الأقباط متحدون - فوز فريق الوطن
أخر تحديث ١٧:٠٤ | الجمعة ١٠ يوليو ٢٠١٥ | ٣أبيب ١٧٣١ ش | العدد ٣٦١٧السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

فوز فريق الوطن

ام كلثوم
ام كلثوم

 ماجد سمير
قرر خالد تغيير القناة ونقل استقبال "الرسيفر" من التليفزيون الى الراديو واختار محطة الأغاني موجة الـ "اف ام" الإذاعية ظنا منه أنها الطريقة الملائمة للهرب من الأحداث الدموية التي تشهدها سيناء وأخبار قتل الجنود المصريين، ظلت الموسيقى طوال عمر خالد طريقة تتسق تماما مع شخصيته ، واجه اليأس بأغنية لأنوشكا كلمات مجدي نجيب تبدا كلماتها بـ " ماتكنش في يوم غير ذاتك ...بأيديك ارسمها حياتك"، وتظاهر ضد السلطة متسلحا بأغاني الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم وغرق في الرومانسية مع أغاني فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ.

نقل المحطة زاد من هموم خالد فطيقا للرسائل التي تحملها الأغاني اليه كانت أغنية أنا إن قدر الاله مماتي ...ما ترى الشرق يرفع الرأس بعدي، رسالة شديدة الصعوبة  فالمواجهة  مع القتلة باتت حتميه، لا يراعون لا حرمة دم ولا حرمة شهر فضيل ، ليست المرة الأولى التي يستحلون فيها دماء جنود الجيش في شهر رمضان الكريم، الغريب أنه الشهر الفضيل من أشهر الله الحرم التي حرم فيها الله القتال ومع ذلك يرى هؤلاء - طبقا لرؤيتهم الخاصة للدين - أن "رمضان" شهرا للجهاد وقتل الأنفس التي حرم الله قتلها.

استمرت ام كلثوم في الشدو وزادت قناعة بخالد بأن مواجهة الفصائل القاتلة للأخضر واليابس الفصائل الغارسة في ثقافة الكئابة ليست بالرصاص والحروب الميدانية وحدها،  قتلهم لن ينهي على الفكرة لن يمنع دعمم لوجيستيا من الداخل قبل الخارج .

 منذ مقتل القاضي  الخزندار أمام مسكنة في حلوان في 22 مارس 1948 ثم قرار حل الجماعة في 8 ديسمبر من نفس العام واغتيال الجماعة للنقراسي باشا صاحب قرار الحل في 28 ديسمبر 1948 لم تتعامل اي من الحكومات المتتالية سواء قبل يوليو 1952 وحتى تاريخه إلا بمنطق القوة فقط وأحيانا المفاوضات وظل الإخوان كجماعة ملهمة خرجت من تحت عبائتها كل جماعات وتيارات الإسلام السياسي لم يتم التعامل مع فكرها بالفكر.

 الآن أصبح عبور مصر ومن ثم المنطقة كلها من عنق الزجاجة لا يحمل رفاهية اختيار الإصلاح الديني من عدمه للوقوف في وجه جماعات التطرف المختلفة التي لن تتوانى عن قتلنا، تصحيح وتنظيف وتقويم العقول بجانب مواجتهم بالرصاص أمر حتمي لأن اتباعهم لبث الكراهية والتكفير والتحريض شديد التأثير في المتلقي فالمستمع الذي يعبأ اليوم بهما، سيتحول غدا إلى إرهابي يفجر نفسه بكمين عسكري أو منشأة مدنية أو مسجد أو كنيسة يجب مخاطبة العقل لحرمانهم من أي دعم أو إنضمام وجوها جديدة لهم تحلم فقط بقتلنا إرضاء لله تعالى .

أغلق خالد المذياع وتأمل الغرفة من حوله لمح جريدة قديمة قرر أن يهرب من خلالها، فتح صفحة بشكل عشوائي وقعت عينه على خبر يحمل انضمام نحو 150 عالم لما يسمى "بنداء الكنانة" فصيل جديد يغزو العقول ويحتلها بل يغتصبها اغتصابا ويشكل فيها كما يشاء ويحول منها إلى وقود غارق في الدموية ، عقول حتما ستبارك القتل والإجرام ، تحول كل ماهو له علاقة بالتدين إلى المزيد من السطحية والممارسات البعيدة تماما عن أساس العقيدة القائمة على المحبة والتسامح وقبول الآخر.

 الدين طبقا لوجهة نظرهم صراعات متتالية متصلة حول جنس الملائكة أو دخول "دورات المياه " بالقدم اليمنى أم اليسرى وغيرها من الأمور البعيدة تماما عن صحيح الدين، بل أن الأمر وصل إلى مطاردة وتكفير وربما قتل كل من يحاول إعمال العقل والسعي للتنوير للخروج من أسوارهم القاتمة المظلمة .

خالد رمى الجريدة بجانبه وهو يدرك تماما أن الهروب من ثقافة الكئابة  أمر شديد الصعوبة وأن الإصلاح لكن يكون بالأمر اليسير ولكن على مؤسسة دينية كبيرة عريقة مثل الأزهر تتحمل دورها التاريخي الحتمي عليها واجب كبير؛ فالأزهر على مدار تاريخا يمثل الإسلام الوسطي المعتدل وأن  حل الازمة والمعضلة حتما سيخرج من الأزهر الشريف الحامل دائما للواء الإصلاح ؛ سيحدث الإصلاح المنتظر يوم أن يبدأ الأزهر في تفنيد الإنحراف العقائدي والسلوكي لهؤلاء، عملية الإصلاح الديني التي  طالب بها الرئيس السيسي أكثر من مرة

دخل عمر ابن خالد (16 سنة ) الغرفة الجالس فيها والده وأخبره أن فريق كرة القدم المكون من مجموعة من أصدقاءه المشارك في الدورة الرمضانية التي تنظمها المحافظة يحقق نتائج مبهرة، يكتسح كل الفرق المشاركة، وقف الشاب وهو يكمل حديثه مؤكدا لوالده أن سرعة محمود في الهجوم مع بسالة الحسيني في الدفاع ومهارات مينا في صناعة اللعب وقوة شريف في حراسة المرمى بجانب قدرته الخاصة في التهديف شكلت فريقا لا يقهر وحتما سيفوز بكأس البطولة.

 خالد يرى أن الشباب وجد حلا للمشكلة فعلا الإرهاب لا يرحم لا سنة تونس ولا شيعة الكويت والعراق ولاموارنة ودروز لبنان ولا كاثوليك سورية وأرثوذكس مصر الكل يقع تحت مقصلتهم القاسية ، الشباب يثقوا في فوز فريقهم لأنهم أدركوا تماما أن قوتهم في وحدتهم وأن يكملوا بعضهم البعض وأن "الموزايك" الخاص بالوطن لابد أن تجتمع فيه كل الأشكال والأحجام والألوان حتى يكتمل ، الشباب شكلوا فريقا متنوعا قادر على المنافسة الرياضية وعلى الكبار أن يدركوا تماما أن والوحدة و رص الصفوف معا في مواجهة الإرهاب الحل الوحيد؛ فالضحايا من كل الطوائف وقذائف العدو الغاشم لا تفرق بين أي طائفة أو ملة و تقتل المدني والعسكري معا.

تذكر خالد أنه قبل سنتين وبضعة أشهر وقعت مصر بأكملها في براثن حكم الإخوان كان الخلاص منهم حلم بعيد المنال صحيح أن معظم الشعب قاوم وواجه بكل أساليب المقاومة لكن كاد اليأس أن يكتم على القلوب حتى ظهرت حركة تمرد وتجاوب معها الشعب وقامت ثورة 30 يونيو المكملة والمصححة لثور 25 يناير الانتصار على الإخوان أنقذ مصر من مصير شديد الظلام ؛ فخلال فترة حكم الإخوان التي استمرت سنة كاملة بات المختلف معهم رؤيتهم الخاصة لكل الشىء وليس الدين فقط هدفا  ولن ننسى مذبحة سحل الشيخ حسن شحاتة في الشارع والهجوم الدموي الذي تعرض له لمجرد أن يختلف معهم في العقيدة

ولا ينسى الوطن حرب الكراهية في 14 أغسطس فور فض الشرطة لاعتصامهم في ميداني رابعة العدوية بمدينة نصر والنهضة بالجيرة وهجموهم التتري وحرقهم عدد من الكانئس والمنشآت المسيحية التي علق عليها البابا تواضروس قائلا وطن بلاكنائس خير من كنائس بلا وطن.

يدرك خالد تماما أن المختبئون خلف عبائه الدين هم العدو الأساسي لكافة أبناء الوطن وأن كل من تصور أنه حصريا  يحمل توكيلا من الله  وأن حديثه  فقط أصل الدين  يشغل المزيد من الفتن، أيا كان مكانه أو فكره أو طائقته أو الأرض التي يعيش فيها ، وأن هؤلاء فقط دون غيرهم من فتحوا حجيم تدمير سوريه والعراق كفروا بتطرفهم كل شىء وحماية مصر وأي أرض من نفس المصير لن  يحدث إلا بالوحدة وقبول الآخر المختلف لانه جزءا لا يتجزأ من الوطن وأن المجتمعات الراقية المتحضرة يحيا فيها كل أبناء الوطن في فسيفساء رائعة الألوان.

أفاق خالد على صوت زوجته تخبره أن موعد المباراة النهائية لفريق أبنه قد حان وأن عليهم الإسراع لمشاهدتها في الملعب قفز خالد نحو باب الخروج فوجد زوجته وابنته الصغيرة ممسكة بعلم مصر في يدها ، في الملعب المباراة قوية جدا فريق ابنه يلعب جيدا، ومع هجمة مضادة دافع فيها الحسيني عن المرمى ببسالة ووصلت الكرة لمينا صانع الألعاب رواغ المنافس بشكل رائع آثار اعجاب المشاهدين ومرر الكرة لعمر المنفرد بالمرمى ، وصلت رسالة لتليفزون خالد المحمول تؤكد أن طائرات الأباتشي والـ إف 16 المصرية تضرب أوكار الإرهابين في سياء بمنتهى القوة، رفع خالد يده لأعلى فرحا في نفس اللحظة التي صوت فيها أبنه الكرة داخل مرمى الفريق المنافش معلنة فوز فريق الوطن.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter