بقلم - سليمان شفيق
لم أتوقف يوما عن معارضة على سالم، ولم أكف لحظة عن احترامه، تعرفت على الرجل منذ أكثر من ثلاثين عاما، حينما أجريت حوارا معه.. وكيف كان أبوه شرطيا فقيرا بدمياط، وتوفى الأب وترك له الأسرة ، ليعمل على سالم فى أعمال مختلفة لكى يحمى عائلته من الفقر والجوع ولعلى أخ شهيد من شهداء الحرب العربية الأسرائيلية الاولى 1948، ورغم ذلك كان من رواد «التطبيع» مع إسرائيل.
عمل فى فرق صغيرة حتى أول عمل مسرحى له «ولا العفاريت الزرق»، ثم «عزبة الورد» لثلاثى أضواء المسرح، و«الناس اللى فى السما الثامنة»، لينتقل بعدها للنقد السياسى «مدرسة المشاغبين» «الراجل اللى ضحك على الملائكة»، وأكثر من أربعين عمل مسرحى وسينمائى، ومئات من المقالات، حتى 1977 حينما زار السادات القدس .. حدث تحول كبير فى حياته.. قرر أن يزور إسرائيل لكى يبشر بثقافة «السلام» ويكسر حاجز التطبيع، ويهاجم الجميع على سالم بما فيهم أنا، ومنذ 1977 لم يتوقف على سالم عن الدفاع عن أفكاره فى شجاعة منقطعة النظير.. ولم أتوقف عن الاختلاف معه، ولكنى كنت دائما أجد فى الراحل: أنه «علمانى» حقيقى، وليبرالى لا غش فيه، وكاتب ساخر لا يجود الزمان بمثله، ورغم أنه كان فقيرا إلا أنه لم يكن نهما ولا متربحا من مواقفة، لم يعرف عنة أنه نال أى مكتسبات من إسرائيل، ولم يقترب من رجال الأعمال إياهم ليحصل على بعض الغنائم مثل غيرة، رحل على سالم وأنا أتأمل فروسيته وزهده فى عالم من المنتفعين.. بعض تجار المواقف نجدهم يكونون الثروات من دفاعهم «مدفوع الأجر» عن الأقباط مثلا، أو مدعو العلمانية الذين يتاجر بعضهم بذلك ويقبضون الثمن ماليا وسياسيا .. نعم اختلف مع على سالم ولكنى أحنى هامتى له .. عاش باكيا وهو الذى أضحكنا جميعا .. دافع عن العلمانية والأقباط ولم أرَه يقبض الثمن على ندواته أو منتدياته كما يفعل السفهاء والسفيهات، من أمراء الطائفية وسكان الصفوف الأولى فى الكنائس، والمتاجرين بأصوات الأقباط والفقراء وأصحاب المظالم، كان على سالم من فرسان الإعلام ولكنه لم يطبل لهذا أو ذاك، لم يتوقف عن نقد الإخوان والسلفيين لحظة ولكنه لم ينتفع من هذه «السبوبة» كما تفعل الآن هذه الكاتبة أو ذلك الكاتب، وداعا عمنا على سالم وستظل تعيش فينا بما نتعلمة منك وبما نختلف معك فيه.