بقلم:أنطوني ولسن/أستراليا
كنا زوجتي وأنا نشاهد على شاشة التلفزيون فلما هنديا.شد إنتباهنا لما في القصة من معاني سامية عن الحب.والمعروف عن الأفلام الهندية لها مذاق خاص فيه الفرحة ممزوجة بالحزن،والحزن ممزوج بالتضحية من أجل المحبوب سواء من جانب الرجل أو المرأة أو من جانبهما هما الأثنين.دعونا نعيش وبإختصار قصة حب جعلتني أتذكر الأحداث،أحداث القصة التي شدّتنا زوجتي وأنا وجعلتنا نذهب إلى الفراش في ساعة متأخرة من الليل.
أول ما شاهدنا من الفيلم رقصات هندية كعادة فن الرقص الهندي لا إبتذال ولا هز وسط ولا تفاهه،بل أداء متميز مع أغاني على الرغم أن الأغاني" غير مدبلجة" إلآ أننا كنا متتبعين الرقص وتبادل النظرات بين إحدى الراقصات ، وهنا أحب أن أشير إلى أن الراقصات لسنّ راقصات مهنيا ولكنهن يرقصن كعادة الأسر الغنية عندما يحتفلون بخطوبة إبنتهم قبل سفرها إلى خطيبها الضابط.
تبادلت العروس المخطوبة النظرات مع شاب موكل إليه إصطحابها إلى خطيبها ليحميها أثناء السفر .تم الإستعداد لذهاب العروس المخطوبة مع هذا الشاب.
في الطريق كان عليهما أن يعبرا "جسر" معلق يربط بين منطقتين يفصلهما الماء.حدث أثناء سيرهما فوق الجسر أن إهتزت العروس وكادت أن تسقط من فوق هذا العلو،لكنه أمسك بها بسرعة وحملها على يديه فوضعت كلتا يديها حول عنقه وتلاقت الأعين مرة أخرى وبدأت نار الحب بينهما تتأجج.لكن في داخل كليهما ما يجعل هذا الحب لا أمل في تحقيقه.
وصلا إلى حيث يلتقيا بالعريس الضابط الذي يبدو أنه إغتاظ لمرافقة الشاب لخطيبته طوال تلك المسافة وخشي أن تكون قد إشتعلت نار الحب بينهما فقرر إبلاغ شرطة باكستان عنه متهما إياه بالتأمر ضد الدولة الباكستانية فحتجزوه بالسجن للتحقيق معه.أثناء التحقيق كانت العروس وعائلتها مع العريس وعائلته لعقد قرانهما على يد الشيخ الذي بادر وسألها "هل تقبلينه زوجا لكِ" وكا ردها
"بقبل".في نفس اللحظة إنتقلت الكاميرا إلى السجن وإذ بالرجل يتجاهل كل الذين حوله وينطق بكلمة "أقبل" وكأنه يرد على الشيخ البعيد عنه والذي لا يعرفه لكنه كما تخيل الرجل يسأله هو.
استمر الرجل في السجن لمدة22 سنة دون إثبات أية شبهات تحوم حوله،ومع ذلك قدموه الى المحاكمة .في المحكمة طلب القاضي من المحامي إن كان لديه شهود إثبات.فأجاب بنعم ونادي على شاهدين الذين شهدا ضد السجين.سأل القاضي محامية المتهم،فكان ردها ليس لدي شهود فتأجلت القضية.
قررت المحامية أن تقوم بعمل شيء .لذا ذهبت إلى المتهم في السجن وأخبرته أنها تنوي جمع معلومات أكثر عما حدث،وهذا لن يحدث إلاّ إذا أعطيتني بعض المعلومات عنها وعن عائلتها وزوجها وأماكن إقامتهم.شرح لها كل شيء وأعطاها أيضا عنوان محل إقامته.
بالفعل ذهبت المحامية الشابة إلى بيت العروس،وهناك عرفت بموت كل من والد العروس وأمها وزوجها،وأنها ذهبت لتعيش في المكان الذي نشأ عليه المحبوب الذي إنقطعت أخباره عنها.
جلست المحامية الشابة معها وبدأت تطمئنها على سلامته وعلى سوءاله الدائم عنها.
عرفت المحامية كل شيء وأخذتها معها إلى باكستان لتحضر المحاكمة لترد على الأسئلة التي قد توجه لها.
في داخل المحكمة سأل القاضي عن شهود جدد فأخبره المحامي بوجود ضابط شرطة مستعد للشهادة.سأله المحامي عن رأيه في المتهم وإثباتات التهم الموجهة إليه من أنه عميل ويريد نقل معلومات خطيرة ضد الدولة الباكستانية.لكن الضابط بكل شجاعة نفى كل ما كان يتحدث عنه المحامي.وعندما سأل القاضي المحامية ،جاءت إجابتها بسيطة قائلة له:
سيدي القاضي الشاهد القوي أحضرته معي من الهند ،إنها محبوبته التي ضحت بحبها له خشية أن يؤذيه زوجها ويتهمه بأشياء أنا متأكدة أنه بريء منها لكنه يبدو أنه فعلها غيرة منه ولأنه هندوس وزوجها مسلم.
أنهى القاضي القضية بتبرئة الرجل بعد بقائه في السجن 22 سنة دون وجه حق وطالب من المسئولين في الأمن توخي الأشياء بدقة حتى لا يتعرض أحد لأذي غير مبرر وأن الدين لله والوطن للجميع و أن يتم تعويضه ماديا وشرفيا عن السنوات التي قضاها بالسجن وهو بريء، وأن الإختلاف في الدين أو العقيدة أو المذهب لا يعطي الحق لأي إنسان مهما بلغت رتبته العسكرية في تلفيق التهم ضد هذا الرجل الذي سجن ظلما.
** ياليتنا نتعلم في أوطاننا كيف نحترم الآخر بغض النظر عن شكله أو لونه أو دينه،فالدين لله والوطن للجميع.