الأقباط متحدون - كلما زادت المسلّمات اختنق العلم
أخر تحديث ٠٥:٣٨ | الاثنين ٢١ سبتمبر ٢٠١٥ | ١١ توت ١٧٣٢ ش | العدد ٣٦٩٠السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

كلما زادت المسلّمات اختنق العلم

خالد منتصر
خالد منتصر

 وصلتنى تعليقات وردود فعل كثيرة، منها المؤيد ومنها الغاضب، على مقال «مفرخة الإرهاب حالياً.. كلية الطب سابقاً» اخترت منها رؤية تحليلية أضافت بعداً جديداً لتحليل هذه الظاهرة، الرسالة من الأستاذ داود روفائيل خشبة، يقول فيها:

 
كتب خالد منتصر مقالا موجعا فى «المصرى اليوم»، بتاريخ 19 سبتمبر، عن تحوّل كليات الطب عندنا إلى مفرخة للإرهابيين، وفى تقديرى أنه شخّص العلة تشخيصا سليما حين أرجعها لنظامنا التعليمى، وإن كنت أرى أن علة نظامنا التعليمى ترجع بدورها، جزئيا على الأقل، إلى مناخ الفكر الأصولى الذى، وإن كانت له جذور، إلا أنه استفحل واستشرى فى بضعة العقود الأخيرة، وعلى الأخص بضع السنوات الأخيرة.
 
نظامنا التعليمى يخرج لنا فى نهاية المرحلة المدرسية فئتين: فئة الخاملين الجهلاء الذين لم يتعلموا شيئا، وفئة النبهاء الذين حفظوا ما لُقنوا. وينتقل أنجب النجباء إلى كلية الطب، هل يقرأ أحدهم أبدا قصة أو قصيدة؟، هل سمع أيّهم أحد أساتذته يطرح تساؤلا، مجرّد تساؤل، عن فكرة متوارثة أو أمر مُسَلـّم به فى أى منحى أو مجال من مناحى ومجالات الحياة؟، قرأت منذ أيام مقالاً عن ألبرت أينشتاين Albert Einstein، الذى أحدث ثورة فى علم الطبيعة، والذى تحتفل المحافل العلمية بمرور مائة عام على نشر بحثه فى نظرية النسبية العامة فى نوفمبر 1915. انقطع عن دراسته المدرسية، وحين عمل والده المهندس فى إيطاليا كان ألبرت يحضر بعض المحاضرات فى الجامعة دون انتظام ودون أن يسجّل كطالب، وكان يقرأ.. يقرأ ماذا؟ يقرأ إمانويل كَنْت Immanuel Kant. وأنا أزعم بأن كَنْت باعتباره المكان والزمان نَسَقين فكريين قد حرّر فكر أينشتاين من منظور نيوتن Newton للمكان والزمان، باعتبارهما كيانين موضوعيين مطلقين، وبهذا انفتح المجال لاعتبار المكان والزمان نسبيين للملاحِظ، وهى اللبنة الأولى فى نظرية النسبية. بعد ذلك انغمس أينشتاين فى دراسة علم الطبيعة، وفى عام 1905 نشر ثلاثة أبحاث كان كل منها عملا عبقريا خلاقا، وكانت الأساس لنظرية النسبية العامة التى دأب عشر سنوات على صياغتها حتى نشر بحثه المبدع عام 1915.
 
ماذا أردت من حكاية هذه الحكاية؟ أردت أن أقول هكذا يكون التعليم، إطلاقا للفكر من كل قيد، وهكذا يكون التقدم فى العلم، بتجاوز المُسَلمات والمقدّسات وإخضاع حتى البديهيات للمساءلة. ونحن نرى رجال الدين يصرّون على وصف أنفسهم بالعلماء، وهم بهذا يسهمون فى إفساد مفهوم العلم عندنا. «علمهم» كله منقول محفوظ وأساسياته ممتنعة على الشك والتمحيص والمساءلة. فليهنأوا به على أن يتخلوا عن وصف العلماء ويتركوه لأولئك الذين لا يعرف علمهم ثباتا ولا يقينا ويقوم تقدّمه على نقض ما كان مسلماً به.
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع