بقلم : عساسي عبدالحميد- المغرب
ما زلنا نتذكر ذلك التحذير الشفوي الشديد اللهجة المنقول على الهواء لملك السعودية الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ، جاء التحذير أسابيع قليلة قبل أن ينتقل ملك السعودية الى العالم الآخر و يسجى أمام أنظار كل العالم بمسجد الامام تركي ويوارى الثرى بمقبرة العودة بالرياض، وكان التحذير أقرب الى التهديد والوعيد منه الى النصيحة وتقديم المشورة وكان موجها للادارة الأمريكية وكل عواصم الغرب،
حينها قال الملك عبدالله أنه اذا لم تكن لدى المنتظم الدولي الرغبة الصادقة في القضاء على داعش فان الارهاب سيحط رحاله بأوروبا و أمريكا خلال أسابيع قليلة فقط ، بمعنى آخر أن ملك السعودية الراحل يريد أن يشرح للعالم أن هذا التنظيم المسمى داعش والخارج من جوف كعبتنا والراضع من أثداء و نهود وهابيتنا التي هي أساس حكمنا وملكنا و تجبرنا واستعبادنا للناس، هذا التنظيم سيرسل انتحارييه بالعشرات لدار الكفر و الصليبيين للقتل و التخريب و التدمير، فبادر أيها الغرب الصليبي الكافر يقول لك الملك عبدالله إلى اجتثاث داعش هاته التي خرجت من عباءتنا ومرجعياتنا ....
تدخل تركيا اليوم رسميا معمعة الحرب على داعش وبموازاة دخولها في هذه المواجهة وسط ارتباك الحسابات لدى أكثر من طرف تتلقى الضوء الأخضر من واشنطن لكي تلقي بجام نيرانها على المقاومة الكردية وتبقي على الجبهة الثالثة عبر النصرة وجيش الفتح ضد النظام السوري، و بهذا تكون تركيا العثمانية قد و ضعت الرجل الأولى على شفا الهاوية كما وضعها النظام السعودي، انها بداية انهيار قطبين سنيين اسلاميين تاريخين ، قطب الخلافة العثمانية بالشمال و قطب الوهابية بشعاب مكة بالجنوب .... و هذه أوجز طريق و أضمنها لنقل أم القرى من مكة الى حاضرة "قم " الايرانية وقد يحدث هذا في أية لحظة وسط استغرابنا ودهشتنا وعدم تصديقينا، اي انهيار النظام السعودي في وقت قياسي وانتقال دور المركز للحوزة ، خطوة الجنرال الايراني قاسم سليماني المقبلة، هي تسريع تحريك بيادق بطرق محسوبة على رقعة شطرنج تمتد من تل أبيض والقامشلي وزاخو على الحدود التركية مع سورية والعراق شمالا حتى عرعر ورفحاء بالسعودية جنوبا ..
قد يضرب الارهاب في عواصم غربية كما هدد ملك السعودية السابق أياما قبل أن يموت في ذلك البث المباشر لكن ليس بتلك الصورة و الخطورة التي سيضرب بها بعد ساعات أو أيام قليلة بعد كتابة هذه السطور بكل من تركية والمملكة الوهابية بعد أن قرع سلاجقة الترك طبول الحرب على أبواب دولة الخلافة ،قطاع السياحة بتركيا الذي يذر على خزينة تركيا 30 مليار دولار سنويا سيتلقى هذا الموسم ضربة موجعة سيدفع ب أكثر من 30 مليون سائح على تغيير وجهتهم صوب بلدان أخرى ، أما عن الأهداف التي حددها خليفة المسلمين أبي بكر البغدادي بالسعودية كهدف جهادي لانتحاريي داعش و هي مساجد و حسينيات الشيعة الرافضة و تجمعات الجيش و الأمن و الحرس الملكي و الأميري ستنضاف اليها أهداف أخرى وهي مرافق و مصالح عامة قد تكون محطات لتحلية الماء ( حرب العطش ) أو مولدات الطاقة الكهربائية أو محطات المسافرين ....و ذلك في اطار التنويع و دفع الناس الى السخط والعصيان على الأسرة الحاكمة التي تبدر ثروات المسلمين في اجازات و رحلات الشتاء والصيف بديار الكفر ....
مخطئ من يظن بأن هذه الحرب المعلنة ستردم شوكة داعش ، هذا الابن العاق للنظام السعودي الذي تغول وأنبت أنياب السلف الصالح المخيفة أصبحت له حواضن ليس فقط في هذا الشريط الممتد من أندونيسيا شرقا حتى المغرب غربا بل بين الجاليات المسلمة المقيمة بدار الكفر أيضا والأخطر و المرعب حتى بين من أسلموا من الطليان والألمان و الفرنسيس و الانجلتار والأمريكان، حتى بتنا نسمع بعملية استشهادية قام بها أبو زبيدة الألماني أو أبو خديجة الفرنسي وأبو حفصة الانجليزي بواسطة شاحنة تحمل أطنانا من المتفجرات ضد رتل من الرافضة بالعراق ، (( مثلا ...))
مخطئ من يظن أن داعش ستذهب أدراج الرياح بعد دخول سلاطين بني عثمان الحرب رسميا ، داعش ما هي سوى صورة طبق الأصل للوهابية السعودية التي ارتكبت عند نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 جرائم مشابهة لما ترتكبها اليوم داعش بالعراق و سوريا، و سيعمل المنتظم الدولي على تدجينها و احتوائها و الاعتراف بعلمها الأسود و ستفتح لها القنصليات و السفارات في الهند والسند وحواضر بني الأصفر و سيعترف لها بحدود آمنة على أجزاء من التراب العراقي و السوري و السعودي تماما كما تم تجدين و احتواء الوهابية في عهد رؤساء أمريكا "فرانكلين روزفت" و"هاري ترومان" و "ايزنهاور " بعد حفر أولى أبار البترول وبعد الطفرة النفطية التي قامت بتأهيل أصنام العرب السوداء ومجاري بئر زمزم، هكذا سيصير الأمر مع الدعشوشة التي سيتم استبدال قادتها بشكل تدريجي و تعويضهم بقادة على شاكلة الملك فهد والملك سلمان والأمير سلطان النكيحان وتعويض مؤسستها الدينية الرهيبة بمؤسسة دينية تأطر المسلمين و تفقههم في أمور دينهم ودنياهم على غرار تلك التي يرئسها مفتي السعودية أبو بعرة العويران ....
تركيا اذن تلعب بالنار و دخولها للحرب دخول قائم على المراهنة و الحسابات الخاطئة وما يؤكد هذا الطرح هو عندما يصرح أكثر من مسؤول امريكي أن القضاء على داعش قد يتطلب سنين عديدة و أن مقاتلي تنظيم الدولة شرسين ومدمني شرب الدم ولديهم ارادة قتالية تفوق حد الوصف...
هناك قسم بجهاز الاستخبارات الأمريكية يرأسه " رجل المخابرات مايكل فيكرز " هو من يحرك التنظيمات الإرهابية الخارجة من جوف الكعبة بالشرق الأوسط وشمال أفريقية خدمة للأجندة الأمريكية، و لا يعقل أن يتم وئد الدعشوشة وهي الحديثة الولادة في هذه المرحلة الدقيقة وواشنطن مازالت بأمس الحاجة اليها ، ايران من جانبها فتحت عيونها ودوازينها الاستخباراتية و اخترقت داعش وكل أخواتها من الرضاعة و ستوظفها هي كذلك في استراتيجياتها المرحلية وخططها المستقبلية ومنها الطريق الى مكة عبر المنامة ....
انهيار قطبي الاسلام السني المتمثل بالخلافة العثمانية والوهابية السعودية بمكة ستكون من تداعياته انفصال 16 مليون كردي عن تركيا وتشكيلهم مع أكراد سوريا والعراق دولة مستقلة ذات سيادة وجبر خاطر تركيا بضمها للسوق الأوروبية المشتركة عند مطلع 2023 و هذا سيرضي الأتراك والأوروبيين أما عن كردستان ايران فمن المستبعد أن تلحق بالدولة الكردية الجنيسة لأن الايرانيين سيتعاملون بشكل تفضيلي مع أكراد ايران بمنح أكاديمييهم المناصب سيادية وتمكين رجال أعمالهم من كافة التسهيلات للاسثمار و تكوين الثروة و بهذا سيميل المزاج العام لدى أكراد ايران بالبقاء تحت مظلة طهران ...
، أما انهيار القطب الوهابي بمكة فسيكون من تداعياته الطامة الكبرى وبحور من الدماء، فداعش التي تحظى بتأييد ما يفوق 90 في المائة من السعوديين و بتعاطف لدى العديد من رجال الدين سيكون لها أكثر من موطئ قدم و أكثر من بئر بترول لتمول بها جهادها بينما ستسطر ايران خطا أحمر لداعش ستلتزم هذه الأخيرة بعدم تجاوزه على غرار الخط الموجود بالعراق والممتد من سامراء مرورا ببغداد حتى البصرة و هذا الخط الذي سترسمه ايران سيمتد من الكويت حتى سلطنة عمان مرورا بالاحساء و القطيف وهذا ما سيمهد و يعجل بذوبان الشريط الغربي بكامله من الخليج الفارسي في الوعاء الايراني ....