بقلم- مدحت بشاي
أسعدني جداً قرار الكنيسة المصرية بفتح أبوابها للتحاور مع البعض من أولادها أصحاب المطالب والأحلام البسيطة في أن تبدأ الكنيسة في الاستماع بحب وقلب مفتوح لمشاكلهم، وكنت في الجزء الأول من المقال قد طالبت المجمع المقدس (ويا ليتهم يغيرون مسماه من باب التواضع إلى «مجمع الأساقفة») بأن يستمعوا إلى محاضرة الأربعاء الأخيرة الهامة التي ألقاها قداسة البابا تواضروس الثاني بواحدة من أكبر كنائس مدينة نصر.. لعل أهم نقاطها ما قاله تحديداً عن مفاتيح النجاح في مجال تحقيق النمو الروحي، بل والحياتي بشكل عام في ضرورة إعمال الفكر المنفتح بقلب متسع مدعما بروح الإنسان المتواضع.
وفي الواقع أن إطلاق مثل تلك الرسالة الموجزة البالغة الدلالة فيما تبثه من قيم داعمة لتطوير الخطاب الديني والثقافي على لسان رأس الكنيسة المصرية موجهة للمواطن المسيحي أمر طيب ومطلوب ..لقد قدم البابا عبر فقرات العظة العديد من الأمثلة التي جاءت مؤيدة لفكرة تلك المفاتيح عبر صفحات وآيات الكتاب المقدس ليخلص لفكرة علمية معروفة تؤكد أن حرارة الشمس التي تجعل المواد تتمدد تمثلها حرارة المحبة والالتئام بين الناس تجعل القلوب أكثر اتساعاً فينطلق الفكر المستنير عبر بشر تميزوا بروح التسامح، فالقلب المتسع يغفر ويسامح ويذهب إلى المستقبل ويتجاوز بشاعات الماضي مهما بلغت حدتها بفكر جديد ومتجدد ..
وأعتقد أن الرسالة قد وصلت (هل عبر التنبيه لها عبر الجزء الأول من المقال وعدد من تصريحاتي التي طالبت فيها المجمع ممثلاً للكنيسة بالعمل بالميثاق الرائع الذي وضعه قداسته بخطابه الروحي الرائع السابق الإشارة إليه بتوسيع القلوب من جانب الإكليروس والسعي لتجديد الفكر، أم هي بتوصية من التيار العلماني ووساطة تؤكد انضمام التيار العلماني إلى إدارة البيت الكنسي وهو أمر طيب ولكن يبقى السؤال لماذا بيان التيار العلماني وكأنه يُشير إلى انعدام التواصل مع الكنيسة وغاضب من أمور كثيرة داخل البيت الكنسي ؟!!... ارتباك ومشهد من مشاهد الكوميديا السوداء، فهل يعود إلى حسابات كنسية جديدة بشأن المشهد الانتخابي ؟!) .. لكن في النهاية حدث ما كان ينبغي حدوثه، وأعلن بعدها الغاضبون إرجاء فكرة التظاهر كما توقعت،بعد إعلان الكنيسة فتح باب الحوار معهم، وتغيير لغة الخطاب المتعالية التي طالبتهم بالتحضر عند مطالبة الكنيسة بالحوار معهم!!!
وجاء في البيان الصادر عن الغاضبين بباب الكاتدرائية «بناءً على الجلسة الأبوية التي عقدت مساء أمس، بالمركز الاعلامى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بحضور نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية والقس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة القبطية وبعض الشخصيات العامة، وكان الاستماع إلى بعض الملاحظات التي قدمها جماعة وقفة 9 سبتمبر والاتفاق على وضع آليات جديدة، وتوضيح بعض السبل المستخدمة في حل بعض الأمور العالقة بالكنيسة، وعليه قرر المنظمون إلغاء الوقفة المقرر لها غدًا الأربعاء. وقال منظم الوقفة إن الحوار الذي دار قد تم فيه تدارس كافة الأمور في مناخ جيد تميز بالشفافية والوضوح في كافة الموضوعات، وتوضيح بعض المطالب التي تم الإشارة إليها من خلال الوقفة وبعضها مُفعل بالكنيسة. وتابع المنسق قائلا: «نحن لا نرغب فى الشهرة أو إثارة المشاكل، ولكن نحن نحب كنيستنا وكان لدينا بعض الملاحظات وعندما قمنا بتوصيلها من خلال هذه الجلسة الأبوية رأينا أنه لا مبرر للاستمرار».
هل هناك تحضر وطيبة ووداعة أكثر من ذلك يا مجمعنا المقدس ؟!! كل ما يتمناه المواطن المسيحي فقط الذهاب بشكل عملي وفاعل وبتعاون الجميع إلى حل المشاكل بقلب متسع فعلاً، وبفكر متجدد حقيقة، ولا يكون ما حدث مجرد موقف تثبيت وتهدئة.. وكل عام وأنتم بخير وسعادة بمناسبة «عيد رأس السنة المصرية» يا كل المصريين.
medhatbeshay9@gmail.com