عماد جاد | الاثنين ١٣ يوليو ٢٠١٥ -
٤٥:
١١ ص +02:00 EET
عماد جاد
عماد جاد
خرج علينا الدكتور أحمد كمال أبوالمجد بحديث مع إحدى الصحف الخاصة يقول لنا فيه إننا نعيش فى ظل ديكتاتورية عسكرية، وإن الرئيس عبدالفتاح السيسى أصبح مخيفاً، ومن ثم بات يمثل خطراً على مستقبل بلادنا. الحديث الذى جاء بعد فترة من الاحتجاب، ملىء بالألغام ويبشر بخراب البلاد ما لم يفتح
النظام صفحة جديدة مع الجماعة فى سياق الحديث عن المصالحة بين الجماعة والنظام. والحقيقة فإن حديث د. أبوالمجد يأتى فى سياق الحملة على الدولة المصرية من قبل الجماعة وأنصارها والمتحالفين معها والمتعاطفين أيضا، والدكتور أبوالمجد يجمع بين أكثر من صفة من هذه الصفات، ومن ثم فحديثه
موظف وموجه. ويلاحظ أن الحديث الأخير للدكتور أبوالمجد جاء بعد فشل أفكار سابقة له تدعو إلى المصالحة وإعادة الجماعة إلى الحياة السياسية من جديد. وعلى الرغم من محاولات أبوالمجد وغيره من رجال الجماعة الاحتفاظ بمسافة عن التنظيم، إلا أنه يحمل ذات الفكر ويتبنى نفس الرؤية وهو الأمر الذى تكشف فى مناسبات عدة لم يتمكن الرجل فيها من الحفاظ على المسافة التى رسمها لنفسه والتى تفصله «شكليا» عن الجماعة، رأيناه فى قضية «وفاء
قسطنطين» ضمن مجموعة الإثارة والتهييج ورتب حملة منظمة مع طارق البشرى وسليم العوا ضد الكنيسة الوطنية المصرية، وساند وهو رجل القانون، ادعاءات سليم العوا بأن الكنائس والأديرة متخمة بالسلاح، وتبنى مع العوا الدعوة لتفتيش الكنائس والأديرة، وهى الادعاءات التى سقطت تماما بعد ثورة الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ وتكشف كذبها بعد أن اقتحمت الجماعة ودمرت أكثر من مائة كنيسة ودير أثرى دون أن تعثر على قطعة سلاح واحدة، ناهيك عن سقوط مقولة البشرى والعوا وأبوالمجد عن أن الغرب سوف يتدخل لحماية المسيحيين المصريين، وما حدث هو أن أنصار الجماعة سجدوا شكرا لله فى رابعة العدوية عندما علموا باقتراب بوارج أمريكية من الشواطئ المصرية.
تحذيرات أبوالمجد الأخيرة تأتى فى سياق مخطط الجماعة الرامى إلى إجراء مصالحة مع الدولة المصرية لإنقاذ رؤوس القيادات والعودة للعمل من جديد فى الساحة السياسية، وخرج أبوالمجد بهذه التصريحات كنوع من الضغط على النظام ودرجة من درجات التصعيد حتى يقبل النظام بفكرة المصالحة. فمن ناحية فإن حديث المصالحة لا يزال مستمرا، فمن حين إلى آخر يخرج علينا من يطرح مبادرة للمصالحة ما بين الجماعة والدولة، تتعدد الوجوه وتختلف الأسماء وتتنوع المسميات والحديث واحد هو المصالحة بين الجماعة والدولة، طرحوا ما سموه بمبادرة للمصالحة بين الجماعة والدولة، وكلما طرحت الفكرة تصاعد غضب الرأى العام المصرى وبسطاء المصريين، فعن أى مصالحة يتحدثون؟ فالجماعة ارتكبت جرائم التحريض والقتل، بل وارتكبت جريمة خيانة الوطن عبر تسريب أدق أسراره إلى مخابرات دول أجنبية وهى إحدى الجرائم التى يحاكم بموجبها محمد مرسى وعدد من أعضاء الفريق الرئاسى الذى كان يعمل معه.
حديث المصالحة هو حديث منتهى الصلاحية يسعى كل من يطرحه إلى تحقيق مكاسب شخصية أو للجماعة، ففى الحقيقة لا توجد مصالحة بين جماعة ودولة لاسيما إذا ما كنا نتحدث عن دولة مركزية عريقة كمصر، وأى حديث من هذا القبيل ينطوى على إهانة للدولة وتاريخها وينسف كل ما حققه الشعب المصرى من إنجازات على مدار الفترة الماضية. لقد حصلت الجماعة على أكثرية مقاعد مجلس الشعب وحصدت منصب الرئيس وأخذت الفرصة كاملة فى حكم البلاد فماذا فعلت؟ بدأت فى تنفيذ مخطط لتفكيك مؤسسات الدولة المصرية، استهدفت مؤسسة القضاء وسعت إلى إلغاء دور المحكمة الدستورية العليا، استهدفت مؤسسة الشرطة وسعت إلى اختراق الأجهزة الأمنية وزرع عملاء لها، طالبت الجماعة بحصة فى كلية الشرطة والكليات العسكرية، كانت تعقد اجتماعات مكتب الإرشاد فى مقر رئاسة الجمهورية، وكان المرشد يقود الاجتماعات بينما يتقهقر من انتخبه الشعب رئيسا إلى الصفوف الخلفية بحسب موقعه التنظيمى داخل هياكل الجماعة. قام الرئيس المدنى المنتخب بفتح خزائن أسرار البلاد، ومن بينها تقارير أجهزة أمنية سيادية وخطط تسليح الجيش ومشروعات التسليح فى المستقبل وقام بتهريب هذه الخطط إلى المخابرات القطرية، فباتت دويلة قطر تمتلك أدق أسرار الدولة المصرية وخطط تسليح جيش مصر، وبما أن هذه الأسرار باتت فى حوزة قطر فإن توقع تمريرها إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا أمر قائم، كما أن تسرب هذه التقارير إلى أيدى جماعات إرهابية تقاتل فى سوريا وليبيا والعراق وتتطلع إلى مصر أمر متوقع أيضا.
جماعة يقوم أنصارها بحرق محولات الكهرباء واستهداف أبراج الضغط العالى، الاعتداء على المصريين بهدف الانتقام منهم لخروجهم على حكم المرشد والجماعة، جماعة تقوم كوادرها بسكب الزيوت على الطرق السريعة لإيقاع حوادث على المشاع وقتل المصريين على الهوية، جماعة لا تؤمن بالوطن ولا قيمة المواطنة وترى فى الوطن مجرد مصر من أمصار كثر، ترى وطننا مجرد حفنة من التراب العفن، بينما يقبلون التراب الأمريكى كما فعل محمد صلاح سلطان، جماعة صلى قادتها ركعات شكر لله احتفالا بهزيمة الجيش المصرى فى عدوان يونيو ١٩٦٧، جماعة تفعل كل ذلك هى جماعة إرهابية خارجة على الإجماع الوطنى، جماعة ضد الوطن والشعب ومن ثم فإن أى حديث عن المصالحة هو حديث ينطوى على خيانة للوطن والشعب، فلا مصالحة مع من ارتكب جرائم التحريض، القتل، الخيانة العظمى بنقل أسرار البلاد إلى أيدى الخصوم والأعداء، وعلى الشعب أن يكشف ويلفظ كل من يتاجر بقصة المصالحة فلا مصالحة مع قتلة ومجرمين وخونة للوطن.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع