فاطمة ناعوت | الجمعة ١٠ يوليو ٢٠١٥ -
١٦:
٠٢ م +02:00 EET
فاطمة ناعوت
فاطمة ناعوت
لأنهم أعداءُ الفرح، قتلوا فرحة المصريين فى العيد الثانى لثورة ٣٠ يونيو، باستهدافهم موكب النائب العام، وهم يُمنّون أنفسَهم المريضة المتعطشة للدم بسقوط أكبر عدد ممكن من الأرواح مع المستشار هشام بركات، ما بين حرسه الشخصى وسائقى السيارات المرافقة، وما بين المارّة والسابلة فى حى مصر الجديدة، ليس مهماً لديهم أن يكون من بين الضحايا نساءٌ أو شيوخ أو أطفال. تلك أمور لا تعذب ضمائرهم، إنما غذاؤهم أنينُ الموجوعين وصرخات الأمهات اللواتى غدون ثكالى بأمرهم، ونحيب الأطفال الذين يتحولون فى لحظة إلى يتامى على أيديهم.
ولأنهم أعداءُ الحقِّ والقضاء، استهدفوا رأس الحقوق والقضاء فى مصر بعد الحكم على جاسوس الإخوان مرسى العياط وأربابه للتخابر ضد مصر مع دول معادية. وجاء استهداف النائب العام واغتياله بعد أسابيع قليلة من فتوى الهارب يوسف القرضاوى، المختبئ فى حضن قطر حاضنة الإرهابيين، بقتل رموز القضاء فى مصر. جاء ذلك على لسان «أكرم كسّاب»، تلميذ «القرضاوى» النجيب، حين كتب على صفحته: «الخلاص من قضاة العسكر فريضةٌ شرعية وضرورة بشرية وأمنية ثورية».
عقب تحويل أوراق المعزول مرسى العياط وقيادات المحظورة للمفتى فى قضيتى التخابر مع قطر والهروب من سجن وادى النطرون، جرى اتصالٌ هاتفى لـ«كساب»، عضو الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، الذى يرأسه «القرضاوى»، مع برنامج «يوم جديد» على قناة «مصر الآن» الإخوانية يوم ١٨ مايو الماضى، قال فيه: «إن القضاة الذين حكموا بتلك الإعدامات هم إما إنسان فى صورة بهيمة أو بهيمة فى صورة إنسان!»، وكعادتهم فى توريطهم القرآنَ على نحو مغلوط فى جرائمهم، استشهد بالآية الكريمة: «أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»، وعندما سألته المذيعة عن أثر فتواه على شباب الإخوان الذين قد ينجرفون لأفعال عدائية غير محسوبة، أجاب بحسم: «أىُّ انجراف تقصدين؟ هل تقصدين أنهم ربما قتلوا قاضياً من القضاة أو مجرماً من مجرمى الشرطة أو العسكر؟ هل هذا يسمى انجرافاً؟! دعينا نسمى الأمورَ بمسمياتها. فهؤلاء القضاة وهؤلاء العسكر ينبغى القصاص منهم». هنا قاطعته مقدمة البرنامج، فى محاولة منها لتفسير كلامه على أنه يقصد قصر الأمر على أولياء الدم. فقال إن الثوار أصبحوا كلهم «عصبة واحدة فى مكان واحد»، مضيفاً: «إذا وُجد قاضٍ من القضاة عُرف بإعدامه للأبرياء، أو واحد من العسكر أو الداخلية، وجب القصاص منه».
هكذا يرى الإخوانُ أن الجاسوسَ برىءٌ، وأن القاضى الذى يحكم عليه بالعدل والقانون مذنبٌ مهدورُ الدم! فمَن القاتل هنا؟ الذى نزع فتيل القنبلة وأزهق الروح فى ساحة الدم، أم ذاك الذى أفتى بنزع الفتيل وهو آمن فى كبرى فنادق قطر، أم كلاهما؟
لكن الحقّ أن هناك مُداناً ثالثاً، إضافة إلى المُفتى والمجرم، هو قادة الأمن المصرى الذين استمعوا مثلنا جميعاً إلى تلك الفتاوى، والذين قرأوا، مثلنا جميعاً، تاريخ الإخوان الدموى منذ عام ١٩٢٨ وحتى اليوم وقتلهم القاضى الخازندار والنقراشى باشا وحتى رجالاً من رجالهم فكروا وعارضوا مرشدهم مثل المهندس السيد فايز وغيرهم، ثم قصّروا فى تأمين القضاة ورجال القانون فى غدوهم ورواحهم! فالتقرير الذى وصل يد السيد الرئيس فور وقوع حادث اغتيال المستشار هشام بركات، أقرَّ بعدم وجود سيارة تمويه ضمن موكب تأمين النائب العام، فضلاً عن غياب سيارة كشف المتفجرات التى يجب أن تصاحب الموكب!
قضاةُ مصرَ هم ضميرُها الحىّ، هم حفدة «ماعت»، ربّة العدالة معصوبة العينين. هم ثروة مصر الحقيقية التى يجب أن نحميها ونحفظها كما تُحفظ النفائسُ والكنوز. فهل من قرارات سيادية استثنائية تتخذ فوراً لتأمين ثروة مصر المهددة؟!
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع