الأقباط متحدون - هل تنجح الرقابة فى حل مشاكل المستثمرين؟!
أخر تحديث ٠٥:٢٦ | السبت ١١ يوليو ٢٠١٥ | ٤أبيب ١٧٣١ ش | العدد ٣٦١٨السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

هل تنجح الرقابة فى حل مشاكل المستثمرين؟!

شوقي السيد
شوقي السيد

 ■ أعلنت هيئة الرقابة الإدارية منذ أيام عن أرقام تليفونات خاصة لحل مشاكل رجال الأعمال والمستثمرين، ودعتهم للاتصال بها للعمل على حل مشاكلهم.. وهذه الدعوة الموجهة من جانب الرقابة الإدارية إلى رجال الأعمال والمستثمرين لحل المشاكل التى تعترض أعمالهم واستثماراتهم فى البلاد- تعد تطوراً غير مسبوق فى تاريخ الرقابة الإدارية منذ إنشائها، خاصة إذا نجحت فى مهمتها الجديدة.

 
■ ويأتى هذا التطور بعد أن وجه رئيس الجمهورية جهاز الرقابة الإدارية إلى تحمل مسؤوليته.. فى قضايا التنمية والاستثمار وبحث المشكلات التى تواجه المستثمرين والتى وقفت فى طريق الاستثمارات الجادة وكانت عقبة شديدة فى إثارة المعوقات ضد تحفيز الاستثمار لسنوات طويلة.
 
■ ومن يتتبع تاريخ هيئة الرقابة الإدارية منذ أن كانت أحد أقسام النيابة الإدارية منذ عام 1958، وصارت هيئة مستقلة عام 1964، أى منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، ثم ما أصابها بعد ذلك من إلغاء بقرار الرئيس السادات عام 1980، ثم إعادة تنظيمها من جديد وتحديد اختصاصاتها وسلطاتها، من يتتبع تاريخ الرقابة الطويل يجد أنه قد ذاع صيتها فى الكشف عن الجرائم الجنائية التى تقع من العاملين بالدولة وأثناء مباشرة واجبات وظائفهم وبسببها أياً كانت درجاتهم.. ومن غير العاملين التى تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمات العامة، حيث تجرى تحرياتها وتستصدر أوامر النيابة العامة بالضبط والتحفظ واتخاذ الإجراءات، ولها الاستعانة بغيرهم من رجال الضبط وذوى الخبرة.. كما ذاع صيتها كذلك فى إعداد التقارير والتحريات والاطلاع والتحفظ على أى بيانات أو ملفات أو أوراق بما فى ذلك تلك التى تعتبر سرية، واستدعاء من ترى سماع أقوالهم.. وطلب الوقف عن الوظيفة أو الإبعاد مؤقتاً وإجراء التفتيش على الأشخاص ومنازل العاملين بعد الحصول على إذن، وقد كان لها وقائع وقضايا ذائعة الصيت.
 
■ وزادت سلطاتها.. واتسعت دائرتها فى الواقع، وانتشرت بمكاتبها وأعضائها فى ربوع البلاد.. وموزعين على الوزارات والمصالح توزيعاً نوعياً، كما أعدت القضايا وتسابقت مع غيرها من الجهات ليشار إليها فى القضايا الشهيرة.. بين أداء الواجب.. وبين الانتقاد الحاد لتجاوز السلطة أو الانحراف بها، كجهاز رقابى على الوجه الذى سجلته مدونات للأحكام الصادرة من الجنايات وأمن الدولة العليا فى بعض القضايا، حتى ناشدتها تلك الأحكام مراعاة حسن أداء الواجب، والضمير.
 
■ وكان دوماً صوت العقل ينادى بالإرشاد والتوجيه.. أو استحسان مكافحة وقوع الجريمة قبل تمامها.. بإجراءات استباقية أفضل من الإيقاع بها والتلبس، أو نصب الكمائن والسعى وراء النجومية والشهرة، بعد أن انحازت للطريق الأخير فى فترة سابقة ولربما بالغت فى التحريات وإجراء التغييرات.. وذاع صيتها بضبط الجرائم الكبرى حتى صارت شبحاً للضبط والقبض والتفتيش والاحتجاز، وازداد السباق والمنافسة بينها وبين غيرها من أجهزة التحريات التى تختص بضبط ذات الجرائم، حتى امتازت «قضايا الرقابة» بأنها الأخطر شأناً والأعظم أثراً.. والأقوى دوياً وتهديداً!!
 
■ وفى روايات عن قضايا حقيقية وعديدة، أن كثيراً من التحديات قد وقعت بين أعضاء الرقابة وبعض المسؤولين والوزراء.. وأن المحظوظين منهم من ارتبطوا بالرقابة بعلاقة حسنة وصلة مودة وقرب، والعكس بالعكس، وأن التحريات تأتى عن الوزراء وغيرهم من المسؤولين قبل تولى السلطة.. ومنهم من يتحدد مصيره بعدها على تقاريرهم، رغم أن بعض الأعضاء تنقصهم الخبرة.. والتخصص.. لكنهم بحكم سلطات الوظيفة يملكون الكثير، وظلت الرقابة شبحاً يهدد رجال الأعمال والمستثمرين.. ويخشى المسؤولون سلطاتها.. وكما ساهمت فى كشف الجرائم الكبرى.. فلقد تسببت كذلك فى التخويف والتهديد والبطش، الأمر الذى كان له تأثير سلبى على قرارات المسؤولين وتصرفاتهم وعلى مجريات التنمية والاستثمار بشكل عام.
 
■ المدهش أن يأتى جهاز الرقابة الإدارية بعد نصف قرن من الزمان، ليعلن عن تلقى طلبات ومشاكل رجال الأعمال والمستثمرين.. للعمل على حل تلك المشاكل والوقوف على أسباب معوقات الاستثمار بقصد حلها، لا ضبطها أو التحقيق فيها أو كشف الجرائم بشأنها أو اتخاذ سلطاتها فى التحريات والقبض والاتهام والتفتيش!!
 
■ هذا التحول الجاد فى تاريخ الرقابة الإدارية من شأنه أن يضع جهاز الرقابة الإدارية على المحك وفى الاختبار، وأن يحقق بين اختصاصاتها المتعددة منذ إنشائها بالقانون رقم 54/64 سواء فى بحث الشكاوى عن الإهمال فى أداء الوظيفة العامة أو بحث أسباب القصور فى العمل، وعيوب النظم الإدارية والفنية التى تعرقل السير المنتظم للأجهزة العامة وأيضاً متابعة تنفيذ القوانين والتأكد من تحقيق الغرض منها أو أسباب القصور سواء فى الإدارة أو الاستغلال، ويجعل من هذه الاختصاصات دائرة متوازنة، لهذا فهى تعلن عن حل مشاكل وقضايا رجال الأعمال والمستثمرين.. من أجل إيجاد مناخ جاذب للتنمية والاستثمار وتشجيع وإزالة معوقاته.. بالعقل والحكمة.. بعيداً عن شبح الاتهام.. والتفتيش.. والقبض والضبط وإجراء التحفظ.
 
■ وبرغم أن هيئة الرقابة الإدارية تعود بنا إلى زمن بعيد.. وقد انحازت عند ممارستها لاختصاصاتها فى القبض والتفتيش والاتهام.. والكشف عن الجرائم والفساد والرشوة واستغلال النفوذ وضبطها وهو اختصاص هام، إلا أنها أهملت اختصاصاتها الأخرى فى إزالة العقبات ومنع الجرائم قبل وقوعها واقتراح الحلول لمواجهة المشاكل.. وقد نص دستورنا الجديد فى المادة 215 على «هيئة الرقابة الإدارية باعتبارها من الأجهزة الرقابية، والتى يصدر بتشكيلها قانون ويحدد اختصاصاتها ونظام عملها وضمانات أعضائها وتمكينهم لأداء اختصاصهم والحماية اللازمة لأعضائها بكل حياد واستقلال، وأن يعين رؤساؤها بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب.. وأن عليها أن تقدم تقارير سنوية إلى رئيس الجمهورية ومجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وأن تنشر هذه التقارير على الرأى العام وأنه يجب على الأجهزة التنسيق فيما بينها ضماناً لحسن أدائها لعملها».
 
■ ولهذا فإن ما أعلنت عنه الرقابة الإدارية عن تلقى شكاوى رجال الأعمال والمستثمرين للعمل على حل مشاكلهم وإزالة معوقات الاستثمار والتنمية يعد تطوراً مهماً فى مسؤولية جهاز الرقابة الإدارية فى تهيئة المناخ وتشجيع التنمية.. بعيداً عن شبح الاتهام والتفتيش والقبض.. فهل تنجح الرقابة الإدارية فى مهمتها الجديدة بعد ذلك التاريخ الطويل!!
نقلا عن المصر اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع