الأقباط متحدون -
أخر تحديث ٠٥:٥٠ | الجمعة ٣١ يوليو ٢٠١٥ | ٢٤أبيب ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٣٨السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أسامة سلامة
أسامة سلامة
أسامة سلامة
سواء أغلق ملف قضية المستشار رامى عبد الهادى بعد تقديمه استقالته أو تم التحقيق معه فى ما نسب إليه من طلبه رشوة جنسية من إحدى السيدات مقابل الحكم لصالحها فى قضية منظورة أمامه.
 
وبغض النظر عن الملابسات، التى نشرت حول المستشار والقضايا التى أصدر أحكاما فيها لصالح أو ضد شخصيات عامة وإعلامية، فإن قضية العدالة برمتها تحتاج إلى مناقشات واسعة، وربما من الأفضل عقد مؤتمر عاجل تبحث فيها كل الجوانب المتعلقة بالقضاء. الأمر لا يحتمل الانتظار والتأجيل، ولا يمكن الاكتفاء بترديد مقولات مثل العدالة سليمة والقضاء شامخ. الحقيقة أن مؤسسة العدالة تبدو مريضة، وهناك عدة ظواهر تدل على ذلك:
 
أولها: اختلاف المواطنين حول الأحكام التى تصدر، خصوصا فى القضايا التى تشغل الرأى العام، ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعى بعد الحكم فى عديد من هذه القضايا، وبعيدا عن أصحاب التوجهات السياسية المختلفة، فإن عددا غير قليل من التعليقات يشير إلى أنها أحكام مسيّسة، وأن هناك ضغوطا على القضاة وتعليمات بصدورها.
 
المؤكد أن الغالبية العظمى من القضاة مستقلون، ويحكمون بإيعاز من ضمائرهم وطبقا للأوراق والمستندات التى أمامهم، ومن المفترض أنه لا يجوز التشكيك فى أحكام القضاء، وهى عنوان الحقيقة، لكن إذا كانت هناك شكوك لدى بعض المواطنين العاديين فى الأحكام، ومهما كان عددهم قليلا أو كثيرا فهناك مشكلة يجب التصدى لها وحلها سريعا، قبل أن تتضخم وتصبح ظاهرة تجذب قطاعات أخرى من الشعب. ترك هذا الشعور حتى لو كان خاطئا يتنامى خطر كبير يجب مواجهته سريعًا.
 
ثانيا: كثرة الأحكام التى تنقضها محكمة النقض، وليت مراكز الأبحاث تجرى دراسة عن عدد القضايا التى تصدت لها محكمة النقض، وقضت بإعادتها إلى المحكمة من جديد، وهل هى فى المعدل الطبيعى أم مرتفعة بشكل يثير القلق. هذا الأمر يكشف مستوى القضاة وقدرتهم على فهم وتطبيق القانون تطبيقًا صحيحًا، وإذا ثبت أن معظم الأحكام يتم نقضها فيجب معرفة الأسباب، ولا يجب أن نتجاهل أن من أصدروا الأحكام التى تم نقضها سيصلون ذات يوم إلى العمل بمحكمة النقض بحكم السن، ما يعنى أن أحكام النقض مستقبلا قد تحتوى على أخطاء فى تطبيق القانون، ما لم يتم تدارك الموقف من الآن.
 
ثالثا: التوريث الموجود بقوة فى القضاء، وهو ما أوضحه الملف الصحفى الرائع الذى نشرته «التحرير» الثلاثاء الماضى، وكشفت فيه عن العائلات القضائية، ووجود الجد والأب والحفيد والعم والخال فى هذا المجال، وهو أمر لا يمثل مشكلة إذا كان الأعضاء الجدد يستحقون هذه الوظيفة، ولم يحصلوا عليها على حساب من هو أكثر تفوقا فى الدراسة. التوريث قد يؤدى فى النهاية إلى وجود وكلاء نيابة ضعاف، وقضاة لا يستوعبون القانون وتطبيقاته، والأخطر أنه يولد لدى المجتمع عامة، وعند من حرموا من الحصول على فرصهم فى الالتحاق بالنيابة خاصة، شعورًا بالظلم من مؤسسة العدالة، مما يلقى بظلال تنال من نزاهتها، ومع استمرار هذه الطريقة فى اختيار القضاة الجدد ستتسع الفجوة بين المواطنين والقضاء، وتزيد مساحة الشك فى استقلاله وعدالته، وتتعقد هذه القضية أكثر بقرار المجلس الأعلى للقضاء برفض تعيين من لا يكون والده حاصلا على مؤهل عال، مهما كان تفوقه، وهو ما يرسخ لدى المواطنين أن القضاء ضد العدالة الاجتماعية.
 
الظاهرة الرابعة: العدالة البطيئة غير الناجزة، واستمرار القضايا سنوات قبل صدور الحكم فيها، وهو ما قد يؤدى إلى اضطرار بعض المواطنين إلى التنازل عن جزء من حقوقهم بدلا من الانتظار سنوات على أبواب المحاكم.
 
أعرف أن الأمر شائك، وأن كثيرين يرفضون الاقتراب من هذا الملف، لكننا إذا أردنا إنقاذ بلدنا، والتقدم إلى الأمام فأول خطوة هى الاهتمام بالقضاء، واستعادة ثقة المواطن به. يصفون العدالة بأنها عمياء وتميمتها صورة لامرأة معصوبة العينين حتى لا ترى المتخاصمين، وتتأثر بهم فى أحكامها، لكن إذا أردنا العدالة حقا فيجب أن تكون العيون مبصرة بمشكلاتها ومتاعبها وأمراضها والعمل على علاجها.
 
نقلا عن التحرير

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع