ودراسة تلك الهجمات من خلال الواقع السورى والعراقي.
٩- إفشال محاولات التنظيم، خلق حاضنة شعبية له فى الوسط السيناوى.
١٠- التكثيف الإعلامى والتحذير من مخاطر استمرار التنظيم على الأراضى السيناوية، وقيامه بعمليات إعدام لأبناء القبائل المختلفة معه.
لم يكن مستغربا إذن أن تقوم حركة حماس بإدخال أكثر من ألفى مقاتل من مقاتلى كتائب عز الدين القسام إلى منطقة شمال سيناء وشراء كميات كبيرة من الأسلحة من ليبيا وتخزينها فى مخازن ومستودعات سرية فى سيناء تمهيدا لاستخدامها، فى المرحلة الأولى فى الهجوم على الجيش المصرى، بمشاركة أنصار بيت المقدس.
نقلا عن البوبة نيوز
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع