الأقباط متحدون - الجن والتدجيل والتداوي ببول البعير
أخر تحديث ١٣:٠٢ | الأحد ٢٠ سبتمبر ٢٠١٥ | ١٠ توت ١٧٣٢ ش | العدد ٣٦٨٩السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الجن والتدجيل والتداوي ببول البعير

فاروق عطية
الدجل أنواع وأشكال لا تعد ولا تحصي وأخطرها ما هومعروف ومتغلغل فى تراثنا العربي والإسلامي خاصة الرقيا والعلاج ببول البعير، وللأسف يروج له الكثير من مدعى التدين بحجة أنه موروث إسلامى مارسه الرسول والصحابة منذ ظهور الإسلام. ونتيجة لهذا الدجل تقع في بلادنا حوادث محزنة  يذهب

ضحيتها الكثير من مرضي الأمراض العصبية والنفسية، يستغل بعض الدجالين جهل أهالي المرضي، ويوهمونهم بأنهم قادرون علي علاجهم بالقرآن الكريم والتعاويذ. وأقل الأضرار الناتجة عن ذلك تأخير العلاج وتفاقم الحالة، وقد يضرب الدجال المريض لإخراج الجان من جسده فيموت تحت السياط وكثيرا ما حدث ذلك. وطالعتنا الصحف في الأونة الأخيرة بأن أحد الدجالين أقنع مريضة بأنه لا يمكنه استخراج الجان منها إلا بمعاشرتها جنسيا, وقام بهذ الفعل المقيت مع العديد من النساء مرات عديدة, وحين أخبرت إحداهن زوجها يذلك, استشاط الزوج غضبا وتعدي علي الدجال حتي أرداه قتيلا. وللحقيقة ليس في السُنة النبوية أي خبر بأن النبي "ص" ضرب مريضاً بالسياط لإخراج الجان من جسده!. ولم يرد خبر صحيح أنه عالج المرضي بالقرآن. بل إنه نَفَي عن أمته أن تَسْتَرْقي أى  تُعالج بالرَّقَي. وقد قال: "إن التلبينة ( وهي نوع من الفطائر) تَجمُّ فؤاد المريض وتذهب ببعض الحزن". ومعني هذا أن الاكتئاب كان يعالج بالفطائر التي كانت رفاهية بمقاييس ذلك العصر، وكان يُعالج من الأمراض البدنية بعقاقير ذلك العصر وهي الحبة السوداء والعسل واللبن والسَّعُوط والحِجَامة، وليس بالشعوذة!.
 
   قد تكون المشاكل الاقتصادية الطاحنة‏ كالبطالة‏ وتدنى الأجور‏ والاحباط‏ والعجز عن حل المشاكل اليومية‏ وسوء المواصلات وازدحامها،‏وارتفاع أجور السكن وعدم مقدرة الشباب علي الزواج وازدياد معدلات الطلاق كلها عوامل ساعدت علي نمو الخرافات حتي تملكت العقول وزاد الاقبال علي الدجالين والمشعوذين بحثا عن حلول للمشاكل الحياتية عن طريق الجان. ولم تقتصر الظاهرة علي السُذّج والجهلاء فقط إنما امتدت لحملة المؤهلات العليا ومشاهير أهل الفن والثقافة فاصطفوا بالطابور امام أبواب الدجالين‏. والدجالون رغم تجريمهم قانونيا ومطاردة الشرطة لهم منتشرون فى كل القرى والعديد من المدن يمارسون وسائلهم الشيطانية وللأسف يجدون من يصدقهم. ويتوقف نجاح عملهم على ذكائهم المفرط وفراستهم الحادة وتاثيرهم القوى على المترددين عليهم مستخدمين قوة الإيحاء فى عملهم، وبعض الأعوان الذين يندسون بين المترددين لانتزاع المعلومات منهم بالحيلة. ونوعيات المترددون علي الدجالين متباينة فمنهم أهل الفن الطالبين للمزيد من الشهرة أو إزاحة المنافسين، ومنهم فتيات فاتهن قطار الزواج يخفن ذل العنوسة ويراودهن الأمل فى الزواج، والبعض يطلب معونة الجان فى إيجاد فرصة عمل بعد أن ضاقت بهم السبل وسئمن قسوة البطالة. والبعض يرجو الخلاص من مرض عضال حار الطب فى مداواته أو عجزت يده عن أجر الطبيب وثمن الدواء وعدم المقدرة على دفع أجر العمليات الجراحية  الخيالية فلم يجد بدا غير الاستعانة بالجان. 
 
   كما راجت وسيلة العلاج ببول البعير وروج لها للأسف بعض من احتسبوا علماء ومثقفين من أمثال الدكتور زغلول النجار أستاذ الجيولوجيا بجامعة المنصورة الذي كتب العديد من المقالات يحبذ فيها التداوي ببول البعير, وأيضا مشايخ السلفية وعلي رأسهم الشيح أبي إسحاق الحويني الذي يروج للتداوي ببول البعير وعندما أصابه المرض هرع إلي ألمانيا للعلاج ونسي أن بول البعير يعالج كل الأمراض كما أفتي..!!
 
   وتحضرنى الآن قصة أليمة لصديق من أيام الشباب، كان يعيش فى إحدى قرى صعيد مصر وهو إبن عمدتها. كان يعيش فى هذه القرية دجال اشتهر عنه أنه يقوم بربط العرسان قبل الزفاف فلا يستطيعون ممارسة الحياة الزوجية، فيذهبون إليه بالهدايا ودفع المعلوم حتى يعيد لهم هيبتهم الجنسية. وعندما قرر صديقى هذا الزواج، نصحه أترابه أن يتودد لهذا الدجال ولكنه بصفته إبن العمدة قال لهم أن الدجال لن يفعلها معه خوفا من سطوة أبيه ومركزه. وللحقيقة لم يبادر الدجال بتهديده كما كان يفعل مع كل من تزوج قبله ولم يخطر عل باله أن يفعل. وفى ليلة الزفاف والعريس على منصة الفرح لمح الدجال بين المدعوين يسامر من حوله، فأصابه الخوف أن يكون قد جاء ليربطه. وحين هم بعروسه كان للإيحاء دوره الفعال فى فشل المحاولة، وظل لأيام عاجز عن الفعل حتى أصابه اليأس. ذهب للعديد من الأطباء المتخصصين فى أمراض الذكورة وكلهم قرر أنه سليم تماما وليس به أى نوع من العجز أو الضعف بل زادوا أنه تام الفحولة. وأمام عجزه المتكرر وإحساسه بالمهانة أمام عروسه قرر أمرا. وطالعتنا الصحف ذات صباح بخبر الانتقام من هذاالدجال ذبحا وحكم على هذا الفتى بالسجن المؤبد جزاء جريمته..!
 
    وبما أنني رجل مثقف وأعمل بالصحافة أردت أن أدخل بقدميّ عش الدبابير لأري علي الطبيعة كيف يعمل الدجال وكيف يصدقه الناس ويقعون في حبائله, ولجهلي يأماكن الدجالين الذين ليس من السهولة الوصول إليهم, إلا لزبائنهم المعروفين له أو الزبائن الجدد القادمين عن طريق معارفه فهم يعملون في حيطة خوفا من مداهمة البوليس لأوكارهم, فظللت أتقصي وأسأل حتي وصلت لأحد الأشخاص الذي ساعدني في الوصول إلي أشهرهم وهو  الشيخ الحاج محمد المرجوسي الذي يقيم في أقصي شمال كفر طهرمس. أعارني هذا الشخص جلباب وعباءة للتخفي علي أنني قروي معمول لي عمل جعلني غير قادر علي الزواج لنفور النساء مني وأريد فك هذا العمل. أخفيت داخل العباءة كاميرا صغيرة لتسجيل الحدث,  وفي اليوم المتفق عليه أخدنا تاكسي إلي كفر طهرمس وكان عليتا أن نسير علي الأقدام بين دروب وحواري الكفر المليئة بالقاذورات حتي وصلنا إلي غايتنا. داخل الوكر في قاعة الانتظار عدد كبير من البشر متعدد الألوان والطبقات, اخذنا رقم وانتظرنا حتي يأتي دورنا. وعندما نودي علي رقمي دلفت إلي قاعة الكشف حيث يجلس الحاج محمد المرجوسي متربعا علي شلتة وأمامه منقد فحم يلقي عليه من حين لآخر بعض حبات البخور, استقبلني بابتسامة صفراء ناظرا إلي من قمة رأسي حتي إخمص قدمي وقال مرحبا: أهلا أبوالعربي في ضيافة المرجوسي. بعدها وجدت أربع عجول بشرية يحيطون بي وضربة قوية علي مؤخرة رأسي رحت معها في إغماءة لم أفق منها إلا وأنا أحس بأنني داخل جوال وملقي في ترعة أومصرف وكان فمي مكمم فلم أستطغ الصراخ إلا من همهمات ورفصات للجوال حتي أمزقه.. وأفقت علي أم العربي تنظر إلي سائلة: في أي مستنقغ كان حلمك اليوم؟ فلم أستطع الإجابة وتصنعت النعاس.

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter