الأقباط متحدون - الإرهاب وحقوق الإنسان ... من يقتل من ؟
أخر تحديث ٠٧:٠١ | السبت ١ اغسطس ٢٠١٥ | ٢٥أبيب ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٣٩السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الإرهاب وحقوق الإنسان ... من يقتل من ؟

ايمن عقيل
ايمن عقيل

العلاقة الرمادية بين حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب
مما لاشك فيه ان أحداث 11 سبتمبر 2001 كانت نقطة فارقة في علاقة الإرهاب بحقوق الإنسان ، أو بعبارة أدق  علاقة مكافحة الإرهاب بالتزامات الدول بالمعايير التي أقرتها المنظومة الأممية لحقوق الإنسان  وتضمنتها مجموعة واسعة من الإعلانات والاتفاقيات ، فتحت شعار " الحرب على الإرهاب " خاضت بعض القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية حربا في كل الاتجاهات ، تلك الحرب التي تجاوزت نطاق الجرم الذي أودى بحياة الآلاف في برجي التجارة العالمي ، ولم يقتصر على  توجيه ضربات لجماعات وتنظيمات تتوفر أدلة كافية على ضلوعها في الجريمة ، بل تجاوزتها للتدخل العسكري في دول ومجتمعات  وإسقاط حكومات بقوة السلاح .

في خضم هذه الحرب " المشروعة " ارتكبت الكثير من الانتهاكات غير المشروعة لحقوق الإنسان ،  ولأن  مرتكب الانتهاكات كان يتمتع بالنفوذ العسكري والاقتصادي والسياسي ، وكان يتمتع بحق الاعتراض على قرارات  مجلس الأمن ذاته ، فقد " خلعت " المنظومة الدولية رداء الشرعية على ممارساته ، وغضت الطرف عن جرائم ، كانت قواعد العدالة تقتضي أن تكون موضع إدانة وتحقيق وحساب .

من وقتها وقضية مكافحة الإرهاب وعلاقتها باحترام حقوق الإنسان  موضع شد وجذب ، فمن جانب  لم يعد منطقيا وضع  الأمرين في حالة صراع ، بمعني أن الحرب على الإرهاب تستلزم بالضرورة انتهاك حقوق الإنسان أو أن احترام حقوق الإنسان يغل  يد الدول التي تتعرض لمخططات وجرائم إرهابية ، ومن جانب آخر  لم يعد من المنطقي أن تظل التشريعات المنظمة لاحترام حقوق الإنسان عاجزة عن تطوير نفسها لتتعامل مع هذا النوع من الجرائم .
في منطقتنا العربية ، وفي مرحلة ما بعد الربيع العربي ، منيت المنطقة بهجمات إرهابية شرسة في معظم البلدان

وقد ازدادت ضراوة العمليات الإرهابية ، واشتد عود التنظيمات التي تقف ورائه في الدول التي  انحازت شعوبها لخيار الدولة المدنية ، ورفضت السلطة الدينية ، وأسقطت الجماعات المتطرفة التي وصلت للحكم  وأرادت ان تقلب  قواعد اللعبة لصالحها ، وتعاملت مع الديمقراطية على أنها  سلم يرفعها للسلطة وتحرقه ورائها .

في ظل  هذه المعطيات الجديدة ، وفي إطار هذا الوضع المرتبك  أصبحت  علاقة حقوق الإنسان  بالإرهاب  علاقة رمادية ، لا يمكن فهمها وفك طلاسمها إلا بالتحليل الدقيق والعميق للواقع من جهة ، وللصكوك الدولية المرتبطة بالقضية من جهة ثانية ، وذلك كله  من أجل غاية وحيدة ، ألا وهي  التأكيد على احترام  حقوق الإنسان على مستوى  الفرد والمجتمع على السواء ، فمكافحة الإرهاب حق أصيل للمجتمع ، وواجب لازم على أي سلطة تنحاز لشعبها ، وفي نفس الوقت احترام حزمة الحقوق  والحريات العامة للأشخاص له مكانته في أي مجتمع ديمقراطي.

من باب الاجتهاد في الطرح ، يحاول كاتب المقال المساهمة في فك طلاسم هذه العلاقة ، من خلال  سلسلة من  الكتابات  المتتالية  التي  ستبقي مجرد  لبنة أولى في حوار – أتمناه ممتد – حول تلك القضية.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter