الأقباط متحدون - قرار قائد وإرادة شعب (2)
أخر تحديث ١٣:٠٥ | الاثنين ١٧ اغسطس ٢٠١٥ | ١١مسرى ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٥٥السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

قرار قائد وإرادة شعب (2)

كمال زاخر
كمال زاخر

لا أستريح للكتابات الاحتفالية، وعندما ذهبت إلى افتتاح القناة الجديدة، كنت أسعى للاقتراب من الحدث، فليس من سمع كمن رأى، ربما كنت أتلمس بعضاً من طمأنينة على الأرض، بعيداً عن البيانات الرسمية التى تعودناها قبلاً استعراضاً لأرقام تنحو باتجاه الانتقائية التى صارت ملمحاً فيها بامتداد عمر الدولة منذ أسسها الوالى المبادر محمد على.

لم أرجع خاوى الوفاض، ولم تتوقف الحصيلة على مشهد المجرى الجديد وقدرته على استقبال السفن التجارية حتى حاملات الحاويات العملاقة، فى سلاسة ويسر وانضباط، والتى بعبورها تضيف دخولاً جديدة ومؤثرة على الإيرادات السيادية القومية، تنعكس بالضرورة على البنيان والهيكل الاقتصادى للدولة، فتعيد التوازن مجدداً له، وتُصلح خللاً طاله لعقود، لنصبح أمام إنجاز حقيقى يعطى انطلاقة لمتوالية ممتدة من الإصلاحات لنصل يوماً إلى موقع النمور الأفريقية، ويخرج المواطن المصرى من نفق الاختناق والمعاناة إلى الحياة الكريمة التى يستحقها.

كانت الحصيلة تضم إعادة اكتشاف سر مصر، شبابها، الذى احتل أكثر من 80% من نسبة المشاركة فى هذا اليوم غير المتكرر، وكان لهذا انعكاساته على أجواء اليوم، حماساً وحيوية ووطنية أعادتنا إلى أجواء الفرح التى خاصمتنا كثيراً، استحضروا معهم إبداعات صلاح جاهين وعبدالحليم حافظ وكمال الطويل، وأضفوا على القناة سحراً بأهازيج العبور وفرحة نصر أكتوبر العظيم، ولم تكن حواراتهم أقل موضوعية وعمقاً، طرحوا من خلالها رؤى جادة وحلولاً على الأرض لمواجهة قضايا البطالة وأزمة وإشكاليات الإدارة المحلية من خلال مواقعهم الوظيفية فى دولابها، أتمنى أن تجد مكانها على خريطة الإعلام خاصة المرئى بعد أن يسترد بوصلته، خاصة فى البرامج الحوارية التى صارت خبز يوم العائلة المصرية، وتأكد عندى ما كنت أراهن دوماً عليه، أن شبابنا غير منفصل عن هموم وطنه، ولديه ما يقدمه ويعمله، ويطرق أبواب الحوار والتواصل، وبقى أن نقابل سعيهم بسعى جيلى حقيقى نحوهم، نترجمه فى كسر رتابة العلاجات التقليدية، والخروج من أنساق الإحالة إلى لجان تحكمها قواعد لم تعد تنتمى إلى العصر، وربما تكون زيارة الرئيس المرتقبة إلى الصين وسنغافورة وغيرها من دول جنوب شرق آسيا، واحدة من عناصر تكوين رؤية عن تجربة هذه الدول التى كانت أشد فقراً وأكثر تقليدية، بل ولم تكن تملك من مقومات ومعطيات النمو ما نملكه، ولديها من الأعراق والإثنيات العشرات والمئات، لكنها اكتشفت كلمة السر «التوحد الوطنى» وإعمال القانون فى حزم وحسم وانضباط، وتوفر الإرادة السياسية ووضوح الهدف والقدرة على القفز إلى المستقبل بجسارة وإرادة لا تلين.

ربما يكون من المفيد أن يكون للشباب نصيب وافر فى الوفد المرافق للرئيس بجوار الخبراء ورجال الأعمال، فى بادرة تعيد إنتاج تجربة بعثات محمد على للغرب، والتى نقلتنا مع غيرها إلى أعتاب التنمية والخروج من عصورنا الوسطى.

فى طريق عودتنا من موقع القناة كانت حدائق المانجو التى تشتهر بها الإسماعيلية، بامتداد عمرها، على الجانبين تحمل روحاً مصرية آمنة، فأشجارها فى متناول يد الناس لا تفصلها عنهم أسوار أو حتى سياجات مانعة، تؤكد ما نتمتع به من طمأنينة وجماعية، رغم محاولات نقل خبرات المزارع المغلقة، فى غيرها، من خارج ثقافتنا وموروثنا، لكنها لم تنجح فى إزاحة حميميتنا وتكافلنا.

وكان اللافت فى طريق الذهاب والعودة منظومة الطرق التى تمت إضافتها خلال العام المنقضى والتى تمت إقامتها وشقها بجودة عالية ومواصفات عالمية بسواعد مصرية وتحت إشراف جيشنا العظيم، وفى وقت قياسى، تختصر وقت الرحلة، وتوفر البنية الأساسية لإقامة مجتمعات سكانية وصناعية جديدة، تضخ نتاجها فى منظومة الاقتصاد، بثقة ووفق رؤية منضبطة مدروسة، كانت كلمتى وأنا أبارح الحافلة فى القاهرة: عظيمة يا مصر، أكيد بكرة أحلى.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع