الأقباط متحدون - المشاركة السياسية والوطنية للاقباط فى مصر الحديثة .. ( 1 )
أخر تحديث ٠٧:٣٦ | الثلاثاء ٧ يوليو ٢٠١٥ | ٣٠بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٦١٤السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

المشاركة السياسية والوطنية للاقباط فى مصر الحديثة .. ( 1 )

عصر محمد على

 بقلم الباحث / نجاح بولس
مرت المشاركة السياسية للاقباط بمراحل متعددة للتطور ، واختلفت اشكالها عبر التاريخ الحديث تبعا لتغير النظم الحاكمة ، فمنها من دعم المشاركة الوطنية للشعب المصرى بما فيهم الاقباط ، واخرين فضلوا سياسة تكميم الافواه والانفراد بالسلطة ، وفى جميع العصور كان الاقباط متواجدين فى الحياه العامة اثروا فى تشكيل ثقافتها وتاثروا مع باقى المصريين بتقلباتها ، ومن خلال سلسلة من المقالات نرصد التطور التاريخى لمشاركة الاقباط فى الحياة العامة فى العصر الحديث ابتداء من عصر محمد على وحتى تاريخنا المعاصر .

وبتولى محمد على مقاليد الحكم فى 13 مايو 1805 شهدت مصر بداية مشروع كبير للنهضة يهدف الى الإرتقاء بالبلاد لتواكب الدول الأوربية المتقدمة ، لذا اعتبر المؤرخون ان عهده بداية لعصر حديث فى التاريخ المصرى ،  وكان لابد من مشاركة المصريين فى هذه النهضة لضمان تحقيق المشروع ، لذلك اعتمدت سياسته على المساواه بين جميع ابناء الوطن الواحد سياسياً، وإجتماعياً ، ووزع خدمة الوطن على أهله كل بما له من الأهلية فخص الأقباط بما امتازوا به من الأعمال المالية وخص المسلمين بالمجالس والأعمال الإدارية .

وفى عهده تلاشت الكثير من القيود على الأقباط ، والغيت بعض مظاهر التفرقة بين المسلمين والأقباط ونظراً لإرتباطه وإعتماده واستعانته بالخبرات الفرنسية تغيرت نظرته نحو الأقباط واتبع سياسة التسامح مع الأقباط واتجهت سياسته الى المساواة بين المسلمين وغير المسلمين فى الحقوق والواجبات فقام بتعيين بعض الأقباط فى مواقع هامة بالدولة فعين بطرس أغا مأموراً لمركز برديس ، وميخائيل أغا مأمور للفشن ،وفرج أغا مأموراً لديرمواس ، وتكلا سيداروس لبهجورة ، وأنطوان أبو طاقيه فى الشرقية

وقد اثمرت سياسة المساواة التى اتبعها محمد على بين جميع المصريين حيث حدث تعاون بين المسلمين والمسيحيين ، وتعاونوا تعاوناً صادقاً فى الحملات الحربية التى كان يشنها محمد على وتحمل الأقباط نصيبهم فى نفقات الحملات واختلطت دمائهم مع دماء اخوانهم المسلمين فى غزوات اراضى الشام وجبال المورة وسهول اسيا الصغرى ، وتحمل الجميع عبء التضحية من أجل الوطن لأول مرة فى حياة الأقباط فى مصر ، وتحمل الأقباط فى الحملات الحربية الأولى المساهمة فى دفع مرتبات الجنود .

وقد أبقى محمد على للأقباط المصريين دورهم التقليدى فى إدارة شئون المالية العامة للدولة ، لما اشتهروا به من تخصص فى الشئون المالية وحسابات الدخل والخرج وتقدير الضرائب وجبايتها ، وقد قدر تعداد الأقباط انذاك حوالى 160 الف من المصريين البالغين وقتها نحو ثلاث ملايين نسمة ، واشتهروا من قديم بكفائتهم فى علم الحساب وكان منهم مساحو الأرض والنساجون والصيارفة والوزانون وكتبة الحسابات ، وازداد نفوذهم فى عهد محمد على عن ذى قبل بحكم زيادة نفوذ الدولة واضطلاعها بالمسؤليات الجسام فى بناء مشروعات الوالى الإقتصادية .

وقد وجد محمد على ان الاقباط يعانون من بعض القيود المفروضة عليهم بغرض تحقيرهم من قبل العثمانيين والمماليك ، ورأى انه لا بد من رفع هذه القيود لادماج الاقباط فى عملية بناء الدولة الحديثة وبرهن الوالى على صدق رؤيته ببعض القرارات فى هذا الصدد كان من أهمها :

-    الغاء قيود الزى المفروضة على الأقباط فى العصور السابقة حيث سمح لهم محمد على بالتحرر من الزى الذى كان مفروضاً عليهم بألوانه الأزرق والاسود وأصبحوا يلبسون العمائم والملابس غالية الثمن بعد أن كانوا محرومين منها ، كما خلعوا الجلاجل الحديدية من رقابهم .

-    سمح للأقباط بركوب الرهوان والبغال والخيول وأمامهم وخلفهم الخدم بأيديهم العصى .

-    السماح للأقباط بحمل السلاح والخروج بها الى الخلاء بعد أن كان محظوراً عليهم ذلك .

-    عمل محمد على على رفع بعض القيود المفروضة على الأقباط لممارسة شعائرهم الدينية ، والسماح لهم بحرية بناء وترميم كنائسهم ، ولم يرفض للأقباط أى طلب تقدموا به لبناء او إصلاح كنيسة .

-    سمح محمد على للأقباط بزيارة القدس بتوصية منه لمسلمى غزة والقدس بذلك وحمايتهم وعدم التدخل فى شئونهم .

-    كان محمد على اول حاكم مسلم يمنح الموظفين الأقباط رتبة البكوية كما اتخذ له مستشارين من الأقباط .

وقد كانت أهم الشخصيات القبطية فى عصر محمد على المعلم غالى الذى اسند اليه الباشا منصب كبير المباشرين اللذين يجمعون الضرائب وهو منصب مثل وزير المالية الأن ، وقد قام المعلم غالى بتقسيم مصر الى مديريات وأقسام والأطيان قسمها الى أحواض وقبائل وقد قام بإنشاء مصلحة المساحة ، واستمر المعلم غالى فى هذا المنصب طوال فترة حكم محمد على .

وعلى الرغم من هذه الإجراءات السابقة الا انه لم يتضح وجود مشاركة للأقباط من الناحية السياسية من خلال مؤسسات نيابية ذلك يرجع الى أن محمد على كان يحكم مصر حكماً مطلقاً وكان يعاونه فى ذلك (المجلس الأعلى ) الذى لم يدخله احد من الأقباط .

وبالرغم من دلائل التسامح الواضحة التى امتاز بها عصر محمد على لم يكن فى استطاعة الأقباط ان يدعوا بأنهم على قدم المساواة مع المسلمبن  ، فنرى على سبيل المثال أن الوالى قد حث الكولونيل سليمان باشا على اعتناق الإسلام حيث لا يجوز لغير المسلم أن يتولى قيادة الجيش ، ولا شك أن الوالى كان يعلم أن الوقت لم يحن بعد ليقطع صلته بالتقاليد القديمة ولكنه حاول التحرر منها جزئياً طوال حكمه الى ان توفى عام 1849 م .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter