الأقباط متحدون - الخيول تصهل فهل تسمعونها؟
أخر تحديث ٠٤:١٧ | السبت ٢٦ سبتمبر ٢٠١٥ | ١٦ توت ١٧٣٢ ش | العدد ٣٦٩٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الخيول تصهل فهل تسمعونها؟

 رفعت السعيد
رفعت السعيد

والسؤال موجه للحكومة الجديدة. والخيول تصهل عادة محذرة من الزلازل وهى علامة يعرفها الجميع، فهل تسمع الحكومة.. أم كالعادة؟ ولأننا نعيش فى زمن مصادفات غير عادية وغير سعيدة فإن الخيول تسمع بآذانها ما هو آت. والمصادفات أنواع ونبدأ بالسياسية منها. والسياسة فى أيامنا هذه تعنى الانتخابات وهنا تتكاثر المصادفات المخجلة.

■ قائمة تزعم همساً وتنفى همساً علاقتها الوثيقة بالجهات وثيقة الصلة. والقائمة ظلت سرية ولجنتها التنسيقية ينفى كل فرد منها أنه بالمصادفة لا علاقة له بها ولا يعرف من تضمهم. ويصرح أحد التنسيقيين فى دفاع مهذب عن مصادفاتهم أنهم اجتمعوا وتناقشوا وقرروا استبعاد مرشح أسوان، لكنه بالمصادفة لم يذكر لماذا رفض محاميهم تسليم الرجل ملفه كى يترشح فردى، لأنه بالمصادفة أقوى شخص هناك فإن ترشح أسقط مرشحهم. ويقولون إنه بالمصادفة ورد فى القائمة شخص محكوم عليه فى جناية حكما واجب النفاذ. وبالمصادفة اتضح أنها جريمة الاعتداء على متظاهرين مطالبين بإسقاط مرسى.

■ وفى قائمة أخرى منافسة يسحب أحد المرشحين بالمصادفة اسمه من القائمة فى آخر لحظة فيطاح بالقائمة بأكملها من سوق المنافسة.

■ وقائمة أخرى تسرق ملفاتها بالمصادفة فيطاح بالقائمة كلها من سوق المنافسة.

وتتوالى المصادفات.. تتكاثر لتصبح سمة انتخابية مثيرة للدهشة. وللعلم يفسرون المصادفة بأنها مجرد فعل يأتى عفواً، ودون ترتيب من أحد. وهى عادة لا تتكرر فإن تكررت لا تكون مصادفة.

ويبقى أن نتذكر الفارق فى الزمن القديم بين رجل الحزب «الوطنى» العتيد كمال الشاذلى وبين خليفته المرتبك أحمد عز، الأول فعلها مرات وأتى بمن أرادوه دون افتعال مصادفات، ويخرج من كل انتخابات وعلى وجهه ابتسامة بريئة. أما خليفته فقد فعلها عام ٢٠١٠ فكان سبباً فى أسوأ انتخابات جرت فى تاريخ مصر وكانت سبباً فى انهيار كل النظام.

والآن يا سادتى هل تدركون أن المصادفات لا تخلق استقراراً حتى ولو كانت بريئة أو حسنة النية أو تستهدف استبعاد من لا يستحقون الزفاف إلى جنة مجلس النواب أو حتى لو تخيل أصحابها أنها مخلصة، لأنها تريد أن تحقق استقراراً لمن يستحق الاستقرار وهو فعلاً يستحق الاستقرار ولكن اتركوه أنتم وشأنه فهو مستقر بذاته ولذاته وبما فعل وبما سيفعل. فلا تكونوا بإلحاحكم على تدبيرات ساذجة ومصادفات خائبة إيذاءً وليس سنداً. وإذا كانت هذه المصادفات قد أتت مصادفة عبر تدبير أصحاب القائمة فلهم منا الرثاء، إما أن كانت بتدبير جهة أخرى فإنها الكارثة ليس لذات الفعل وإنما أن تكون هذه هى العقلية.

وفى ظلال هذا الديكور من المصادفات الساذجة بتزايد مصادفات اقتصادية ترتفع بسببها كل الأسعار تارة بسبب الحر وتارة بسبب أخلاقيات التجار وتارة بسبب مصادفات عالمية. والشعب المسكين العظيم صدقنا فأتى ملايين فى ٢٥ يناير، ثم اعتذرنا له أن ثورته سرقت وصدقنا، ثم أتى فى ٣٠ يونيو بالملايين وهو يستبشر خيراً فإذا بالخير ينحاز مصادفة لكبار كبار الأغنياء ويتبقى الفقر والجوع والحرمان مصادفة للفقراء وحدهم فى ظلال تراتيل وترانيم عما يقولون إنه عدل اجتماعى وما هو بعدل ولا اجتماعى.

والآن يا سادتى جميعاً سواء فى القائمة أو فى الوزارة المستحدثة والتى احتفظت بالمصادفة بوزراء ينكرون العدل الاجتماعى الحقيقى مع زيادة الأقاويل عن حماية الفقراء، ولكن دون جدوى فالجائع والمظلوم لن تقنعه أى كلمات، خاصة إذا رأى أمام عينه سياسات تجسد الظلم الاجتماعى والتفاوت الطبقى المفزع مصحوباً بأوركسترا مصاحب يعزف عبر مصادفات القوائم الانتخابية مقطوعات موسيقية مريرة تصرخ باللا أمل، لكن الناس تعرف أن للأمل طريقاً، وأنه بالإمكان تحقيقه، وأنه يجب تحقيقه شريطة أن نتخلص من تدبيرات المصادفات الخائبة، والاختيارات غير الصائبة.

أما الخيول فقد توارثت الإحساس المبكر بالزلازل فتصهل عالياً والويل لمن لا يستمع لصهيلها. فاستمعوا. وأخيراً تأكدوا أننا لا نريد شيئاً لأنفسنا، نحن فقط نريد استقراراً لمصر وهو لا يأتى بمثل هذه الترتيبات الساذجة، ونريد تقدماً وهو يأتى عبر العدل الاجتماعى، ونريد برلماناً مصرياً حقاً خالياً من التأسلم وليس اقتساماً خائباً معهم يسحبون به قائمة وتهدونهم بالمقابل قائمة، فحرام.. حرام أن يكون هذا مصير مصر.

استمعوا لصهيل الخيول.. وحاولوا أن تستقيموا بلا مصادفات مغموسة بالمرارة والسذاجة.

نقلا من المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع