الأقباط متحدون - قصة حقيقية من ألمانيا: هتلر وصديقه العربي
أخر تحديث ١٣:٢٠ | الأحد ٣٠ اغسطس ٢٠١٥ | ٢٤مسرى ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٦٨السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

قصة حقيقية من ألمانيا: هتلر وصديقه العربي

أرشيفية
أرشيفية

أدى صراعه المرير مع اليهود إلى أن ينحاز أمين الحسيني المفتي الأكبر للقدس إلى جانب النازيين، ولكن أمين الحسيني لم يقدم بهذا أي خدمة للقضية الفلسطينية، في 4 أبريل عام 1920 تحرك الآلاف من الحجاج الفلسطينيين في شوارع القدس كما يفعلون كل عام، حيث كانوا في طريقهم إلى مقبرة بالقرب من أريحا يشاع أن النبي موسى قد دفن فيها هناك.

ولكن المحرضين العرب حولوا رحلة الحج إلى النبي موسى عليه السلام المبجل في الإسلام إلى مظاهرة سياسية ضد المستعمر البريطاني وضد الصهيونية، وهتفوا أن فلسطين تتبع سوريا، وفي شرفة أحد المنازل رفع شاب قومي صورة حاكم سوريا فيصل الأول، وهتف هذا هو ملككم وبعد وقت قصير حرض المسلمين في الشارع على القتال الذي قتل فيه 9 وجرح أكثر من 200 أغلبيتهم من اليهود.

 وفد المتظاهرين العرب ضد السياسة البريطانية في فلسطين سنة 1929 ويظهر الحاج أمين الحسيني في المقدمة

هذا الشاب القومي الذي في الشرفة هو محمد أمين الحسيني الذي ولد في عام 1895 في القدس، ويعود نسبه إلى واحدة من أكثر العائلات العربية نفوذًا في المنطقة، وكان يقود حتى وفاته في 1974 نضال الفلسطينيين ضد الدولة اليهودية، كانت شهرته في الصحافة الأمريكية مستر فلسطين، قال عنه ونستون تشرشل: “العدو الأكثر دموية للإمبراطورية البريطانية”، ومع ذلك كان محل إعجاب وتقدير كبير لدى وزير الدعاية والإعلام النازي جوزيف جوبلز.

بعد أعمال الشغب التي حدثت عام 1920 اعتقل الحسيني واقتيد إلى سوريا، حيث حكمت عليه محكمة عسكرية بريطانية بقضاء عشر سنوات في السجن كزعيم للتمرد، ومع ذلك كان قادرًا على العودة بسرعة إلى القدس بعد صدور عفو عنه، عقد البريطانيون صفقة معه على أن يتوقف عن إثارة أعمال الشغب وسوف يكون المفتي الأكبر للقدس في 1921، بالرغم من المناضل الشاب كان يفتقر لأي تدريب أيديولوجي استراتيجي إلا أن جده وأباه وأخاه كانوا أئمة وزعماء دينيين، بدأ الحسيني عن طريق المحسوبية تارة والترهيب تارة أخرى في توطيد وتوسيع قاعدة سلطته وقوته، وكان ما يتم اختياره غالبًا لتمثيل مصالح الفلسطينيين.

 الحاج أمين الحسيني يستعرض وحدات الفيلق الثالث عشر النازي لوحدة الإس إس من سيارة

حدث أن وقعت أحداث شغب دامية عامي 1923 و1929 قتل فيها الكثير من اليهود والعرب أيضًا، وكانت الشائعات الموثوقة يتم تداولها، وكان المفتي الأكبر أحد العقول المدبرة لأعمال الشغب، ولكن البريطانيين تفاوضوا معه باعتباره الممثل الوحيد للفلسطينيين الذي ربما يستطيع أن يكون له تأثير أكثر اعتدالًا.

كان المستعمرون على علاقة متأرجحة معه، الذي كان هو بنفسه معارضًا لهم، يقول السير تشارلز تارجت مستشار المندوب السامي عنه: “الحاج أمين الحسيني رجل ذو شخصية ساحرة جدًا”، ولكن تدريجيًّا أدرك البريطانيون أن الحسيني لم يكن على استعداد لتقديم أي تنازلات، حتى إن الفلسطينيين الذي كانوا لا يعارضون التعاون مع اليهود تم تصفيتهم من قبل أتباعه.

قاد المفتي القتال على عدة جبهات حيث أراد أن يخلص البلاد من القوة الاستعمارية، وفي نفس الوقت القتال لمنع الصهاينة من اقتطاع جزء من أرض فلسطين لبناء دولتهم اليهودية، وقام الحسيني بتوظيف الدين في هذا الصراع، حيث انتقل لوسط القدس وبدأ في النداء لجمع التبرعات لترميم مسجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى، ودعا المسلمين في كل أنحاء العالم إلى مؤتمر إسلامي دولي في القدس، وكان الحسيني بارعًا في هذا التكتيك، ولكنه كان يفتقر إلى استراتيجية واضحة.

في عام 1936، بعد التمرد الكبير اعتقل البريطانيون الحسيني ولم يطلقوا سراحه إلا بعد أن اندلعت الانتفاضة الكبرى في العام التالي. وفي أكتوبر 1937، اضطر الحسيني للهروب لتجنب الاعتقال مرة أخرى، فمن لبنان وصولًا إلى العراق والبقاء هناك حتى قام البريطانيون بغزوه. وبعد ذلك وجد الحسيني ملاذًا له كلاجئ في السفارة اليابانية في طهران، ثم وصل بعد ذلك بأوراق مزورة إلى إيطاليا عبر تركيا عام 1941 ومنها إلى ألمانيا. مفتي فلسطين الأكبر يتبع شعار (عدو عدوي هو صديقي).

الحاج أمين الحسيني يحيي قوات الفيلق الثالث عشر النازية

استقبل أدولف هتلر القائد الفلسطيني في 28 نوفمبر 1941. قال أدولف في محاضرة بصوت عالٍ أثناء مراسم الاستقبال “تخوض ألمانيا حربًا لا هوادة فيها ضد اليهود، وهذا بالطبع يشمل الكفاح ضد إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين التي لن تكون سوى حكومة مركزية للتأثير المدمر للمصالح اليهودية”.

كان مفتى القدس أهم حليف عربي لحكومة النازيين. في 27 نوفمبر 1941، كانت صورة الفلسطيني صاحب الشعر الأحمر والعيون الزرقاء العنوان الرئيسي في صحيفة برلينر إليوسترتيه تسايتونج، وكان يرتدي كالعادة الشال الأبيض حول الطربوش الذي يرتديه كل شاب صغير أدى مناسك الحج إلى مكة.

وقام مكتب وزارة الخارجية الألمانية بتخصيص راتب شهرى له ولموظفيه 50000 مارك ألماني، وكانت هناك فيلا خاصة به في برلين، وجناح فاخر في فندق أدلون الشهير تحت تصرفه، وأرسل الحسيني القائد اللامع تحياته وشكره لهتلر على الحفاوة البالغة والاستقبال الرائع.

مفتي القدس أثناء تواجده في ألمانيا وتفقده للجيش الألماني النازي ولقاؤه بهتلر

وتصدر الحسيني كضيف في برامج الإذاعة ينادي الملسمين العرب وحتى الهنود للقتال ضد الحلفاء، وقد نصح وزير الدعاية للنازيين جوبلز الذي أحبه كثيرًا بتسليط الضوء على هتلر بأنه لا يشرب الخمر ولا يدخن، وذلك لكسب التأييد في العالم العربي.

وقد حقد اليهود على الحسيني بسبب مضيفه. وقد صرح الحسيني أثناء افتتاح المعهد المركزي الإسلامي في برلين في عام 1942 مخاطبًا اليهود: “سوف تكونون دائمًا مصدر الخراب على وجه الأرض، وسبب اندلاع الحروب وقتل الناس لبعضهم البعض”، وكان يجب تحذيره مسبقًا كما ورد في شهادات عناصر الوحدة الوقائية للنازي إس إس حول المحرقة اليهودية الهولوكوست، حيث إنه بعد زيارته لهتلر قابل أدولف أيشمان القائد العام للوحدة الوقائية إس إس الذي أطلع الصديق العربي على تفاصيل الحل الوقائي لمشكلة اليهود في أوروبا، وقد جلس معه الحسيني كثيرًا لتناول الشاي. وأخبره قائد الوحدة الوقائية في منتصف 1943 عن القنبلة الذرية التي سوف تضمن النصر في ثلاث سنين وأخبره أيضًا عن قتل اليهود في المحارق، وأنهم قد قتلوا منهم حتى الآن 3 ملايين.

مفتي القدس وقائد وحدة الإس إس هاينريش هيلمر

كتب المفتي الأكبر في رسالة تهنئة بعيد ميلاد قائد وحدة الإس إس في أكتوبر 1943: “آمل أن نعمل أكثر وأكثر معًا لتحقيق أهدافنا المشتركة في السنوات القادمة وبتفاصيل أكثر” وعارض بشدة الخطط الموضوعة لترك اليهود الأوروبيين يهاجرون إلى فلسطين، وضغط على وزير الخارجية البلغاري ليتوسط لكي يتم إرسال 4000 طفل يهودي مع مرافقيهم إلى بولندا على سبيل المثال، حيث يكونون تحت رقابة مشددة وقد نجح الحسيني في مسعاه مع وزير الخارجية الألماني يواخيم فون ريبنتروب. لقد تم إحباط عملية إنقاذ الأطفال.

وعندما انهارت ألمانيا النازية تمكن الفلسطنيون من تدبير هروب ناجح من خلال سويسرا وباريس إلى القاهرة حيث دخلوا في رعاية الملك فاروق، كما عينه الملك عبد الله ملك الأردن المفتي العام لفلسطين في نهاية 1948 حيث استمر بدون كلل في حملته ضد إسرائيل، في النهاية خسر معركته في القضية الفلسطينية، ولكنه كسب احترامه لنفسه وكرامته.

لا يزال الكثير من الفلسطينيين ينظرون إليه باعتباره بطلًا وعندما وضعوه في القبر في عام 1974 في بيروت لم يكن وزير الوزراء اللبناني حاضرًا وحده، ولكن أحد الأقارب الذي أخّذ مكانه باعتباره أخطر عدو لإسرائيل ياسر عرفات.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter