لا فض فوه، المهندس سمير سلامة، رئيس هيئة النقل النهرى، اكتشف إذ فجاة أن المركب النيلى الذى اصطدم بصندل الموت بالوراق غير مرخص له بالإبحار، وليس له أى أوراق قانونية، وطاقم المركب غير مرخص له بقيادة المركب، كما أنه لم يخضع لأى فحص باعتباره لم يرخص له من الأساس!!
فضيحة بكل المقاييس، وكنت فين يا باشمهندس لما أبحر مركب الموت، وهو غير مرخص له بالإبحار، وليس له أوراق قانونية، وطاقم المركب غير مرخص له بالقيادة، اكتشفت الحقيقة المرة بعد أن صار المركب فى قاع النيل، بعد أن غرق الغلابة، بخت الغلابة مايل ليه، لبسوا الجديد، خرجوا يعيدوا فى العيد، فعادوا إلى أهليهم فى توابيت.
أهذا عذر تخرج علينا به وتخزق العيون التى بكت بدلاً من الدموع دماً، عذر أقبح من ذنب، هذه جريمة، مركب الموت لم يخضع لأى فحص لأنه لم يرخص من الأساس، كيف سمحتم لمركب غير مرخص له بالأساس أن يبحر بالأساس، وعلى متنه رجال ونساء وأطفال، كيف سمحتم لطاقم المركب بالإبحار وهم أصلاً غير مؤهلين، غير مرخص لهم بالإبحار، هذا إجرام أن يبحر مركب غير مرخص بطاقم غير مرخص فى النيل.
المهندس سمير سلامة بسرعة وقبل دفن الجثث يتبرأ من الكارثة، المركب ليس له أوراق قانونية، وغير مرخص وطاقمه غير مرخص، هل هذا اكتشاف؟! هل هذا تبرير؟! هل هذا كلام مسؤول عن المسؤول عن السلامة النهرية؟! هى المراكب عندنا تبحر أولاً، وبعد أن تقع الفأس فى الرأس، ويغرق المركب فى القاع يتم مراجعة الأوراق؟!
لو هناك متهم يكون أنت ورجالك فى هيئة النقل النهرى الذين تركوا هؤلاء يبحرون دون توقيف أو اعتراض أو ترخيص.
أخطر من الإرهاب الأسود، الإهمال والتسيب واللامبالاة، هذا إرهاب من نوع آخر، من لون آخر، لو قرر إرهابى تفجير مركب فى النيل لما كانت الحصيلة هكذا ثقيلة، على الأقل لقلنا «إرهاب وإرهابيين مجرمين»، ولكن الإرهاب بعينه، الإجرام بعينه، أن يبحر طاقم غير مرخص بمركب غير مرخص بحمولة بشرية، هذا عبث، هل صارت الأرواح فى مصر رخيصة تغرق فى قاع النيل؟! هو العدد فى الليمون؟!
أرجو مساءلة هذا المسؤول عن السلامة النهرية ورجاله أولاً، ما الذى منع الباشمهندس سلامة من تطبيق اشتراطات الأمان والسلامة على المركب قبل الإبحار؟ وإذا كان المركب ليس له أوراق قانونية، فمن ذا الذى سمح له أصلاً بالإبحار؟! ومن صمت على هذا الإبحار الإجرامى؟! هو أى حد يبحر فى النيل؟! مركب يبحر فى النيل هكذا بلا تراخيص؟! هى فوضى؟!
مسؤولية مَنْ هذا الإبحار الفاجر؟! أى فُجر هذا؟! مركب غير مرخص وطاقم غير مرخص، مركب مجهول يبحر به مجهول فى المجهول، ورئيس هيئة النقل النهرى آخر من يعلم، مركب غير مرخص وغرق، مستحيل، لن تمر هكذا، كم مركباً غير مرخص يجرى فى النيل؟ كم كارثة قادمة؟ بل أصلاً كم مركباً يجرى فى النيل؟ لو كان هذا الحصر موجوداً لما أقدم هذا الطاقم المجرم على الإبحار المجرم فى مركب غير مرخص.
طبعاً ليست أول رحلة، أقصد ليست آخر كارثة، وليست رحلة فى الظلام، مثل هذه المراكب الملعونة تجرى فى النيل تحت سمع وبصر هيئة النقل النهرى، وتجار الموت ينظمون رحلات الموت بتذاكر إلى الآخرة، ويا سواق يا شاطر ودّينا المقابر.
نقلا عن المصري اليوم