هم أصحاب النفوذ السري... يطبقون قانونهم على العالم وقتما شاءوا... هيئتهم مثل هيئتنا... ولكنهم يحملون مفاتيح الأسرار المقدسة لهذه الأمة... يطوفون حول عرش مصر ولا يدخلوه... ينصبون حكام وينهوا إمبراطوريات ويخشاهم الجميع... فى عالمهم الموازى دارت أشرس المعارك على كوكبنا... حفروا دستورهم على جدران المعابد.. يمكنك أن ترى آثارهم حول ضريح الحسين أو مقام السيدة... تشتم رائحتهم داخل الكنائس والأديرة... أحجيتهم ملقاة فى مياه النيل منذ آلاف السنوات... يشربها المصريون فيصبحون دون إدراكهم جزء من لعبة حماية التاريخ... الجميع جزء من أقدار مقدسة، دفنت السماء طلاسمها فى ارض مصر.
عن العالم الخفي للحراس السريون لأرض المحروسة... من كهنة معبد آمون وحتى كهنة معبد السيسى ... تدور هذه السطور.
مقولة نرددها جيل عن جيل، تفيد أن "من يشرب من مياه النيل لابد وان يعود إليها"... تلك المياه المقدسة والمباركة... شقت طريقها فى تلك الأرض، لا لتمنحها الحياة فحسب، بل لكى تكون شاهد عبر الزمن على عشرات الأسرار العظمى فى هذا العالم.. وهناك فى عمق الزمن كان كهنة المعابد فى مصر، هم الحكام الفعلين للإمبراطورية... ومع مرور الدهر لم ينتهي عصر الكهنة فى مصر.. بل تغيرت هيئتهم فقط، وظل هؤلاء الكهنة هم من يحملون علوم مصر السرية، ويتحكمون فى كل شئ، وظل العالم ينقب خلف أثارهم، عسى ان يهتدى لأسرارهم التى بها يحرسون هذه الأرض.
بقيت لعنة الكهنة وأسرارهم لا تفارق كل أنصاف الاله الذين حكموا مصر، نرى نقوش لعنتهم على توابيت الفراعنة الذين سحقوا فى ممرات المعابد.. ونرى لعنتهم وسط عشرات من حاولوا ان يسرقون أرضهم... هضموا كل معتد وغاز لأرضهم، وامتصوا رحيق ما جاء به، ثم تركوه يرحل، وخلفه سطر القهر والهزيمة فى التاريخ، يلاحقه الى قيام الساعة... تتار، عثمانيين، فرنساويين، بريطانيين، الجميع تحطم على تلك الصخرة من جبل كبرياء الله.
لعنة واحدة تركوها فوق كرسي العرش فى مصر، تلك اللعنة التى استنطقت فرعون قائلا "أنا ربكم الأعلى"، هى ذاتها نفس اللعنة التى أطاحت بالحاكم بأمر الله ليختفي بعدها فى صحارى مصر، نفس اللعنة، أطاحت بعرش الملك فاروق، وقتلت السادات، واختفت فى حكايات عبد الحكيم عامر وعبد الناصر، وأطاحت بمبارك، وأدخلت محمد مرسى ورفاقه الى القصر، ولم يجلس يوما واحدا على العرش، بل يمكنني الجزم انه لم يدخل حتى غرف القصر.
هؤلاء الكهنة هم ذاتهم من وضعوا السيسى على عرش مصر، هم من وقفوا فى الخفاء يصنعون كل شئ فى العام الاول لحكم الرجل، وأشهدكم انى شاهدت البعض منهم يتلون صلواتهم، وأذكارهم فى ميادين الثورة، واستطعت ان اشتم رائحتهم تفوح من أبواب الكنائس، بل أنى أتزوق كل يوم طعم "سحرهم" فى مياه النيل، يمكنك ان تشعر بوجودهم على أبواب مساجد الحسين والسيدة زينب، وترى وقع خطاهم فى حواري القاهرة الفاطمية، وتسمع أصداء أصواتهم حين تدخل لغرفة الدفن الملكية فى الهرم الأكبر.
ليست كلماتي من قبيل الدروشة السياسية، فهل يمكن ان تخلعوا عباءات خوفكم لدقيقة واحدة، وتحدثوني عن علوم الصوفية السرية فى مصر، هل يمكن ان تصرخون بأحاديث الكهنة فى غرف الأديرة المغلقة فى بلادنا، هل يمكن ان تخبروني لماذا يهرول خلفهم حكام العالم السري فى هذا الكوكب، ويفتش قادة الماسون فى بلادي عن تابوت العهد المقدس، هل يمكن ان نتحدث دون خوف عن حكومة العالم السرية، وشغف البحث عن علوم قدماء المصريين، لماذا يتحسسون وقع أقدام كهنة مصر، قدامى ولا حقين، هى عشرات الأسرار المدفونة فى مصركم، ويدور خلفها أشرس معارك هذا الكوكب، فهناك من يحاول ان يفتش فى عقولكم وضمائركم عسى إن يهتدي لأسرار كهنتكم.
ولأن لله فى أرضه أقدار، ظل المدد لا ينتهي من السماء الى هذه الأرض، لا يفرق بين مسلم او مسيحي او حتى يهودي.. فقط عليك ان تحتسى القدر الكافي من مياه النيل التى تجرى فى ارض مصر، لتصبح جزء من "القدر المحكم" لهذه الأمة..
ففي عالمكم من يرتعد من السيسى، لا لشخصه ولكن لعشرات النبؤات السرية التى يقرئونها عن كهنة معابد مصر، فتاريخ البحث عن النهاية لا ينتهي، فالرجل الذى يسعى لجيش عربى، ويشارك فى تحالف عسكرى عربى، ويخوض ثلاثة حروب فى عام واحد، فى ليبيا واليمن وسيناء، ويجبر الجميع ان يحاربه بسلاح الاقتصاد، وينهى صراع الهوية فى نفس العام، يخشى الكثيرون فى العالم الموازى ان يكون هو وكهنته الممهد ل "جيش محمد"، ومن اجل نبؤات صدقها ان شئت او اتهمنى بالجنون كما يحلو لك !!، تحاك لأرضك مع شروق كل شمس ملاين المؤامرات، ليس لشئ غير انهم يدركون شئ بداخلك لا تراه انت.. ويحمله كهنة وحراس سريون، هو الهوية المصرية.
تلك الهوية التى لم تشهد هزيمة واحدة فى سبعة ألاف عام، وظل الكهنة - بما لهم وما عليهم - يتحكمون فى أدق تفاصيل التاريخ على هذه الأرض، هم من يصنعون قواعد النفوذ، ومن يتحكمون فى قواعد الثروة وتقسيمها بل ونهبها أحيانا، يكتبون القوانين السرية للوظائف العليا، يحددون من هم الصفوة وينتقون أصولهم، يخططون حتى للمدن الجديدة، ومن يسكنها ومن الذى لا يدخلها غير خادم لأصحاب الياقات البيضاء، هم فى النهاية بشر مثلنا، وكلما حادو عن درب حراسة الأمة، أتاهم الله بشئ من أقداره ليعيدهم لسيرتهم الاولى، لتبقى الهوية المصرية الى الأبد جزء من معادلة الله فى خلقه.
من اجل هذا أقول للسيسى صاحب النبؤات، قاهر أصحاب اللحى ومحي المجد القديم، لا يغرنك طقوس الكهنة فى معبدك، أنت هنا بأمر ممن ينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، من بيده ملكوت كل شئ، سخر لك ارض مصر وكهنتها، بمدد من معادلات سماوية وضعت فى كتاب الكهنة، لم يكتبوها بأياديهم، فلا تخضع ولا تلين لهم، كن مدرك للعنة كرسي العرش، بها سحق التاريخ رقاب من سبقوك، وبها حافظت مصر على هيبة الإله فى أرضه، فاكسوا كرسي عرش مصر بأوراق البردي ولا تلامسه بجسدك، ففى هذا الكرسي لعنة الكهنة من حولك، حكموا بها الأرض يوما، وسحقت بها رقاب مئات الحكام قبلك..
نقلا عن روزاليوسف