الأقباط متحدون - لماذا أثارت تصريحات المالكي غضب السعودية ومرتزقتها؟
أخر تحديث ١٥:٠٥ | الأحد ٢٦ يوليو ٢٠١٥ | ١٩أبيب ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٣٣السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لماذا أثارت تصريحات المالكي غضب السعودية ومرتزقتها؟

د.عبدالخالق حسين
أثارت تصريحات السيد نوري المالكي، نائب رئيس الجمهورية، في مقابلة تلفزيونية مع فضائية "آفاق"، حول دور السعودية في الإرهاب الوهابي التكفيري، ضجة إعلامية من قبل مرتزقة مملكة الشر. فهذه المملكة تملك سلاحين مؤثرين، المال والعقيدة الوهابية التكفيرية. فبالمال سيطرت على 75% من الإعلام العربي، وعدداً غير قليل من الاعلاميين الأجانب. وبالمال أيضاَ استطاعت أن تشتري سكوت بعض الحكومات الغربية التي رغم معاناتها من الإرهاب التكفيري، وعلمها الأكيد بدور السعودية في الإرهاب، إلا إنها تغض النظر عنها وتواصل علاقاتها معها، وتحاول التستر على دورها في الإرهاب.

فماذا قال المالكي حتى يستحق كل هذه الضجة ضده والهجوم عليه؟
قال: "أن جذر الإرهاب وجذر التطرف وجذر التكفير هو من المذهب الوهابي في السعودية"، معتبرا أن “الحكومة السعودية غير قادرة على ضبط هذا التوجه الوهابي التكفيري... وبسبب عجزها فأنا أدعو أن تكون السعودية تحت الوصاية الدولية وإلا سيبقى الإرهاب يتغذى من أموال السعودية وينمو على حساب السعودية وبيت الله الحرام.... والعالم يحتاج لعلاج مشكلة الإرهاب في السعودية كما يسعى لحلها في العالم.)).

وقد أثارت دعوة المالكي هذه رداً مفتعلاً من إعلاميين سعوديين وخليجيين، ومرتزقتهم حيث وصفوه بـ"الطائفي والمجرم، ورئيس عصابة وبوق إيران"(كذا). ولا نستغرب من هذا الرد من هؤلاء فالإناء ينضح بما فيه.

ونحن إذ نسأل: أين الخطأ في تصريحات المالكي، وما الجديد فيها حتى يستحق كل هذه الضجة والهجوم؟ فالكل يعرف، وحتى نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، جو بايدن، أقرب حليف للسعودية، بدور السعودية وقطر وتركيا في دعم الإرهاب. وقد نشرنا مع غيرنا من الكتاب، مئات المقالات عن دور السعودية في الإرهاب. فإلى متى يدس هؤلاء رؤوسهم في الرمال ويناهضون قول الحق؟ فهناك مقالات ودراسات أكاديمية أمريكية موثقة أثبتت الدور السعودي في نشر الإرهاب والتطرف الديني الوهابي الفاشي، وعلى سبيل المثل لا الحصر، أدرج في الهامش رابط إحدى هذه الدراسات للسفير الأمريكي الأسبق كورتين وينزر  بعنوان: (السعودية والوهابية وانتشار الفاشية الدينية)(1). وتقرير آخر نشرته صحيفة كندية يؤكد أن السعودية صرفت أكثر من مائة مليار دولار خلال العشرين سنة الماضية على نشر التطرف الديني الوهابي(2). السعودية تطبق المثل القائل: (رمتني بدائها وانسلت). فمن السعودية ظهر أسامة بن لادن ومنظمة "القاعدة"، والسعودية مولت تنظيمات طالبان في أفغانستان وباكستان، ولحد الآن تدعم جبهة النصرة وداعش بالمال والسلاح. ومئات الفتاوى التي أصدرها مشايخ الوهابية في السعودية وقطر لدعم الإرهاب، وحث شبابهم للذهاب إلى العراق لقتل "الروافض". فهناك تقرير يشير إلى استمرار الجدل حول تصريح عضو سابق بمجلس الشورى السعودي حول "60% من الشباب جاهزون للانضمام لداعش"ومطالبات بمحاسبته(3). وفي حوزتي العشرات من هذه الفتاوى الوهابية التي لا يمكن أن تصدر بدون موافقة، بل وبأوامر الحكومة السعودية. فالسعودية هنا تطبق المثل المصري: (رماني وبكى سبقني واشتكى). وقد طالبنا الحكومة العراقية بتقديم شكوى على السعودية إلى الأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية، على لدعمها الإرهاب في العراق، ولكن مع الأسف وقعت كلماتنا على أذن صماء، بل راحت السعودية هي التي تريد محاسبة العراق.

ومؤسس الحركة الوهابية التكفيرية، محمد بن عبدالوهاب قال ما نصه: «من دخل في دعوتنا فله ما لنا وعليه ما علينا ومن لم يدخل معنا فهو كافر حلال الدم والمال». وهذا بالضبط ما ينفذه الإرهابيون. فجميع منتسبي التنظيمات الإرهابية تبنوا العقيدة الوهابية، وما يمارسونه مارسته المملكة السعودية في بلادها منذ تأسيسها في أوائل القرن العشرين ولحد الآن.

وخلافاً لما يعتقده البعض من مرتزقة السعودية، أن معارضة السعودية للحكومة العراقية ناتجة عن علاقة الأخيرة مع إيران، فالسعودية دائماً في حالة عداء مع العراق وحتى في العهد الملكي، بل وحتى في العهد العثماني. فالحركة الوهابية التكفيرية ومنذ تأسيسها في القرن الثامن عشر، بدأت بحملات الغزو والنهب والسلب والقتل للمدن العراقية (كربلاء والنجف وسوق الشيوخ وغيرها).

وعليه، يجب أن نشكر السيد نوري المالكي على شجاعته في هذه التصريحات التي وضع فيها النقاط على الحروف. فالساكت عن الحق شيطان أخرس. إذ كما جاء في تصريح من مكتب السيد المالكي: ((إن "ما ورد من تصريحات لنوري كامل المالكي بشأن السعودية لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة وهي جزء من مواقف كثيرة تم تبنيها مسبقاً منها ما يتعلق بالسعودية، ومنها ما يتعلق بدول أخرى في المنطقة"، مشيراً الى أنه "لم تصدر أي إشارة على أنها تمثل رأي رئاسة الجمهورية أو مؤسسة رسمية أخرى". وأضاف المكتب أن "موقف المالكي من السعودية ناتج عن تجربة طويلة وخبرة بتفاصيل العلاقة الملتبسة بين بلدين جارين وهو تجسيد لموقف نقدي يستهدف تصحيح هذه العلاقة من خلال التفكير المستمر بالوقائع والحقائق التي فضحتها الوثائق الدبلوماسية الرسمية لهذه الدولة"، لافتاً الى أنه "رغم محاولاته الجادة لإقامة علاقات طبيعية تقوم على أساس التعاون والاحترام المتبادل لكن السعودية أبت واستمرت بنهجها العدائي والطائفي في معاداتها للعملية السياسية في العراق".))(4)

كذلك نؤكد أن الحملة ضد المالكي من قبل مرتزقة السعودية، والدول الخليجية الأخرى، ومسعود بارزاني، ليست جديدة، بل بدأت منذ تسلمه رئاسة الحكومة عام 2006، بعد أن تأكدوا من قوة شخصيته، وتمسكه الشديد بالدستور وبمصلحة العراق. وعلى سبيل المثال، قبل أسابيع نشروا نداءً مشبوهاً بعنوان (حملة وطنية من أجل تقديم نوري المالكي للقضاء)، ونقولها وبألم، أنهم جروا إليها أشخاصاً ما كنا نتمنى أن تتلوث أسماءهم في تلك القائمة المشبوهة. فهؤلاء المرتزقة، وبأوامر من أولياء نعمتهم، يخدعون الناس ويقولون لهم أن المالكي هو سبب الطائفية، والمحاصصة، والإرهاب، والجريمة المنظمة، والفساد، وكل مصائب العراق، بل وحتى الحر الشديد في الصيف، والعواصف الترابية، وكأن العراق قبل تسلم المالكي لرئاسة مجلس الوزراء كان بألف خير، و واحداً من البلدان الاسكندنافية... ألا تعساً لأصحاب الضمائر الميتة. ولكن كيدهم في نحورهم، إذ جاءت تسريبات الويكيليكس صفعة لهم ولأسيادهم.

نؤكد للمرة الألف أن مستقبل الشعب العراقي مرهون بنجاح النظام الديمقراطي والعملية السياسية، وعلى المخلصين قول الحقيقة وأن لا تأخذهم في الحق لومة لائم. 

  abdulkhaliq.hussein@btinternet.com 

http://www.abdulkhaliqhussein.nl/


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter