بقلم: جيهان فوزي | السبت ١١ يوليو ٢٠١٥ -
٣٩:
٠٨ م +02:00 EET
جيهان فوزي
تعيش غزة منذ انتهاء حرب «الجرف الصامد» التي شنتها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة في مثل هذه الأيام من العام الماضي على بركان من نار، ما بين الحراك الدبلوماسي من جهة حماس لتحسين ظروفها السياسية والمالية الآخذة في التآكل، والشائعات المستمرة بشن عدوان إسرائيلي جديد على قطاع غزة، لكن هذه المرة بتقنيات حرفية عالية المهارة تتضمن ضربة نوعية إسرائيلية خاطفة تحقق أغراضها في مدى زمني قصير، ولا تكبد إسرائيل خسائر فادحة تطيل أمد الحرب كما حدث في الحروب السابقة.
أحاديث تدور في أروقة الحكومة الإسرائيلية حول الحرب والوضع في غزة، ومنذ أيام قليلة صرح مصدر عسكري إسرائيلي بأنه بعد سنة من الحرب الأخيرة على قطاع غزة، فإن الجيش الإسرائيلي يحذر من أن حركة حماس تواصل تعزيز قوتها العسكرية، في حين يكشف عن أنه سيكون لدى إسرائيل قريبا أجهزة للكشف عن الأنفاق، كما سيتم قريبا إجراء التجارب عليها.
بحسب الجيش الإسرائيلي فإن حركة حماس لا تقوم بحفر الأنفاق باتجاه إسرائيل!! إذن في أي تجاه يتم حفر هذه الأنفاق؟! ولماذا؟
إسرائيل تعلمت الدرس واستخلصت العبر من الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وكان أبرز دروس الحرب أنه يجب تقصير أمد المواجهة القادمة، لذا يسعى الجيش الإسرائيلي لتنفيذ ذلك، وكما تستعد إسرائيل لهذه المواجهة الساخنة، فإن حركة حماس أيضا يبدو أنها على أهبة الاستعداد واستخلصت هي أيضا العبر من الحرب الماضية، وربما تبدأ المواجهة الجديدة بمفاجأة لإسرائيل، بهدف تحقيق انتصار عسكري لحركة حماس من اليوم الأول يؤدي إلى إنجاز سياسي.
فمع اقتراب ذكرى مرور عام على «الجرف الصامد»، تلك الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة التي استمرت لأكثر من 55 يوما، تنتعش الذاكرة الإسرائيلية بتقييم الحرب وتداعياتها على المجتمع الإسرائيلي والوضع السياسي داخليا وخارجيا، لكن هناك نتيجة لافتة لتجربة الحرب الأخيرة على غزة في العقل الإسرائيلي بدأت تظهر بوضوح في تناول وسائل الإعلام للحرب، خلص مفادها إلى أن الغطرسة التي تعاملت بها القيادة السياسية مع الحرب كانت مضللة في وقت من الأوقات وأنه آن الأوان لمواجهة الأخطاء والواقع بشجاعة.
هناك اتجاه بدأ يظهر في إسرائيل ربما يعطي مؤشرا جديدا في استراتيجية إسرائيل في التعامل مع حماس مستقبلا؟! فقد اتبعت إسرائيل خطين ثابتين في علاقتها مع حركة حماس منذ عام 2006 أثبتت التجربة فشلهما، حيث كانت إسرائيل ترى حماس منظمة إرهابية سيطرت على غزة، ولهذا فإن حكمها غير شرعي، وهى تحكم 1،8 مليون مواطن في غزة بمنطق القوة وعلى إسرائيل أن تقاطع كل من يتعامل مع حماس، وفى المقابل ومن ناحية عسكرية يمكن لإسرائيل أن تنتصر بسهولة، لأن حماس من وجهة نظرها منظمة إرهابية غير قوية، غير أن الوضع الحقيقي لغزة يعطي انطباعا بأن حماس أصبحت بحكم الواقع دولة مستقلة بكل معنى الكلمة.
بدأت إسرائيل تدرك أو تقنع نفسها بأن حماس ليست كـ«القاعدة»، بل هي حركة منتخبة بشكل ديمقراطي تمثل قطاع غزة وتستمد الدعم منه، ولولا ذلك لما استطاعت بناء ترسانتها العسكرية على هذا النحو من النجاح، بالإضافة إلى شبكة أنفاق تهدد أمن إسرائيل!!
الخطأ الثاني يتعلق بتعريف المصالح، فالمصلحة الوطنية ليست أمنية وهو منطق براجماتي صرف، ومن هذا المنطلق لابد من دفع الثمن لتحقيق ذلك! وبالنسبة لإسرائيل فتوجد لها في غزة مصالح أمنية فقط؟!! وإسرائيل بطبيعة الحال تريد أن تضمن عدم إطلاق النار من قلب غزة، وتريد أيضا إضعاف قوة حماس العسكرية في المستقبل لنفس الهدف، لكن ذلك لا يعني أن لإسرائيل مصلحة إقليمية اقتصادية أو حزبية، مثل مصلحة حماس التي هي حزبية في الأصل! وحماس تريد أن تحقق شرعية دولية تحكمها في غزة، وهنا ستتلاقى المصالح بينها وبين إسرائيل، فتسمح إسرائيل لحماس بأن تحقق بعض مطالبها؟
إذن إسرائيل بدأت تبدل خططها وسياستها تجاه حماس بما يخدم مصالح الطرفين، فمثلا يرى بعض المحللين السياسيين الإسرائيليين أن إطلاق حماس للنار نحو إسرائيل الذي أدى إلى حملة الجرف الصامد كان نتيجة إحباطها عقب توقف تحويل الأموال إليها ونجاح إسرائيل في منع جهات مختلفة من زيارة غزة والتبرع لها بالأموال، لذا فإن العديد من الاقتراحات بدأت تطفو على السطح لكسب جبهة حماس وتطويعها ضمن هدنة طويلة الأمد، وعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا كان رمز القوة لدى حماس يعني الاستقلال وإقامة ميناء في غزة فلابد من الموافقة على إنشائه وتقديم التسهيلات لإتمامه، مقابل تنازل حماس عن صواريخها بعيدة المدى، وبين هذا وذاك فليذهب شعب غزة إلى الجحيم طالما حقق طرفا المعادلة أهدافهما من المناورة والمداورة السياسية التي يجيدان إدارتها.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع