الأقباط متحدون - ثورات مصر - صانعوها وراكبوها وسارقوها!
أخر تحديث ٠٠:٠٤ | الجمعة ٢٤ يوليو ٢٠١٥ | ١٧أبيب ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٣١السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ثورات مصر - صانعوها وراكبوها وسارقوها!

بقلم منير بشاى
    اكتب هذا المقال فى مناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو 1952.  ومنذ قيام تلك الثورة حتى اليوم مرت على مصر ثلاث ثورات.  دعنا نقوم بوقفات صغيرة عند كل منها.

ثورة 23 يوليو 1952
    وقد تم تقديمها لنا على انها ثورة شعبية ضد الحكم الملكى الفاسد الذى كان على رأسه الملك فاروق.  ولكنها فى حقيقة الأمر كانت انقلابا عسكريا قام به الجيش بقيادة اللواء محمد نجيب.  وكان من ضمن مجلس قيادة الثورة ضباطا حديثى السن صغيرى الرتبة من ابرزهم البكباشى جمال عبد الناصر.  بعد النجاح المبدأى بخلع الملك ظهرت الخلافات بين قائد الثورة وجيل الشباب.  كان محمد نجيب يريد اتخاذ خطوات صغيرة محسوبة فى قرارات الثورة بينما اراد عبد الناصر ان يأخذ قفزات واسعة.  وانتهى الأمر بالشباب الى عمل انقلاب آخر ضد محمد نجيب تم به عزله وتحديد اقامته واساءة معاملته الى ان وافته المنية.  اصدر مجلس الثورة بعد عزل محمد نجيب قراره بتحديد الملكية الزراعية الذى استولوا عن طريقه على معظم اراضى الاغنياء ووزعوها على فقراء الفلاحين بواقع خمسة فدادين للاسرة.  والمعروف ان هذا القرار غير المدروس كان عاملا على تحطيم قوة مصر الزراعية.  فالفدادين الخمسة اخذت من اصحابها لتعطى الى فلاحين قليلى الخبرة لم يحسنوا استغلالها فضلا عن ان عامل الزمن كان كفيلا بتفتيت الارض عندما تم توريثها من جيل الى جيل.  وبينما كان محمد نجيب له اولوياته التى كانت تركز على بناء الداخل وكان قد وضع شعارا للتغيير يركز على ثلاثة امور وهى: الاتحاد والنظام والعمل.  ولكن عبد الناصر غيّر هذه الاولويات الى التركيز على السياسة الخارجية محاولا ان يكوّن امبراطورية تنافس القوى العالمية الاخرى.  وحاول توحيد الدول العربية ودخل فى مغامرات عسكرية مع بعضها، كما دخل فى حروب ضد اسرائيل لم تكن مدروسة وانتهت بالهزيمة (وليس النكسة).  ومع ذلك فان اخلاص الرجل ووطنيته ونظافة يده ليست محل جدل فقد قام بمشروعات للتصنيع وبنى السد العالى وقرر اتاحة التعليم الجامعى بالمجان.  وهو الذى خلص مصر من بقايا الاستعمار وامم قناة السويس.  ولكن من عيوب حكمه خلوه من الديمقراطية وقمعه للحريات.  وكان جهازه السرى يتجسس على المواطنين ويقبض على كل من ينتقد النظام باعتباره عدوا للثورة ويودع فى المعتقلات.

ثورة 11 يناير 2011
    وهذه ايضا يشك فى انها قامت كثورة.  وكان الشباب قد نظم مظاهرات ضمن ما يسمى الربيع العربى الذى هب على المنطقة.  كان الشباب يحتج على بعض الممارسات التى يقوم بها نظام مبارك وكان سقف طموحاته لا يزيد عن اقرار بعض الاصلاحات واعطاء الشباب بعض الفرص.  وكان شعارهم: عيش حرية عدالة اجتماعية.  ولكن كان هناك فريقا متربصا وهم جماعة الاخوان المسلمين الذين وجدوا هذه فرصتهم فى ان يقفزوا على المظاهرات ليحولوها الى تحقيق الحلم الذى عاشوا من اجله على مدى ثمانين عاما.  وعندما تنحى الرئيس مبارك عين المجلس العسكرى ليتولى شئون البلاد من بعده.  وكان المجلس العسكرى ينحاز للتيار الاسلامى اما عن اقتناع او خوفا من تهديداتهم فى ان يحولوا مصر الى حمامات من الدماء.  وعندما حكم الاخوان مصر لم يلتفتوا الى بناء البلد وتحسين احوال المواطنين بل ركّزوا من البداية على أخونة مفاصل الدولة فى محاولة لتمكين حكمهم على مدى ال 500 سنة القادمة كما كانوا يقولون.  ولكن من سخريات القدر ان محاولات استعجال التغيير بهدف تمكين حكمهم كانت هى التى ادت الى كراهية الشعب لهم وبالتالى عجّلت على لفظ الشعب لهم وطردهم من حكم مصر.

ثورة 30 يونيو 2013
    اتضحت نوايا جماعة الاخوان والتى لم يكن من بينها اى خير لمصر كما يقول شعارهم.  وعوضا عن خدمة الشعب حوّلوا كل موارد مصر لخدمة مصالحهم ومصالح اعوانهم داخل مصر وخارجها.  وعندما ازدادت احوال البلاد سوءا لم يجد الشعب امامه سوى ان يعلنوا غضبهم على الحكام الجدد.  وهب الشباب الى جمع توقيعات للتمرد على نظام الاخوان.  ولكن نظام الاخوان لم يبالى ومضى فى خطته المرسومة.  وهنا اضطر الشباب الى تنظيم مظاهرات فى 30 يونيو 2013 فى العاصمة والاقاليم اشترك فيها اكثر من 30 مليون مصرى من جميع اطياف المجتنع.  ولكن كان من الممكن ان تستمر المظاهرات الى ما لا نهاية دون ان يعبأ بها النظام.  وهنا جاء دور جيش مصر بقيادة القائد الفريق اول عبد الفتاح السيسى الذى امهل النظام فى ان يصلحوا امورهم والا تدخل الجيش.  وفعلا قام الجيش بخلع الرئيس مرسى من الحكم ووضع خارطة طريق استلم الحكم بمقتضاها المستشار عدلى منصور رئيسا مؤقتا.  وفى النصف الثانى من شهر مايو 2014 خرجت جماهير الشعب المصرى داخل مصر وخارجها لانتخاب ابن مصر البار عبد الفتاح السيسى رئيسا للجمهورية بغالبية تزيد عن 96%.  وفى الحال بدأ الرئيس السيسى مرحلة جديدة فى تاريخ مصر لاعادة بناء مؤسسات الدولة والعمل على توطيد السلام والامان فى البلاد وتشييد المشاريع لتحسين الاقتصاد.  ولكن ما يزال التحدى الاكبر هو القضاء على الارهاب الذى ما يزال يسدد ضرباته من وقت لآخر فى محاولة لافشال الدولة المصرية وان امكن اسقاطها حتى يعودوا الى حكم مصر.  ولكن هذا لن يحدث بعد ان لفظهم الشعب وتزداد كراهيته لهم مع كل يوم.

    بعد ثلاث ثورات حصلت مصر على نصيبها من الثورات.  الثورة التى تحتاجها مصر حاليا هى ثورة على الكسل والفساد والتعصب، ثورة تفرض قيمة العمل والانتاج مع روح التآخى والتسامح والتعاون المشترك بين جميع المصريين.
   
    Mounir.bishay@sbcglobal.net


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter