أنطوني ولسن/ استراليا
كيف؟..أين؟..ومتى؟..ثلاث كلمات إستفهامية يتمحور حولها وجود وعدم وجود الإنسان.
هي البداية والنهاية،الألف والياء. منذ أن تطلع الإنسان إلى حب المعرفة، وهو غارق في شقاء الحياة يبحث عن طريق المعرفة،عن طريق السعادة والعيش الرغيد.
في البداية مثلا لو بدأنا بكلمة الإستفهام كيف؟ ووضعناها في جملة إستفهامية عن الأنسان، وقلنا كيف يولد الإنسان؟
السؤال في حد ذاته جد بسيط. يولد الإنسان ان كانت الولادة طبيعية عن طريق العضو التناسلي للمرأة، والذي هو في حد ذاته مدخل طبيعي لبداية تكوين الإنسان.وهو أيضا المخرج الطبيعي لخروج الإنسان الى الحياة.
ان كانت الولادة غير طبيعية،عرف الأنسان كيفية التعامل مع مثل هذه الأوضاع عن طريق عملية "قيصرية".. أي بفتح بطن الحامل لإستخراج المولود. لكن تبقى الولادة سراً لا يعرفه لا المولود الآتي إلى هذا العالم، ولا الأم نفسها.
نأتي وفي البداية أيضا الى الكلمة الإستفهامية الثانية ...أين؟
نجدها لغزا من الغاز الحياة لم يتوصل الأنسان بكل المعرفة التي اكتسبها عبر السنين الى الإجابة عن أين؟، هذه التي وضعناها مثلاً على رأس سؤال وقلنا: أين سيولد هذا المولود؟
استحالة تامة لمعرفة أين سيولد المولود؟.. قد يقول العلماء هذا شيء طبيعي أن نعرف أين سيولد المولود: في المستشفى بالطبع.. أو في منزل الأسرة مثلاً؟.
لكن الحقيقة غير ذلك تماماً...
الكلمة الإستفهامية الثالثة... متى؟
وأيضا في البداية عند وضعها على رأس سؤال استفهامي وقلنا متى سيولد المولود؟
يقول الأطباء والعلماء أن الإجابة الآن لا تحتاج إلا لعملية حسابية بسيطة يستطيع الطبيب، أو القابلة تحديد موعد الولادة بسهولة كبيرة.
ومع ذلك في واقع الحياة رغم كل هذه الثقة في العلم الحديث والدقيق، نجد الكثير والكثير جدا من حالات الولادة تحدث قبل الموعد المحدد بعدة أسابيع.
مما أضطر العلماء إلى إختراع "الحضّانة"، التي تقوم بعمل رحم الأم في تـهيئة المناخ الملائم لنمو المولود للفترة المتبقية له؛ ليكتمل هذا النمو.
هذه الثلاث كلمات الإستفهامية...كيف؟...أين؟...ومتى؟... لوحاولنا التساؤل بأستخدامها في حالة نهاية الأنسان، يا ترى ماذا ستكون النتيجة؟.. الكلمة الإستفهامية كيف؟.. عندما نضعها على رأس سؤال نستفسر فيه عن نهاية هذا الإنسان وتساءلنا كيف يموت الإنسان؟
سؤال الإجابة عليه محيرة.. كيف تكون حقيقة موت الإنسان؟
الإجابة البسيطة جدا، تقول: بأنفصال الروح عن الجسد.
والإجابة العلمية تقول: بتوقف القلب عن العمل.
واجابة ثالثة علمية تقول: ليس فقط من توقف القلب عن العمل..، بل بجفاف الدم في مخ الإنسان.
لأنه بعد توقف القلب عن ضخ الدم... تبقى الأوردة الدموية مليئة بالدم...ومخ الإنسان هو، لا القلب، محرك القوة والحياة في الإنسان.
لكن لو حاورنا بكيف هذه، وجعلناها محور سؤال عن طريقها نعرف الوسيلة التي يموت بها الإنسان.هنا سنجد صعوبة الإجابة.
ننتقل إلى الكلمة الثالثة أين؟
سنجدها تشكل نوعا من الصعوبة للإجابة عليها.
أين سيموت هذا الإنسان؟.. هل فوق فراشه؟.. هل في الطريق العام على أثر حادث؟.. هل في الفضاء ان كان مسافرا عن طريق الجو بالطائرة أو آي وسيلة فضائية أخرى؟
هل في غرفة العمليات بأحد المستشفيات؟.. هل في وطنه؟.. وألف هل وهل.
نأتي في الختام إلى الكلمة الثالثة الأستفهامية متى؟.. وهي تعبر عن الزمن..؛ لأن التساؤل هنا يُراد منه إجابة عن زمن الموت: هل في الصباح، أم في المساء؟، أم في اي وقت من أوقات الليل أو النهار؟.. ونجد الإجابة أيضا مستحيلة مهما بلغت دقة مقاييسنا العلمية الحديثة.
من هنا نستخلص أن الإنسان الذي بدأ حياته التي أرادها لنفسه بمخالفته لربه وتطاوله بأكل ثمرة معرفة الخير والشر، مازال وسيظل الى المنتهى غير قادر على تحديد اجابات قاطعة لثلاث كلمات أستفهامية...كيف؟...أين؟...ومتى؟