الأقباط متحدون - معضلة الفساد في العراق
أخر تحديث ١٩:٢٩ | الأحد ١٣ سبتمبر ٢٠١٥ | ٣ توت ١٧٣٢ ش | العدد ٣٦٨٢السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

معضلة الفساد في العراق

بقلم : د.عبدالخالق حسين
 
بلغ الفساد في العراق حداً صار يهدد الدولة العراقية ويشل نشاطها مما جعلها ضمن قائمة الدول الفاشلة، حيث أصبحت الحكومة غير قادرة على أداء وظيفتها كما يجب. والفساد هنا اتخذ أشكالاً متعددة منها: 
- رشوات على مختلف المستويات، من الوزراء و إلى أصغر موظف في الدولة. 
- إثراء وزراء وأقربائهم وأصدقائهم وشخصيات متنفذة في عقد مشاريع عمرانية وهمية، أو حقيقية وأخذ كومشنات ضخمة من المقاولين.
- غض نظر المسؤولين عن الفاسدين لمختلف الأسباب: القرابة، النفوذ السياسي، المكانة الدينية، ودفع رشوات...الخ،
- سوء معاملة الموظفين للمراجعين وإهانتهم، وعدم تمشية معاملاتهم إلا بعد دفع الرشوة، 
- وظائف فضائية (خيالية)، وهو تعبير جديد في القاموس السياسي العراقي، ويعني دفع رواتب لموظفين وعناصر القوات المسلحة من جنود وضباط من مختلف المراتب لا وجود لهم، أو أنهم أموات، أو يعيشون في الخارج...الخ
- استيلاء أحزاب وشخصيات سياسية ودينية وعصابات وشقاوات على أراضي وممتلكات الدولة عنوة، و بدون وجه حق، وخاصة تلك التي كانت عائدة لحزب البعث وقياداته وأعضائه الغائبين.
- ضخامة الرواتب والرواتب التقاعدية والمخصصات التي يتقاضاها رؤساء الرئاسات الثلاث، ونوابهم، والوزراء و وكلائهم، وأعضاء مجلس النواب، و الحمايات..، التي تجاوزت أضعاف ما يدفع لنظرائهم في أغنى دولة في العالم مثل أمريكا. 
- وجود مئات، وربما آلاف المستشارين للرئاسات الثلاث، لا للحاجة إلى خبراتهم، والاستفادة من استشاراتهم، بل لأغراض نفعية بمكافأتهم لكونهم أقرباء أو أصدقاء هؤلاء الرؤساء، أو أصدقاء أصدقائهم!!
- كثرة العطل الرسمية والمناسبات الدينية وخاصة عند الشيعة، حيث راحوا يتوقفون عن العمل بمناسبة ولادة و وفاة كل إمام من أئمتهم، والويل لمن يعترض أو ينبس حتى بمجرد انتقاد بسيط. وهذه العطل بالتأكيد لها تأثيرات سلبية مدمرة على الاقتصاد الوطني. 
- وحتى ساعات العمل في دوائر الدولة العراقية هي الأقل في العالم حيث تصل إلى 5 ساعات يومياً  للموظفين، بينما لا تقل عن 8 ساعات في جميع الدول الأخرى. 
 
أسباب الفساد
الفساد ليس جديداً في العراق، فله جذوره في مؤسسات الدولة وخاصة في العهد الملكي، حيث الوساطة والرشوات والقرابة والمحسوبية كانت أموراً مألوفة ومسلم بها. ولكنها اختفت بعد ثورة 14 تموز 1958، وظهر جيل من الموظفين يعتز بكرامته و يأنف من الرشوة و يعتبرها إهانة له. ثم ظهرت من جديد بعد قيام صدام حسين بجريمة غزو الكويت عام 1990، وفرض الحصار الاقتصادي الأممي على العراق، وتدمير العملة العراقية التي صارت قيمتها اقل من قيمة الورقة المطبوعة عليها، بسبب قيام الحكومة بطبع أوراق نقدية بلا رصيد حيث صار الدولار الأمريكي يعادل 3500 دينار في أواخر حكم البعث، بعد أن كان الدينار يعادل 3.5 دولار قبل هيمنة صدام على الحكم. وبعملية حسابية بسيطة نعرف أن الدينار قبل حكم صدام كان يعادل 12250 دينار قبيل سقوط حكمه، وبتحويل هذا الرقم إلى نسبة مئوية فتكون نسبة التضخم 1225000%. أي أكثر من مليون بالمائة، وهذا رقم فلكي رهيب، حيث صار راتب الأستاذ الجامعي يعادل نحو ثلاثة دولارات شهرياً.
 
هذا الوضع الاقتصادي المنهار خلال 13 سنة الأخيرة من حكم البعث أذل الإنسان العراقي وفتح الباب لتفشي الجريمة والفساد والهجرة المليونية، إضافة إلى سياسات البعث الطائشة في تفتيت النسيج الاجتماعي، والتجهيل المتعمد، وتدمير الشعور بالوطنية، و الاخلاق، وإحياء القبلية والأحكام العشائرية في حل المنازعات...الخ. ولمواجهة هذه الأزمة أضطر صدام إلى استخدام سياسة العصا والجزرة، العصا بتشديد العقوبات على اللصوص، بقطع اليد، وجدع الأنف، وبتر الأذن، وسمل العيون، والكوي بعلامة X في الجبين... اللخ، والجزرة بالسماح للموظفين بأخذ "إكرامية" من المراجعين لدوائر الدولة، حتى أصبحت سُنَّة متبعة استمرت إلى ما بعد السقوط، رغم ما حصل من تحسن في الرواتب بمئات المرات، وصعود سعر الدينار العراقي بالنسبة للدولار الذي استقر في السنوات الأخيرة حيث صار الدولار الواحد يعادل 1200 دينار بعد أن كان يعادل 3500 دينار قبل 2003، أي تحسن القوة الشرائية للدينار بثلاث أضعاف على ما كان عليه قبل السقوط، وهذا يسجل لصالح الوضع الجديد. ولكن رغم هذا التحسن في الرواتب وسعر الدينار، تحولت "الإكرامية" إلى رشوة تفرض على المراجعين بالتحايل، وعدم تمشية المعاملات باختلاق أسباب قانونية باطلة. ونظراً لتدمير الأخلاق بعد كل هذه الكوارث، صار الفساد بمختلف أشكاله ومستويات المسؤولين وباءً ينخر في كيان الدولة لا بد من معالجته قبل فوات الأوان.
 
استغلال الفساد ضد العملية السياسية
ولكن المشكلة أن هذا الفساد تم استغلاله من قبل أعداء العراق الجديد في الداخل والخارج، من فلول البعث، والإعلام العربي المضلل لاستخدامه سلاحاً لا لمحاربة الفساد، بل لضرب العملية السياسية والديمقراطية، وذلك بكيل الأكاذيب، ونشر الإشاعات التسقيطية ضد الخصوم السياسيين، ونشر أرقام فلكية بثرائهم واتهامهم بسرقة أموال "الشعب المظلوم الجائع الفقير" إلى آخره.
فالبعث معروف بإمكانياته في نشر الإشاعات والأكاذيب، مستفيداً من عقلية المجتمع العراقي الخصبة لتصديق الإشاعات ومهما كانت غير معقولة، خاصة إذا كانت ضد الحكومة، لأن هناك عداء تقليدي مستفحل و مزمن بين الحكومات المتعاقبة والشعب العراقي، ولم يسلم من هذا التصديق حتى الأكاديميون والذين عانوا الكثير من مظالم البعث. وعلى سبيل المثال، يتذكر أبناء جيلي الحملة البعثية لتشويه سمعة طاهر يحيى، رئيس الوزراء الأسبق في عهد الأخوين عارف، الذي لقبوه بـ(حرامي بغداد)، و(أبو فرهود) وأنه يسرق حتى الملاعق في الولائم، إلى حد أنه حتى الأطفال كانوا يصيحون عليه (أبو فرهود) عندما يرونه ماراً في أحد شوارع بغداد. وبعد فوات الأوان ذكر الباحث الأكاديمي الأمريكي حنا بطاطو في كتابه عن تاريخ العراق، أن كل الإشاعات عن طاهر يحيى كانت كاذبة ومن صنع البعثيين. وأنا لا أريد هنا الدفاع عن طاهر يحيى لأنه كان أحد مجرمي 8 شباط الأسود، ولكنه لم يكن لصاً وسارقاً لأموال الشعب كما صورته الدعاية البعثية، وقد ذكرته كمثال على قدرة البعثيين في خدع الشعب، وحتى قبل دخول الفضائيات والانترنت والإيميلات، فكيف الآن وكل هذه التقنية في خدمتهم؟
 
وفي هذا العهد، نال السيد نوري المالكي، حصة الأسد من الاتهامات الشنيعة حتى صارت عندي هواية جمع ما يصلني البعض منها، ونشرتها على موقعي الشخصي، أدرج  أدناه الرابط (1)، أرجو الاطلاع عليها وعلى القارئ الكريم إعمال عقله في الحكم عليها، إذ كما تفيد الحكمة: (حدث العاقل بما لا يُعقل فإن صدق فلا عقل له). 
كذلك استلمت قبل أيام "تقريراً" أدعى ناشره أنه مترجَم من مجلة أمريكية فيه قائمة بأسماء أثرى 17 شخصية سياسية في العراق، وعلى رأسهم المالكي طبعاً، أنه بلغت ثروته 50 مليار دولار، يليه مسعود بارزاني 48 مليار، وأسامة النجيفي 44 مليار، ..إلى آخر القائمة. وأقلهم ثراءً هو عادل عبدالمهدي 3 مليارات، أدرج أدناه الرابط (2). وبلغ مجموع "مسروقات" هؤلاء حسب هذه القائمة حوالي 332 مليار دولار. 
كان يجب على مترجم التقرير المزعوم، أن يذكر لنا رابط النسخة الأصلية في المجلة الأمريكية كما أدعى، ولكنه لم يفعل، وبعد بحث مضن في غوغل، تبين أن هذا "التقرير" هو من صنع خيال صناع الإشاعات، نشر على موقع في الفيسبوك وليس في مجلة أمريكية كما أدعى مروِّج الإشاعة. 
وفي مقالات سابقة عن الفساد نشرت قبل أعوام أن مجموع الأموال المسروقة من قبل حكومة المالكي بلغ  نحو 700 مليار دولار، وحاول أحدهم أن يكون منصفاً فقلّص هذا الرقم إلى النصف ليكون مقبولاً ! والسؤال هنا، كيف استطاع هؤلاء المسؤولون سرقة كل هذه المبالغ الهائلة في الوقت الذي عجزت الحكومة تمرير موازنة عام 2014؟ كذلك صرح وزير النفط، الدكتورعادل عبد المهدي، في الشهر الماضي، ان موازنات العراق منذ العام 2003 وليومنا هذا بلغت 850 مليار دولار)(3). 
 
فمن أين دفعت هذه الحكومات رواتب 5 ملايين موظف، والجيش والأجهزة الأمنية، والديون وتعويضات الحروب الصدامية، وشراء الأسلحة، وتكاليف مشاريع كبيرة بلغت مئات المليارات الدولارات، ولدي قائمة بها، بحيث سرقت الحكومة منها 700 مليار دولار كحد أعلى، و350 مليار كحد أدنى؟ بينما يضع السيد عبدالمهدي السرقة في حدود مليارين سنوياً،(نفس المصدر رابط رقم 3)، علماً بأنه هو الآخر ضمن قائمة الملياردرية الفاسدين، والبعض يسميه (عادل زوية)، نسبة إلى سرقة مصرف الرافدين (فرع الزوية) من قبل شرطة حماية المصرف في بغداد قبل سنوات، يعني (حاميها حراميها). وهذا لا يعني أني أنفي الفساد في العراق، فقد ذكرته أعلاه وبمختلف أشكاله، وإنما أود القول أن هذه الحملة لا تخلو من مبالغة في تضخيم حجم الفساد لأغراض سياسية وطائفية، ولإعادة عقارب الساعة إلى ما قبل 2003.
 
هل الكل فاسدون؟
قبل سنوات قرأت بحثاً في مكان ما عن مخاطر تفشي الجريمة في أي بلد، جاء فيه أنه إذا كانت نسبة الجانحين والمنحرفين في أي شعب في حدود 5% فعندها تتمكن الأجهزة الأمنية من السيطرة على الوضع وفرض الأمن، أما إذا تجاوزت هذه النسبة، فهنا الخطر ويحصل الخلل في المجتمع. وكما نقرأ عن تفشي الفساد في العراق فإنه يشمل معظم الموظفين الذين يشكلون نحو خمسة ملايين في الدولة. وبالتأكيد تجاوزت النسبة حدود الخمسين بالمائة. فهؤلاء لم يأتوا من المريخ بل هم من هذا الشعب. وهذا يعني أن المجتمع العراقي أغلبه فاسد إلى حد أن وصل الفساد إلى رجال الدين المسؤولين عن الأخلاق ونشر الفضيلة في المجتمع، إذ نسمع على الدوام عن ثراء السيد عمار الحكيم، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، واستحواذه على أراضي وممتلكات الناس في بغداد ومحافظة النجف. ولم يسلم من تهمة الفساد حتى رجال دين كبار مثل: آية الله السيد حسين إسماعيل الصدر، وهو رجل دين علماني يؤمن بالديمقراطية، حيث قرأت قبل أيام مقالاً عنه أنه استولى على أراضي وممتلكات وأبنية في مدينة الكاظمية، (راجع مقالة الكاتب عدنان حاتم السعدي: مدينة الكاظمية تئن وتتوجع من سطوة سيد حسين اسماعيل الصدر)(4)، والجدير بالذكر أن آية الله الصدر يمتلك قناة فضائية السلام.
 
وحتى القضاء لم يسلم من تهمة الفساد، فهناك منافسة وعداء بين القضاة أنفسهم، وبعضهم بعثيون فقدوا امتيازاتهم بسقوط حكمهم. وقبل فترة نشر رئيس لجنة النزاهة السابق، القاضي رحيم العكيلي عريضة ذكر فيها قائمة طويلة من الاتهامات ضد المالكي طالب بتقديمه للقضاء، وتبنتها مجموعة أخرى في حملتهم التي أطلقوا عليها (حملة وطنية لتقديم المالكي إلى القضاء)، وتبين أن هذا العكيلي كان بعثياً وهو الآخر مطلوب للقضاء وهارب من وجه العدالة، وحكم عليه غيابياً بالسجن 7 سنوات بتهمة الفساد. ولكن هذا المحكوم عليه بالفساد، له من يدافع عنه ويزكيه من المتنفذين في العراق الجديد مثل زعيم التيار الصدري. أدناه رابط لتصريحات السيد مقتدى الصدر يدافع فيها عن العكيلي(5). ودفاع السيد مقتدى عن العكيلي لأنه يشترك معه في العداء للمالكي، (عدو عدوي صديقي).
 
وهناك الكثير من الفاسدين يستلمون رواتب خيالية كمستشارين لرئيس الجمهورية وهم يعيشون في العواصم الأوربية ويشتمون الفساد. أليس هذا فساد بحد ذاته؟ وعلى سبيل المثال لا الحصر، قرأنا أن ابنة الرئيس فؤاد معصوم، المقيمة في لندن، تستلم راتب بنحو 10 آلاف دولار شهرياً كمستشارة لوالدها، ... أليس هذا فساد؟ 
كما وسمعت من مصدر موثوق أن شخصاً آخر مقيم في إحدى العواصم الأوربية يستلم راتب كمستشار لأنه صديق صديق رئيس الجمهورية... طبعاً هذا الجيش العرمرم من المستشارين إذا ما تم الاستغناء عن "خدماتهم" سيستلمون رواتب تقاعدية مدى الحياة تعادل 80% من رواتبهم، أليس هذا ظلم وفساد؟
أما الشيوعي المليونير فخري كريم، فعندما كان رئيساً لعسكر المستشارين في عهد الرئيس جلال طالباني، قد عين جميع العاملين في صحيفته (المدى) كمستشارين لرئيس الجمهورية، يتقاضون رواتبهم من نثريات الرئاسة. والجدير بالذكر أن السيد فخري كريم يقود حملة ضارية بلا هوادة ضد الفساد ويربطه بنوري المالكي... 
وعندما يأمر السيد مسعود بارزاني الضباط الكرد وهم في قيادة الفرق العسكرية في محافظة نينوى بالانسحاب، ويأمرهم بعدم محاربة داعش "لأن هذه الحرب بين السنة والشيعة، والكرد ليسوا طرفاً فيها"، على حد تعبيره، كما وينسحب الضباط الموصليون وينضم قسم منهم إلى داعش وبتواطؤ المحافظ أثيل النجيفي، ويسلمون مفاتيح المحافظة وكل المعدات العسكرية والبنوك إلى الدواعش بدون إطلاق رصاصة واحدة، لتعاد المسرحية بتسليم الرمادي فيما بعد.. أليس هذا فساد؟ (يرجى مشاهدة فيديو تصريحات السيد نوري المالكي، رابط رقم 6 في الهامش).
وهناك أمثلة كثيرة وكثيرة جداً من هذا النوع، وكلهم يتظاهرون بمحاربتهم للفساد.. هذه باختصار الصورة الرهيبة لما يواجهه العراق من فساد.
 
ما العمل؟
و على ضوء ما تقدم، نعرف مدى خطورة الفساد وشموله لكل المجتمع العراقي، ومفاصل الدولة، لذلك فليس بإمكان شخص واحد تضعه الأقدار رئيساً لمجلس الوزراء، ومهما أوتي من دهاء وعلم وحكمة وحنكة سياسية، أن يواجه هذه المعضلة لوحده، ويحيل هذا الشعب المفتت المتصارع، إلى شعب يضاهي أرقى الشعوب المتحضرة الملتزمة باحترام القوانين، بدون دعم من كل الأطراف السياسية، والثقافية والاعلامية.
وإذا ما أردنا أن نكون منصفين ونحترم القانون والقضاء ونحافظ على استقلاليته، يجب الالتزام بمبدأ (المتهم بريء حتى تثبت إدانته)، أي أن لا نحكم على المتهم بتأثير الإعلام، وإنما ترك ذلك إلى القضاء وحده. ولكن المشكلة أنه في العراق إذا برأ القضاء متهماً بالفساد، واختلف حكمه عن حكم الإعلاميين اتهموه القاضي بالفساد. وهكذا حتى القضاء نفسه لم يسلم من هذه التهمة إلا إذا تطابق حكمه مع حكم الإعلاميين، وكأن الاعلاميين ملائكة معصومين من الانحياز السياسي، بينما أغلبهم شياطين وأبالسة من أمثال فخري كريم وجوقته المعروفة بالتضليل.
وأخطر ما يعيِق الإصلاح السياسي والإداري ومواجهة الفساد، هو التشكيك في حزمة الإصلاحات التي قدمها رئيس الوزراء. فغرض هؤلاء ليس الإصلاح بل إعادة العراق إلى ما قبل 2003. واليوم أصدر الدكتور العبادي حزمة أخرى من الإجراءات، تقضي بـ(تخفيض الرواتب والرواتب التقاعدية للرئاسات الثلاث والوزراء والوكلاء ومن بدرجتهم والمستشارين والمدراء العامين، في حين اكد تطبيق القوانين العامة عليهم كموظفين في الدولة «دون استثناء».)(7)
كذلك أفادت الأنباء عن تصريح لرئيس هيئة النزاهة حسن الياسري، إن اغلب ملفات الفساد التي بدأت الهيئة بالتحقيق بها تخص 13 وزيراً و 80 شخصية بدرجة مدير عام، مبينا أن هؤلاء يعدون من ابرز "حيتان العراق” بحسب تعبيره.(8)
لذا نرى أن هذه الإجراءات وغيرها كثير نتوقع صدورها في قادم الأيام، لا بد وأن تساهم في معالجة مشكلة الفساد. وأن فساداً بهذه السعة والانتشار والعمق، لا يمكن التخلص منه بعصا سحرية وبين عشية وضحاياها وبالضجيج والمزايدات والمتاجرة بمظلومية الشعب. 
كذلك هناك الحاجة الماسة إلى مساهمة جميع المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية، والجامعية، وعلماء النفس والاجتماع والمسرحيين وغيرهم، المشاركة في هذه الحملة وبصورة مستمرة لمكافحة الفساد، وأن لا يكتفي هؤلاء بالجلوس على التل ونقد الفساد وإلقاء المسؤولية على من تورطه الأقدار بوضعه رئيساً لمجلس الوزراء. فمحاربة الفساد مسؤولية الجميع.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter