الأقباط متحدون - فرج فوده فى ذكرى ميلاده السبعين..
أخر تحديث ١٣:١٣ | السبت ٢٢ اغسطس ٢٠١٥ | ١٦مسرى ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٦٠السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

فرج فوده فى ذكرى ميلاده السبعين..

فرج فوده
فرج فوده
بقلم - سامح جميل
فرج فوده كاتب ومفكر مصري علماني. ولد في 20 أغسطس 1945 ببلدة الزرقا بمحافظة دمياط في مصر. وهو حاصل على ماجستير العلوم الزراعية ودكتوراه الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس، و لديه ولدان وابنتان، تم اغتياله على يد الجماعة الإسلامية في 8 يونيو 1992 في القاهرة. كما كانت له كتابات في مجلة أكتوبر وجريدة الأحرار المصريين...اثارت كتابات د. فرج فودة جدلا واسعا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، واختلفت حولها الآراء وتضاربت فقد طالب بفصل الدين عن السياسة و الدولة وليس عن المجتمع.
 
كانت جبهة علماء الأزهر تشن هجوما كبيرا عليه، وطالبت لجنة شؤون الأحزاب بعدم الترخيص لحزبه، بل وأصدرت تلك الجبهة في 1992 "بجريدة النور" بياناً بكفره...
 
شارك في تأسيس حزب الوفد الجديد، ثم استقال منه وذلك لرفضه تحالف الحزب مع جماعة الإخوان المسلمين لخوض انتخابات مجلس الشعب المصري العام 1984..ثم حاول تأسيس حزب باسم "حزب المستقبل" وكان ينتظر الموافقة من لجنة شؤون الأحزاب التابعة لمجلس الشوري المصري
 
أسس الجمعية المصرية للتنوير في شارع أسماء فهمي بمدينة نصر، وهي التي اغتيل أمامها.. ..ولد فرج فودة في قرية الزرقا بالقرب من مدينة دمياط في 20 أغسطس 1945. وهي نفس بلدة إبراهيم عبد الهادي (1896-1981)، رئيس وزراء مصر (1948-1949)، الذى قاد حملة أمنية عنيفة ضد جماعة الإخوان المسلمين واغتيل في عهده الشيخ حسن البنا (1906-1949). والزرقا أيضا هي بلدة الدكتور رفعت المحجوب (1926-1990)،

رئيس مجلس الشعب المصري (1984-1990)، والذي اغتيل على يد إسلاميين مسلحين ...شارك فرج فودة في مظاهرات الطلبة الغاضبة عام 1968 واعتقل لعدة أيام في عهد الرئيس جمال عبد الناصر..قد آمن فرج فودة بمسؤولية السادات عن نمو التيارات الدينية و أسماه "بالانتحار الساداتي"، إذ يدعي أن الجماعات الإسلامية في الجامعات، قد تكونت على يد مباحث أمن الدولة، لمواجهة الناصريين واليساريين وبتوجيه من السادات. واعتبر أن اكتساحها للانتخابات الطلابية في نهاية حياته، بعد أن فقد السيطرة عليها، كان كابوسا يؤرق منامه.
 
تقبل فودة تضمن دستور 1971 ضمن نصوصه، لأول مرة، "أن مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع". بدعوى أن أغلب القوانين المدنية مستقاة من أحكام الشريعة الإسلامية. لكنه عارض السادات عند طرح استفتاء عام قبل وفاته في عام 1981، ضمنه مجموعة من البنود والتي على الناخب أن يجيب عليها جملة واحدة بالإيجاب أو النفي. ومنها تعديل المادة السابقة بالنص على أن الشريعة الإسلامية هي "المصدر" الرئيسي للتشريع، بإضافة حرفي الألف واللام." وقد اعتبر فرج فودة إضافة هذه المادة تمهيداً لقيام الدولة الدينية، المقوضة بالضرورة للدولة المصرية المدنية.
 
عند عودة التعددية الحزبية في عهد الرئيس السادات عام 1978، اعتبر فرج فودة أن "الحزب السياسي المنظم، والقوي الوحيد في الساحة المصرية الآن هو الحزب الديني الإسلامي بكافة اتجاهاته، وهي اتجاهات قد تتنافر في الأساليب، لكن يمكنها بسهولة شديدة أن تتجمع في إطار واحد يشمل الإخوان المسلمين (باتجاهاتهم) والجهاديين. و دعى لأن يواجهه تجمع سياسي له جذور في الشارع المصري، يؤمن بالديمقراطية، ويكون قادرا على اجتذاب جميع الاتجاهات الليبرالية في مصر، ويرفع شعار الوحدة الوطنية ليس فقط كفكر مجرد، بل كتراث سياسي عظيم، ويمثل تجمعا شعبيا أكثر منه

أيديولوجية سياسية، حيث تلتقي تحت لافتة العدل الاجتماعي كافة التيارات السياسية في ظله، أو على الأقل تناصره.وقد شارك فرج فودة في تأسيس حزب الوفد الجديد، لاعتقاده بالتقاء الخصائص السابقة فيه وفي تراثه التاريخي، واعتبر أنه "سوف يكون الصراع حتى نهاية هذا القرن [=العشرين] في مصر، بين الوفد والاتجاه السياسي الديني المتطرف. وسوف تكون لكل منهما قواعده الشعبية. وسوف يلتف حول الوفد جميع المؤمنين بالديمقراطية

والوحدة الوطنية، أفرادا وأحزابا. وعلى ضوء هذا الصراع سوف يتحدد المستقبل: الانتماء للمستقبل أم للماضي، الديمقراطية أم الإرهاب، الليبرالية أم القهر، الانتماء للعصر أم للتاريخ، مصر أولا أو للعقيدة أولا."
 
يرى فرج فودة أن اعتبار تيار الإسلام السياسي المعاصر في مصر تيارا واحدا هو "خطأ شائع،"فهو يقسمه إلى ثلاثة تيارات مختلفة هي:
التيار التقليدي: ويتمثل في جماعة الإخوان المسلمين التي نشأت في العشرينيات والتي – رغم اعتدالها الظاهري – ينبئ تاريخها في مصر بلجوء بعض أجنحتها إلى "اغتيال المعارضين في ظل الأنظمة الديمقراطية أو قلب نظام الحكم في ظل الأنظمة الشمولية."[9] ورغم رفض مؤسسها حسن البنا تحول الجماعة إلى حزب سياسي، إلا أنها الأكثر تنظيما ومشاركة في الحياة السياسية منذ دخولها مجلس الشعب لأول مرة عام 1984.
 
التيار الثوري: ويتمثل في الجماعات الإسلامية المسلحة التي نشأت في أواخر الستينيات، وهي تعتقد بجاهلية المجتمع وترفض الدستور والديمقراطية وتؤمن بالعنف كأسلوب وحيد للعمل السياسي.
 
التيار الثروي: ويتمثل في أصحاب الثروات المتضخمة التي تكونت نتيجة للعمل في المملكة العربية السعودية أو في مصر بعد الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات.
 
وبصورة عامة، فيمكن اعتبار العديد من كتب فرج فودة دراسات تفصيلية للتيارات الثلاثة، "فحوار حول العلمانية" (1987) هو نقد للتيار التقليدي، و"الإرهاب" (1988) نقد للتيار الثوري، و"الملعوب" (1985) نقد للتيار الثروي وتحذير من أثر بيوت توظيف الأموال الإسلامية على الاقتصاد المصري وتدمير مدخرات المصريين وإضعاف السيولة اللازمة للاستثمار وإبخاس قيمة الجنيه المصري.كذلك يعتبر كتابه "النذير" (1989) تأريخا لحركة هذه التيارات الثلاثة والتي بدأت منفصلة شبه متناحرة في انتخابات 1984، ثم متحالفة في انتخابات 1987، ولفشل تعامل الحكومات المصرية مع هذه التيارات.
 
ومع تزعم أحزاب "التحالف الإسلامي" للمعارضة في برلمان 1987، حاول فرج فودة توثيق تصريحات أعضاء هذا التحالف بحثا عن برنامج سياسي لهم، من مثل رفض إبراهيم شكري (1916-2008) رئيس حزب العمل الاشتراكي لمناقشة الميزانية في البرلمان "لوجود بنود فيها محملة بوزر الفوائد الربوية وموارد المشروبات الروحية،" مما يعني بالضرورة فرار الحكومة من المساءلة، واقتراح مصطفى كامل مراد (1927-1998) حل المشكلة الاقتصادية بالبحث عن كنز قارون في الفيوم، وطلب الحمزة دعبس (1936- ) مرشح التحالف عرض الإسلام على السفير الإسرائيلي فإن رفض فالجزية فإن رفض فالقتل، ودعوة الشيخ يوسف البدري (1938- ) مرشح التحالف إعلان الحرب على بلغاريا وإسبانيا لأنهما من بلاد المسلمين المغصوبة، وهي كلها الآراء التى تنم في رأي فرج فودة عن افتقار التحالف لبرنامج حقيقي..
 
يرى فرج فودة أن انعدام وجود برنامج سياسي لدى أنصار التيار الإسلامي هو أكبر الأخطار على مستقبل مصر. وهو يعزيه فكريا إلى قصور فكر الاجتهاد لدى أنصار هذا التيار: "هذه الدولة الإسلامية تحتاج إلى برنامج سياسي يعرض تفصيلا وتأصيلا للعموميات والجزئيات، وأنهم أعجز من أن يصيغوا مثل هذا البرنامج أو يتقدموا به، وأنهم يهربون من الرحى برميها فوق رؤوسنا، داعين إيانا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، التي تقودنا بالحتم إلى دولة دينية إسلامية، نتخبط فيها ذات اليمين وذات اليسار، دون منارة من فكر أو اجتهاد مستنير، وليحدث لنا ما يحدث، وليحدث للإسلام ما يحدث، وما علينا إلا أن نمد أجسادنا لكي يسيروا عليها خيلاء، إن أعجزهم الاجتهاد الملائم للعصر رفضوا العصر، وإن أعجزهم حكم مصر هدموا مصر."
 
يعتقد فرج فودة أن عدم وجود برنامج سياسي محدد للإسلام السياسي المعاصر والمقيد باجتهادات السلف مرجعه غياب مثل هذا البرنامج لدى السلف أصلا. وهو ما عكف على إيضاحه في كتابه الهام "الحقيقة الغائبة" (1984) والذي وضعه للرد على أسئلة محددة هي: "هل هناك … نظام حكم واضح المعالم في الإسلام؟ هل هناك قاعدة في القرآن والسنة تحدد كيف يبايع المسلمون حاكمهم وتضع ميقاتا لتجديد البيعة، وتحدد أسلوبا لعزل الحاكم بواسطة الرعية، وتثبت للرعية حقها في سحب البيعة كما تثبت لها حقها في إعلانها ؟وقد اعتمد فيه على ما ورد في أمهات كتب التاريخ الإسلامي مثل تاريخ

الطبري وطبقات ابن سعد ومروج الذهب للمسعودي والبداية والنهاية لابن كثير وتاريخ الخلفاء للسيوطي، حيث أنه: "ليس أبلغ من التاريخ حجة، ومن الوقائع سندا، ومن الأحداث دليلا ... ولو أهملنا معا هذه المراجع، لما بقى من تاريخ الإسلام شيء، ولما بقيت في أيديهم حجة، ولما استقر في كتاباتهم دليل، ولما وجد لمنطقهم سندا أو أصلا أو توثيقا..
 
فمبايعة الخليفة أبي بكر الصديق (632-634) في اجتماع السقيفة مختلفة عن توصيته لعمر بن الخطاب (634-644) بكتاب مغلق، وعن قصر عمر البيعة على ستة فقط من كبار الصحابة اختاروا عثمان بن عفان (644-656)، وعن اختيار علي بن أبي طالب (656-661) ببيعة بعض الأمصار، وعن أخذ معاوية بن أبي سفيان (661-680) البيعة بالسيف، وأخذ يزيد بن معاوية (680-683) ومن تبعه من الأمويين ثم العباسيين إياها بالوراثة: "أنت هنا أمام ستة أساليب مختلفة لاختيار الحاكم، يرفض المتزمتون تجاوزها، ويختلفون في تفضيل أحدها عن الآخر، ويرى المتفتحون أن دلالتها الوحيدة أنه لا قاعدة."
 
ويرى فرج فودة أن حديث "الأئمة من قريش"، والوارد في أمهات كتب الحديث، هو غالبا من الأحاديث الموضوعة في عهد الأمويين أو العباسيين، حيث أنه يتنافي مع روح الإسلام القائمة على المساواة، وإلى أن أحدا من الصحابة أنفسهم لم يحتج بهذا الحديث في اجتماع سقيفة بني ساعدة في المدينة للمفاضلة بين أبي بكر القرشي وسعد بن عبادة الأنصاري، ولقول عمر "لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لوليته..
 
هل كان نظام الخلافة إسلاميا حقا ؟
 
الإجابة لا، ويعدد فرج فودة الأمثلة على ذلك :
 
قتال أبي بكر الصديق للممتنعين عن دفع الزكاة لبيت المال ودفعها للمحتاجين مباشرة.
 
رفض عثمان بن عفان القصاص من عبيد الله بن عمر بن الخطاب بعد قتله ثلاثة من الفرس المسلمين انتقاما لمقتل أبيه رغم عدم اشتراكهم فيه، ومن بينهم الهرمزان صاحب المقولة الشهيرة "عدلت فأمنت فنمت يا عمر".
 
رفض علي بن أبي طالب القصاص من قتلة الخليفة عثمان.

قتل معاوية بن أبي سفيان للصحابي حجر بن عدي.
قتل يزيد بن معاوية للحسين بن علي وآله، واستباحته المدينة ثلاثة أيام بعد موقعة الحرة، مما أدى إلى قتل 4500 من الصحابة الأنصار وأبنائهم وفض بكارة 1000 بكر من بناتهم، وذلك انتقاما لآبائه ممن قتلهم بنو هاشم والأنصار في غزوة بدر في عهد الرسول..
 
اعتبر فرج فودة أن "الإسلام على مفترق طرق، وطريق منها أن نخوض جميعا في حمامات الدم، نتيجة للجهل وضيق الأفق وقبل ذلك كله نتيجة لانعدام الاجتهاد المستنير، وطريق آخر أن يلتقي العصر والإسلام، وذلك هين يسير، وسبيله الوحيد هو الاجتهاد المستنير، والقياس الشجاع، والأفق المتنور، ولست أشك في أن البديل الثاني هو الوحيد.
 
يعتبر فرج فودة أن "آفة حياتنا السياسية أننا لا نسمي الأشياء بأسمائها." ولهذا فقد اكتنف تعريف العلمانية في مصر الضباب والغموض، مما ساعد أنصار الدولة الدينية على إشاعة أنها "مفهوم إلحادي دخيل" يتراوح بين الكفر الضمني إلى الردة التي لا شبهة فيها وفي المقابل، فقد تراجع أنصار الدولة المدنية – من الحزب الحاكم أو المعارضة المدنية - عن إعلان اللفظ أو التمسك به، إما تخوفا أو طمعا في الأصوات الانتخابية مما أدخله فرج فودة في "باب خفة الرأي، وهي لا تختلف كثيرا عن خفة اليد، غاية ما في الأمر، أن المنتشل مختلف، فهو صوت لدى أصحاب الرأي الخفيف، ونقود لدى أصحاب الأيدي الخفيفة."ويتحسر فرج فودة عندما "نجد أقواما يخيرون الشعب بين الإسلام والعلمانية، وكأنهما طرفا نقيض، أو كأن المسلم لا يكون علمانيا، وأن العلماني ليس مسلما...
 
يؤكد فرج فودة أن مفهوم العلمانية يختلف من بيئة إلى أخرى: "فالعلمانية في فرنسا تختلف عنها في المملكة المتحدة، فعلى حين تنفصل الدولة عن الدين بصورة كاملة في فرنسا، فإن رأس الدولة هو نفسه رأس الكنيسة ممثلا في الملك في المملكة المتحدة، وهو فرق وإن كان شكليا إلا أنه فرق، ثم يعرف العلمانية المصرية، أي تلك التي ارتبطت بنشأة الدولة المصرية الحديثة منذ القرن التاسع عشر، بأنها "تعني في مصر الفصل بين الدين والسياسة ولكنها لا تعني الفصل بين الدين والدولة حيث توجد مساحة لتداخلهما، وقد استقر ذلك وارتقى إلى مرتبة العرف، فالدولة ترعى المؤسسات الدينية، وتختار قياداتها، وتحتفل بصورة رسمية بالأعياد وبالمناسبات الدينية، وتفرد للدين مساحة واسعة في وسائلها الإعلامية وفي مؤسساتها التعليمية، ولكن ذلك كله يتم في إطار محدد ومحدود، لا يخرج بمصر عن العلمانية، ولا يدخلها في إطار الدولة الدينية.فالعلمانية المصرية لا تعني فصل الدين عن المجتمع، حيث أن "الدين مطلوب، لأنه أحد أسس تكوين الضمير في المجتمع." العلمانية المصرية "إنما يحقق صالح الدين وصالح السياسة معا..

فتوى التكفير
 
في 3 يونيو 1992، نشرت جريدة (النور) الإسلامية – والتي كان بينها وبين فرج فودة قضية قذف بعد اتهامه بأنه يعرض أفلاما إباحية ويدير حفلات للجنس الجماعي في جمعية (تضامن المرأة العربية)، وهي القضية التي كانت في طريقها لخسارتها – نشرت جريدة (النور) بيانا من ندوة علماء الأزهر يكفر فرج فودة ويدعو لجنة شؤون الأحزاب لعدم الموافقة على إنشاء حزبه (المستقبل).
 
عملية الاغتيال
 
وفي 8 يونيو قبيل أيام من عيد الأضحى، انتظر شابان من الجماعة الإسلامية، هما أشرف سعيد إبراهيم وعبد الشافي أحمد رمضان، على دراجة بخارية أمام (الجمعية المصرية للتنوير) بشارع أسماء فهمي بمصر الجديدة حيث مكتب فرج فودة. وفي الساعة السادسة والنصف مساء، وعند خروجه من الجمعية بصحبة ابنه أحمد وصديق، وفي أثناء توجههم لركوب سيارة فرج فودة، انطلق أشرف إبراهيم بالدراجة البخارية وأطلق عبد الشافي رمضان الرصاص من رشاش آلي فأصاب فرج فودة إصابات بالغة في الكبد والأمعاء، بينما أصاب صديقه وابنه إصابات طفيفة، وانطلقا هاربين. غير أن سائق سيارة فرج فودة انطلق خلفهما وأصاب الدراجة البخارية وأسقطها قبل محاولة فرارها إلى شارع جانبي، وسقط عبد الشافي رمضان وارتطمت رأسه بالأرض وفقد وعيه فحمله السائق وأمين شرطة كان متواجدا بالمكان إلى المستشفى حيث ألقت الشرطة القبض عليه، أما أشرف إبراهيم فقد تمكن من الهرب.

جنازة فرج فودة.
 
حملت سيارة إسعاف فرج فودة إلى المستشفى، حيث قال وهو يحتضر "يعلم الله أنني ما فعلت شيئا إلا من أجل وطني. وحاول جراح القلب د. حمدي السيد نقيب الأطباء إنقاذ حياة فرج فودة، لمدة ست ساعات، لفظ بعدها أنفاسه الأخيرة. كما حمل ابنه أيضا إلى المستشفى حيث تعافى من إصاباته.
المحاكمة..
 
عبد الشافي رمضان أحد قاتلي فرج فودة.
 
بالتحقيق مع عبد الشافي رمضان، أعلن أنه قتل فرج فودة بسبب فتوى الدكتور عمر عبد الرحمن مفتي الجماعة الإسلامية بقتل المرتد في عام 1986. فلما سؤل من أي كتبه عرف أنه مرتد، أجاب بأنه لا يقرأ ولا يكتب، ولما سؤل لماذا اختار موعد الاغتيال قبيل عيد الأضحى، أجاب : لنحرق قلب أهله عليه أكثر...
 
ومع استمرار التحقيقات، اعترف عبد الشافي رمضان بأنه تلقى تكليفا من صفوت عبد الغني، القيادي بالجماعة الإسلامية والمحبوس في السجن في قضية اغتيال الدكتور رفعت المحجوب منذ 1990، وذلك عن طريق محاميه منصور أحمد منصور. وبأنه حصل على الرشاش الآلي من محمد أبو العلا، وتلقى تدريبات رياضية عنيفة على يد محمد إبراهيم، وحصل مع شريكه الهارب أشرف إبراهيم على الدراجة البخارية من جلال عزازي، وبأنهما اختبآ عند وليد سعيد وحسن علي محمود وأشرف عبد الرحيم حتى وقت العملية، بينما قام محمد عبد الرحمن وعلي حسن برصد تحركات فودة لاختيار أفضل مكان مناسب لتنفيذ عملية الاغتيال. وألقت الشرطة القبض على كافة المتهمين وقدمتهم إلى محكمة أمن الدولة طوارئ.
 
وفي أبريل 1993، تم القبض على أشرف إبراهيم في المنصورة أثناء مشاركته في محاولة اغتيال وزير الإعلام صفوت الشريف، وحكمت عليه محكمة عسكرية بالإعدام، ونفذ الحكم بينما لا تزال قضية فرج فودة منظورة أمام المحكمة.
 
وعقدت المحكمة 34 جلسة استمعت فيها إلى أقوال 30 شاهدا. وطلب المحامون شهادة الدكتور محمود مزروعة – رئيس قسم العقائد والأديان بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر – والذي ترأس ندوة علماء الأزهر بعد سفر الدكتور عبد الغفار عزيز إلى المملكة العربية السعودية. وفي يوم شهادة الدكتور مزروعة تطوع للشهادة الشيخ محمد الغزالي، واستمرت شهادته لمدة نصف ساعة، وقال فيها : "إن فرج فودة بما قاله وفعله كان في حكم المرتد، والمرتد مهدور الدم، وولي الأمر هو المسئول عن تطبيق الحد، وأن التهمة التي ينبغي أن يحاسب عليها الشباب الواقفون في القفص ليست هي القتل، وإنما هي الافتئات على السلطة في تطبيق الحد." ثم شهد الدكتور مزروعة لمدة ثلاث ساعات قال فيه "إن فرج فودة كان يحارب الإسلام في جبهتين … وزعم أن التمسك بنصوص القرآن الواضحة قد يؤدي إلى الفساد إلا بالخروج على هذه النصوص وتعطيلها. أعلن هذا في كتابه (الحقيقة الغائبة)، وأعلن رفضه لتطبيق الشريعة الإسلامية، ووضع نفسه وجندها داعية ومدافعا ضد الحكم بما أنزل الله. وكان يقول: لن أترك الشريعة تطبق ما دام فيّ عرق ينبض. وكان يقول: على جثتي. ومثل هذا مرتد بإجماع المسلمين. ولا يحتاج الأمر إلى هيئة تحكم بارتداده. وأكد المتهمون أن شهادة الشيخ الغزالي والدكتور مزروعة تكفيهم ولو وصل الأمر لإعدامهم بعد ذلك.
 
حكمت المحكمة بإعدام عبد الشافي رمضان ونفذ فيه الحكم، كما حكمت بسجن محمد أبو العلا لتوفيره السلاح، وبرأت باقي المتهمين، غير أن وزارة الداخلية اعتقلتهم، ونقلتهم إلى سجن الوادي الجديد، وتردد أنه كان يتم تعذيبهم يوميا،وبعد 6 أشهر تفرقوا في مختلف السجون، ولكن أحدهم وهو علي حسن المتهم برصد تحركات فرج فودة توفي في سجن الوادي الجديد ..
 
وأفرجت وزارة الداخلية عام 1993 عن عدد من المتهمين هم وليد سعيد ومحمد عبد الرحمن وحسن علي محمود. وفي عام 2003 أفرجت عن جلال عزازي وأشرف عبد الرحيم وباقي المتهمين عدا محمد إبراهيم، الذي تم الإفراج عنه عام 2005، ثم أفرجت عن صبحي أحمد منصور وصفوت عبد الغني في عام 2006 في عهد الرئيس حسني مبارك.ثم أفرج الرئيس محمد مرسي عن أبو العلا محمد في عام 2013، والذي أعلن في أكثر من مقابلة تليفزيونية بعدها عدم ندمه على قتل فرج فودة لأنه كافر..
 
وأعلن المستشار مأمون الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين عن ترحيبه وتبريره لاغتيال فرج فودة في اليوم التالي في جريدة (الأخبار) وإذاعة (صوت الكويت) وبعد أسابيع من الاغتيال، ألّف الدكتور عبد الغفار عزيز (1937-1998) رئيس ندوة علماء الأزهر كتابا أسماه "من قتل فرج فودة ؟" (1992) ختمه بقوله: "إن فرج فودة هو الذي قتل فرج فودة، وإن الدولة قد سهلت له عملية الانتحار، وشجعه عليها المشرفون على مجلة أكتوبر وجريدة الأحرار، وساعده أيضا من نفخ فيه، وقال له أنت أجرأ الكتاب وأقدرهم على التنوير والإصلاح."
 
وهو ما علق عليه الكاتب علي سالم (1936- ) في حفل تأبين فرج فودة الذي أقامته الجمعية المصرية لحقوق الإنسان في نقابة الصحفيين في 25 نوفمبر 1992 قائلا: "إنها المرة الأولى التي يظهر فيها المصريون الفرح لموت إنسان وينشرون ذلك في كتاب."
 
الشيخ محمد الغزالي يبدي رأيه في اغتيال فرج فودة في حوار تليفزيوني على قناة mbc.
 
ثم عرض الشيخ الغزالي على الدكتور مزروعة أن يصدر مجموعة من العلماء بيانا تضامنيا معه ومع ندوة العلماء، يتيح لهم أن يبدوا ما شاءوا من الآراء دون أن تكون هذه الآراء مدعاة لاتهمامهم بالتحريض على القتل، وكان ممن وقعوا على البيان مع الشيخ محمد الغزالي الدكتور محمد عمارة والشيخ الشعراوي. وأعد الدكتور عبد العظيم المطعني الأستاذ بجامعة الأزهر دراسة بعنوان "عقوبة الارتداد عن الدين بين الأدلة الشرعية وشبهات المنكرين"، كما وضع الدكتور مزروعة كتابا بعنوان "أحكام الردة والمرتدين من خلال شهادتي الغزالي ومزروعة."وصرح الشيخ الغزالي في حوار تليفزيوني فيما بعد "فرج فودة جاء في أيام عصيبة، أنا أقبل لو إن واحد يقول ما يأتي: أنا ما بحبش الإسلام. طيب خليك في بيتك أو خليك في نفسك، وما تجيش يم الإسلام، وما تهاجمش تعاليم الإسلام، وافضل كافر لوحدك، ما لناش صلة بك، ما لناش عليك سبيل، لكن إذا جئت عند المسجد وقلت إيه الأذان الصاعد ده ؟ دعوا هذه الصيحات المجنونة. لا لزوم لها. لا خير فيها. لا لا لا. أنظر إليك نظرة أخرى. إن أنت تريد هدم هذه الأمة لحساب إسرائيل التي أعادت صحائف التلمود وما فيها من خرافات وأعادت صحائف التوراة وما فيها من أطماع في هذه البلاد، فأقامت دولة باسم إسرائيل، وأنت لا تريد دولة باسم محمد ولكن دولة باسم الله لا تريدها أن تقوم … أنا لا أقبل إن واحد ييجي يقول لي دعوا الصلاة، دعوا الحج، دعوا الصيام، دعوا هذا وذاك، لا لا أقبل هذا … فإذا جاء إنسان وحاول نقلي بالسخرية أو بالقوة إلى هذه الحضارة الجديدة [الأوروبية] هو خد جانبها القذر ويريد أن يطبقها عندنا ولا يعرف عن جانبها العلمي شيئا.........!!

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter