* تنظيم الضباط الأحرار يتجه للاغتيالات ثم يعدل عن الجهاد المسلح.
* ناصر أدى يمين الطاعة والولاء لمرشد الجماعة عام 1948.
*ناصر يزور الهضيبي مرشد الجماعة لوضع أساس التنسيق بين الثورة والإخوان.
*مجلس قيادة الثورة يصدر عفوًا خاصًا عن قتلة الخازندار من التنظيم السري للجماعة.
*مجلس قيادة الثورة يصدر العفو الشامل لجميع المعتقلين السياسيين فيما عدا الشيوعيين.
*الثورة تتفق مع الجماعة على حقب وزارية!
كتبت – أماني موسى
في الذكرى الـ 45 لرحيل الرئيس جمال عبد الناصر الذي يروق للبعض تلقيبه بـ الزعيم، نلقي بعضًا من الضوء على الزعيم وعلاقته بجماعة الإخوان المسلمين وانشقاقه عنهم، وقيادته لانقلاب يوليو 52 الذي أطاح بالنظام الملكي عن مصر، محاولين الإنصاف لهذا الرئيس الراحل الذي له ما له وعليه ما عليه، فله إنجازات وأيضًا إخفاقات أسفرت عن خسائر ربما لا زالنا نعاني منها حتى يومنا هذا.
علاقة ناصر والإخوان.. أين الحقيقة؟
ظلت العلاقة بين عبد الناصر وجماعة الإخوان المسلمين، واحدة من أكثر الألغاز إثارة فى تاريخ مصر، حيث مرت علاقتهما بمحطات عدة تباينت بين التقارب والعداء، حيث ترصد المصادر التاريخية أن ناصر تحول من عضو بالجماعة بايع المرشد إلى أشد المعادين لها وقام باعتقال قادتها.
القضية الفلسطينية تدفع لتكوين تنظيم الضباط الأحرار والتحالف مع الجماعة
حيث تخرج جمال عبد الناصر من الكلية الحربية في يوليو ١٩٣٨، والتحق فور تخرجه بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد في الصعيد، وكان ناصر غير راض عن أوضاع الجيش المصري والتدخل الأجنبي، وأشتدت الأوضاع سوءًا عقب قرار تقسيم فلسطين في سبتمبر ١٩٤٧، وعليه عقد الضباط الأحرار اجتماعًا للدفاع عن "حقوق العرب" وأستقر رأيهم على تقديم المعونة للأشقاء الفلسطينيين.
إعلان دولة إسرائيل وتنظيم الضباط الأحرار يطيح بالملك
وعقب إعلان دولة إسرائيل أقتنع تنظيم الضباط الأحرار أنه من الضروري تركيز الجهود لضرب أسرة محمد على؛ فكان الملك فاروق هو هدف تنظيم الضباط الأحرار منذ نهاية ١٩٤٨ وحتى 1952.
وقام التنظيم بإرسال الفدائيين سرًا لضرب القوات البريطانية في منطقة القناة التي استمرت حتى بداية ١٩٥٢، وذلك بتدريب المتطوعين وتوريد السلاح الذي كان يتم في إطار الدعوى للكفاح المسلح من جانب الشباب من كافة الاتجاهات السياسية والذي كان يتم خارج الإطار الحكومي.
التنظيم يتجه للاغتيالات ثم يعدل عن الجهاد المسلح
وإزاء تطورات الحوادث العنيفة المتوالية في بداية عام ١٩٥٢ اتجه تفكير الضباط الأحرار إلى الاغتيالات السياسية لأقطاب النظام القديم على أنه الحل الوحيد، وبالفعل أفتتحوا باب الاغتيالات باللواء حسين سرى عامر، أحد قادة الجيش، ولكن شاءت الأقدار نجاته، ما دفعهم للعدول عن الجهاد المسلح.
ناصر أدى يمين الطاعة والولاء لمرشد الجماعة عام 1948
أكد "خالد محيي الدين"، أحد قيادات مجلس قيادة الثورة، في كتابه "الآن أتكلم"، أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قد أدى يمين الولاء والطاعة للمرشد حسن البنا مرشد جماعة الإخوان المسلمين، وذلك في عام 1948، وأن المرشد قام بتكليف الضابط محمود لبيب، بمتابعتهم داخل الجيش للتأكد من ولائهم للجماعة.
فيما نفى سامي شرف، أحد قيادات الثورة الذي أكد ميل أيديولوجية عبد الناصر قبل الثورة إلى اليسارية أو الاشتراكية المعتدلة.
بينما يرجح البعض أن ناصر قد أدى اليمين للمرشد لتحقيق طموحه السياسي فقط وليس اقتناعًا بالجماعة وأفكارها ولعل هذا ما يوضح فيما بعد سبب قيام ناصر باعتقال قادة الجماعة والانقلاب عليها.
نجاح ثورة يوليو 52 والإخوان تحرض لحل الأحزاب
حرصت الجماعة منذ اليوم الأول "للثورة" على تحريض مجلس قيادة الثورة ضد الأحزاب وتكوين قناعة بضرورة حلها، وقد كان القرار بحل الأحزاب، وتقدم المرشد آنذاك بإخطارًا رسميًا لوزارة الداخلية بأن الاخوان جمعية دينية دعوية، وأن أعضاءها وتكويناتها وأنصارها لا يعملون في المجال السياسي، ولا يسعون لتحقيق أهدافهم عن طريق أسباب الحكم كالانتخابات، ما جعل قانون حل الأحزاب الذي أصدره مجلس قيادة الثورة لا ينطبق على الإخوان المسلمين.
الجماعة تطالب ناصر بعرض القوانين والقرارات عليها قبل إصدارها وناصر يرفض
ليتوجه بعدها وفد إخواني إلى مكتب جمال عبد الناصر يطالبوا فيه بـ "وضع يليق بدورهم وبحاجة الثورة لهم"، فقال لهم ناصر: "إن الثورة ليست في أزمة أو محنة، وإذا كان الإخوان يعتقدون أن هذا الظرف هو ظرف المطالب وفرض الشروط فأنهم مخطئون".. لكنه سألهما بعد ذلك: "حسناً ما هو المطلوب لاستمرار تأييدكم للثورة"؟
فأجابوه: "إننا نطالب بعرض كافة القوانين والقرارات التي سيتخذها مجلس قيادة الثورة قبل صدورها على مكتب الإرشاد لمراجعتها من ناحية مدى تطابقها مع شرع الله والموافقة عليها، وهذا هو سبيلنا لتأييدكم إذا أردتم التأييد".
وأمام رفض ناصر أبلغوه أن الأمر ليس محل نقاش بل إبلاغ بمطالب!
ناصر يزور الهضيبي لوضع أساس التنسيق بين الثورة والإخوان
لتتحول بعدها العلاقة بين ناصر والجماعة إلى علاقة عدائية، وبعدها قابل عبدالناصر المرشد العام للإخوان المسلمين حسن الهضيبي في منزله بمنشية البكري، ليكون هناك أساس للتعاون والتنسيق بين "الثورة" و"الإخوان" بعيدًا عن الوصاية الدينية او السياسية، لكنه فوجئ بأن الهضيبي تراجع عن الشروط السابقة وقدم بدلاً عنها مطالب جديدة تتمثل في مطالبة مجلس قيادة الثورة بإصدار مراسيم بفرض الحجاب على النساء وإقفال دور السينما والمسارح ومنع وتحريم الأغاني و الموسيقى وتعميم الأناشيد الدينية وإصدار مرسوم يلزم القائمين على حفلات وقاعات الأفراح باستخدام أناشيد مصحوبة بايقاعات الصاجات (الدفوف) فقط، ومنع النساء من العمل وإزالة كافة التماثيل القديمة والحديثة من القاهرة وكل أنحاء مصر.
كان رد عبد الناصر على هذه المطالب: "لن اسمح لهم بتحويلنا إلى شعب بدائي يعيش في أدغال أفريقيا مرة أخرى".
مجلس قيادة الثورة يصدر عفوًا خاصًا عن قتلة الخازندار من التنظيم السري للجماعة
أصدر مجلس قيادة الثورة عفوًا خاصًا عن قتلة المستشار أحمد الخازندار من أعضاء الجهاز الخاص للإخوان المسلمين وعن بقية المسجونين في قضية اغتيال رئيس الوزراء النقراشي باشا، بالإضافة إلى العفو عن المحكوم عليهم في قضية إحراق مدرسة الخديوية الثانوية للبنات من قبل المتشددين في جماعة الإخوان المسلمين، وقد خرج كل هؤلاء المعفو عنهم من قبل مجلس قيادة ثورة 23 يوليو من السجن إلى مقر الجماعة.
مجلس قيادة الثورة يصدر العفو الشامل لجميع المعتقلين السياسيين فيما عدا الشيوعيين
بعد ذلك أصدر مجلس قيادة الثورة قرارًا خاصًا بالعفو الشامل عن كافة المعتقلين السياسيين باستثناء الشيوعيين وبلغ عدد المفرج عنهم 934 معتقلاً معظمهم من الإخوان.
كما قامت الثورة بتقديم خصم الإخوان اللدود إبراهيم عبد الهادي باشا إلى المحاكمة بتهمة تعذيب "الإخوان".
الثورة تتفق مع الجماعة على حقب وزارية!
كانت الثورة أقرت تشكيل حكومة برئاسة محمد نجيب، بالإضافة إلى منصبه كرئيس لمجلس قيادة الثورة على أن يكون للإخوان حقائب وزارية منها وزيران أو ثلاثة، وقد اتصل المشير عبدالحكيم عامر ظهر يوم 7 سبتمبر 1952م بالمرشد العام الذي رشح وزيرين من الجماعة هما: الشيخ احمد حسن الباقوري عضو مكتب الإرشاد والأستاذ احمد حسني، ليتم التارجع عن تلك الأسماء بعد ذلك.
حادثة المنشية تاريخ التحول الحقيقي في العلاقات وبدء حملة اعتقالات قادة الجماعة
كانت حادثة المنشية نقطة التحول الأبرز في العلاقة، حيث قام محمود عبد اللطيف بمحاولة اغتيال عبد الناصر في ميدان المنشيه يوم الثلاثاء 26 أكتوبر 1954 وهو يخطب في الجماهير، ونجا ناصر من المحاولة، ليبدأ بعدها حربًا ضروس ومعلنة ضد الجماعة واعتقال قادتها.