بقلم: ليديا يؤانس
نظراً لبُعد المسافات،   وتكلفة السفر العالية،  وظروف شخصية،  لم أستطع القيام بهذه الرحلة المُمتعة،  وبالرغم من ذلك صممت علي الأستمتاع بمُشاهدة نجمة الميدان الأحمر،  ركبت الهوا مُتجهة نحو هذا البلد العريق،   مُحلقة بما إجترتُه ذاكرتي من معلومات عن هذه النجمة الفخمة الرائعة.

نجمة مُتلألئة،  تخطف الأبصار،  تخلِب العُقول بتصميمها الرائع المُتميز،  تقع بأشهر ميدان في موسكو بالقرب من الكرملين،  أنها كاتدرائية القديس باسل أو (القديس باسيل) والميدان هو الميدان الأحمر،  عبارة عن ساحة مربعة،  طوله 330 متراً (1100 قدماً)  وعرضه 70 متراً (230 قدماً).

الميدان الأحمر يُعتبر الميدان الرئيسي لموسكو وكل روسيا،  وتتفرع منه الشوارع الرئيسية في موسكو إلي جميع الإتجاهات وإلي الطرق السريعة خارج المدينة.

كل مبني في الميدان يُعتبر في حد ذاته  أسطورة،   فتجد الكرملين،  وتجد قصور وكاتدرائيات الكرملين،  أيضاً المقر الرسمي لرئيس روسيا حالياً.

من أجمل المباني ضريح لينين،   فلاديمير إبليتش لينين،  ثوري ماركسي روسي،  قائد للحزب البلشفي والثورة البلشفية، ومؤسس المذهب اللينيني السياسي رافعاً شعار "الأرض والخبز والسلام."

بجوار ضريح لينين توجد كاتدرائية القديس باسيل ذات القبة التساعية المعقدة.

علي الجانب الشرقي للميدان المركز التجاري وكاتدرائية كازان المنتعشة،  أما الجانب الشمالي فتجد به متحف الدولة التاريخي.

منذ العهد السوفيتي والميدان حريص علي مغزاه،   فقد كان مشهوراً كمسرح للعروض العسكرية،   وحتي الآن الميدان الأحمر هو  الميدان الرئيسي في حياة الدولة الجديدة.

حينما فكرت في الكتابة عن كاتدرائية القديس باسيل،  والتي أعطيتها اسم "نجمة" الميدان الأحمر،   تذكرت زيارة الرئيس السيسي لروسيا في مايو من هذا العام،   وحضوره إحتفالات روسيا بالذكري السبعين لأعياد النصر علي هتلر،   حيث أقاموا أكبر عرض عسكري في تاريخ البلد بإستعراض أحدث الدبابات والصواريخ العابرة للقارات فوق أرض الميدان الأحمر.

ولكن ما المغزي من تسمية الميدان ب"الميدان الأحمر"؟
ربما لأن معظم المباني مبنيه بالطوب الأحمر
ربما لوجود علاقة بين اللون الأحمر والشيوعية
لكن علي الأرجح يُعتقد أن التسمية ترجع إلي أن الكلمة الروسية كراسنيا يمكن أن تعني إما أحمر أوجميل،  وبالتالي فالميدان إما أحمر أو جميل وفي إعتقادي الأثنان معاً أي أحمر وجميل. 

تعالوا نستمتع بمشاهدة "نجمة"  الميدان الأحمر أي كاتدرائية القديس باسيل،  كاتدرائية فخمة رائعة التصميم،  تحتار في تقييمك لها كصرح ديني معماري مُتألق في وسط هذا الميدان الشهير،    هل هذه النجمة (الكاتدرائية) هي التي تضفي جمالاً علي الميدان بتصميمها وألوانها وأضواءها البراقة وخصوصاً حينما تُسلط عليها الأضواء في المساء فتبدو "كنجمة"  خلابة،   أم الميدان بلون مبانيه ومُنشآته التاريخية وأهميتة السياسية هو الذي يُضفي جمالاً علي الكاتدرائية!
حينما تشاهدها من الداخل والخارج يصعب عليك تحديد هل هي أكثر جمالاً من الداخل أم من الخارج،  ولذا البعض يُرشحها كأجمل كاتدرائية في أوربا. 

هذه النجمة سُميت ب"كاتدرائية القديس باسيل"  لأن الشعب الروسي والقيصر كانا يُحبان القديس باسيل.

مبني الكاتدرائية ليس كبيراً بالرغم من أنه يحوي تسعة معابد مبنيه علي أساس واحد،  ولذا تتخذ جموع المصليين الساحة الخارجية كمذبح للكاتدرائية نظراً لصغر مساحة الكاتدرائية،   وهذا عكس ما هو موجود بكاتدرائيات الغرب التي تحتوي علي صحن شاسع ذو طراز فني واحد.

بنيت الكاتدرائية بتكليف من القيصر إيفان الرابع (المُلقب بإيفان الرهيب)  للمهندس المعماري بوستنك ياكفلوف في الميدان الأحمر في موسكو،  لتخليد ذكري سقوط خانيه قازان،  واستمر العمل بها من 1555  وحتي  1561 م.

تقع الكاتدرائية في الجانب الجنوبي الشرقي من الميدان الأحمر مقابل برج سباسكاي من الكرملين،   التصميم الداخلي للكاتدرائية عبارة عن تسعة معابد يشتركون في أساس واحد،  ولكن كل معبد مُستقل بذاته ملئ بأيقوناته ولوحاته الرائعة ذات الألوان الخلابة،  الجدران والقباب مدهونة بالألوان البازلتيه زهرية اللون الجميلة.

كان الهدف من بناء هذه المعابد،  أن يُخصص معبد للقديس الذي صادف يوم الإحتفال به،   يوم فوز القيصر في المعركة.

الكاتدرائية من الخارج تأخذ قبابها الشكل البصلي ذات الألوان المُبهجة حيث أن كل معبد له قبة خاصة به،    منظر الكاتدرائية من الخارج بهذا التصميم الرائع وألوانه البراقة،   تتناغم مع اللون الأحمر الغالب علي الميدان،    وأيضاً مع تغير الطبيعة مابين النهار والليل حيث الشمس أو القمر،   يضفي علي الكاتدرائية أضواءاً عجيبة يجعلها تتألق كنجمة مُتفردة وسط هذا الميدان الجميل.

يوجد بالحديقة الأمامية للكاتدرائية،   تمثال برونزي لتخليد كل من ديمتري وكوزما مينن اللذين قادا جيش روسيا التطوعي ضد الغزاة البولنديين في سنة 1612.

هذه هي نجمة الميدان الأحمر أي كاتدرائية القديس باسيل،   التي يرجع زمن بناؤها للقرن ال16  وبالرغم من ذلك فهي مازالت تحمل عبق رائحة الدين الممزوج بالوفاء وروعة الفن المعماري،   فتجد نسمة من المشاعر والنشوى تجتاح خلجات نفسك وتعجز كلماتك عن السرد والتعبير عما تُشاهده وأنت تستمتع بمُشاهدة ألوانها ولوحاتها ومعابدها التسعه،   التي كانت مُهدده بالهدم في وقت ما من زمن الإتحاد السوفيتي.

من الألغاز والأساطير الشائعة حول بناء هذه الكاتدرائية أن إيفان الرابع فقأ عيني المهندس المعماري بوستنك ياكفلوف،    حتي لا يقوم بتصميم كاتدرائية أجمل من كاتدرائية القديس باسيل،    ولكن في الحقيقة أن ياكفلوف قام بتصميم عدة كنائس بعد هذه الكاتدرائية وإحداها في قازان.

هذه هي كاتدرائية القديس باسيل،  التي تُعرف أيضاً بكاتدرائية شفاعة العذراء،   أوكاتدرائية حماية أم الرب،   والتي تتميز بأن مسقط الكاتدرائية بشكله المُثمن يدل علي الرمزية الدينية،   حيث أنة يرمز إلي اليوم الثامن حيث المجئ الثاني للمسيح والحياة الأبدية معه.

هذه هي كاتدرائية القديس باسيل (نجمة الميدان الأحمر) التي أتمني زيارتها والإستمتاع بجمالها الديني والفني في يوم ما.