الأقباط متحدون - وصف مصر والعالم بالمصرى: مشروع قومى بامتياز (1)
أخر تحديث ١١:٢٦ | الاربعاء ٢٩ يوليو ٢٠١٥ | ٢٢أبيب ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٣٦السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

وصف مصر والعالم بالمصرى: مشروع قومى بامتياز (1)

سمير مرقص
سمير مرقص

(1)
دعانى بعض الأصدقاء لمناقشة سلسلة «الشفرة السرية للبيروقراطية المصرية» التى تشرفت بنشرها فى «المصرى اليوم» على مدى 11 أسبوعا، والتى حاولت أن أتتبع فيها مسيرة البيروقراطية المصرية وطبيعة تشكلها، وما أطلقت عليه: «تحولاتها وتحوراتها»؛ عبر العصور. وأظنها لاقت اهتماما كبيرا ومتابعة مقبولة ومعقولة. وفى أثناء النقاش وعندما كنت أذكر بعض الأسماء التى استعنت بها فى إعداد الدراسة مثل نزيه نصيف الأيوبى (1944 ـ 1995) كنت أقصد أن هناك عدم معرفة بأهمية هذا العالم المصرى الجليل الذى غادر مصر إلى جامعة إكستر البريطانية (مطلع الثمانينيات) حيث ألف أهم مرجع عن الدولة العربية وكذلك الإسلام السياسى خلال هذه الفترة. وكيف أنه لا يمكن التعاطى مع المسألة البيروقراطية دون الإشارة إليه. كما أثير أيضا كيف أنه لا توجد دراسة موسوعية شاملة عن البيروقراطية المصرية تتبع مسارها التاريخى منذ نشأتها وقت الفراعنة وإلى الآن. فكل الدراسات التى تناولت هذا الموضوع، تناولته «بالقطاعى» أى: البيروقراطية فى العصر البطلمى، أو فى العصر الفاطمى.. إلخ. ولا توجد دراسة تربط بين كل هذه المراحل تستخرج لنا مسار ومسيرة الجهاز البيروقراطى تحت حكم الأنظمة الوافدة المتعاقبة ثم فى الدولة الحديثة غير المستقلة فالمستقلة.

كذلك أثر الأنظمة الاقتصادية عليه، خاصة أنه كما أثبتنا لا يمكن تطوير البيروقراطية الراهنة ما لم ندرك هذه الخلفية بتفاصيلها المعرفية: التاريخية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية..إلخ.. وأكد لى ذلك عندما وقع فى يدى كتاب «مورو بيرجر» عن «البيروقراطية والمجتمع فى مصر الحديثة: دراسات عن موظفى الحكومة» الصادر باللغة الإنجليزية عام 1957، وترجمه محمد توفيق رمزى عام 1959 (وفى هذا المقام أود أن أشكر الصديق العزيز الكاتب والباحث والصحفى الكبير حلمى النمنم على كريم مساعدته دوماً فى تأمين ما أطلبه من مصادر؛ فهو بحق «سريع الندهة» كما يقولون ودائما حاضر فى النقاش عندما أتبادل معه الرأى). حيث عندما أراد بيرجر دراسة البيروقراطية فى مصر جاء إلى مصر فى إطار رحلة إلى بلدان المنطقة عامى 1953/1954 بهدف إعداد هذا الكتاب. وقد جاء الكتاب موسوعيا بحق فى تناوله للمسألة البيروقراطية..غير نمطى أو جزئى فصار مرجعاً لا غنى عنه.

(2)
وتطور النقاش ووصل بنا إلى أننا نفتقد فى مصر ما يمكن تسميته «بالخرائط المعرفية» الشاملة... وذكرنى أحد الحضور بما قام به مثلا الدكتور رشدى سعيد الجيولوجى المصرى الكبير (ممن أسسوا لعلم الجيولوجيا بمصر، وارتبط اسمه بأغلب الكشوف التعدينية الكبرى فيها) عندما قام بعمل مرجع علمى موثق بالخرائط النادرة حول «نهر النيل: نشأته، واستخدام مياهه فى الماضى والمستقبل». وقال أحدهم: «الشىء بالشىء يذكر. لابد من تذكر موسوعة قناة السويس للدكتور مصطفى الحفناوى ـ 4 أجزاء بالإضافة إلى جزء خاص بالوثائق التاريخية ـ ففيها كل ما يتعلق بقناة السويس من كل الزوايا»..وبسرعة خاطفة ذكر شخص آخر موسوعة «جمال حمدان» حول «شخصية مصر: عبقرية المكان»..

ثم توالى ذكر الأعمال ذات الطابع الموسوعى التفصيلى مثل: الموسوعة الصهيونية لعبدالوهاب المسيرى، تاريخ الفكر الاشتراكى لرفعت السعيد، مجلدات نبيل على حول العقل العربى فى عصر المعلومات والفجوة المعرفية..إلخ. وقبل الاستطراد قال واحد من الحاضرين: «علينا ألا ننسى الخرائط الميدانية حول ثروات مصر الطبيعية وما قام به الدكتور محمد عبدالمنعم القصاص مثلا فى إطار الفريق العلمى الذى تكون من 20 خبيرا وعالما فى مختلف التخصصات (الجيولوجيا، وموارد المياه، والأراضى، والنبات، والحيوان، والحشرات، والجغرافيا، والأنثروبولوجيا)، وذهب إلى سيناء فى عام1951 لدراسة المنطقة الشرقية من شمال سيناء. وحرص أحد الحاضرين أن يذكر بما قاله الدكتور القصاص فى مذكراته عن هذه البعثة بعد أن شرح دور كل عضو فى هذا الفريق وأهميته، بأنها: «كانت بعثة فريدة ولعلها الأولى، فيما بعد الفريق العلمى الذى صاحب نابليون إلى مصر وأعد كتاب وصف مصر، التى يحتشد فيها أكثر من عشرين من العلماء والخبراء ذوى التخصصات المتعددة ويمثلون فريقا متكاملا يقصد إلى مسح الموارد الطبيعية فى منطقة شمال سيناء. ومن أسف أن هذه التجربة الرائدة لم تتكرر.. ولعلى أذكر أن هؤلاء جميعا شاركوا متطوعين لم يطلبوا بدل سفر أو مكافآت، وإنما أقبلوا على العمل بإخلاص وحماس».

(3)
ما إن تم النطق بكلمة «وصف مصر».. قلت: «نحن نحتاج إلى وصف مصر جديد».. نعم، وكررت: «وصف مصر جديد».. فلا تقدم بغير أن يكون لدينا خريطة معرفية «عنّا» نكتبها بأيدينا.. لا بالأمريكانى بحسب الصديقين نبيل عبدالفتاح وجمال زيادة والمرحوم مصطفى إمام. ولا بالعبرى بحسب الصديق الدكتور رفعت سيد أحمد... خاصة أن معالجتنا للأمور لا تقوم على التراكم وإنما على إعادة اختراع العجلة. كما أننا نجهل معالم ومكونات مواردنا البشرية الفكرية والمادية.. لذا لابد من إطلاق مشروع قومى لوصف مصر أو رسم خرائط معرفية لكل تفاصيل ومناحى الحياة المصرية.. ونواصل.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع