د. رأفت فهيم جندي
هذا عنوان فيلم قديم ربما يكون في الخمسينيات من القرن الماضي دارت احداثه حول اصطدام غواصة روسية بالخطأ بجزيرة أمريكية نائية، وبعدما خرج منها الجنود الروس تعامل معهم سكان الجزيرة بالخوف أولا ثم بالحذر الشديد وبمرور الساعات وليس الأيام أحبهم امريكان الجزيرة حتى انهم اصيبوا بالإحباط بعد ان وصلت القوات الامريكية لأجلاء هؤلاء الروس من الأراضي الامريكية.
نفس هذا العنوان يتكرر الآن في منطقة الشرق الأوسط الذين طردوا الروس قبلها في السبعينيات او الذين لم يسمحوا لهم بالعلاقات معهم بصفتهم دولة ملحدة وقتها وكل منهم له اسبابه الآن في الاقتراب من الروس والتي ربما تكون مناقضة للآخر، فعلى سبيل المثال التقارب السعودي الروسي الآن سببه الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني وأيضا عدم رغبة الامريكان لغزو سوريا لإزالة الأسد، بينما التقارب العراقي مع الروس سببه داعش التي مولتها أمريكا والسعودية ودول الخليج، بينما كلنا يفهم ويعرف ويستوعب سبب التقارب المصرى الروسي الحالي.
بوتين بجديته سحب البساط من تحت الامريكان ذوى السياسة المائعة التي تقول عكس ما تفعل، هل هناك من يصدق الاقاويل الامريكية حول قيام تحالف أمريكا بحرب داعش؟!
بالحقيقة نعم يوجد من يصدقه وهم حفنة من المضللين او الغير فاهمين او الغير ناضجين او الغير مدركين او المعتوهين، ولكن في تخيلي ان كل من له قشرة مخية تعمل ولو بنصف أو ربع كفاءة يعلم أن امريكا وحلفائها هم من صنع داعش ومن مولهم ولكل واحد منهم أسبابه المعلنة والغير معلنة ومنهم بعض الدول العربية النفطية التي تهدف أساسا لأسقاط تحكم الشيعة في العراق والقضاء على بشار الأسد في سوريا وحزب الله في لبنان.
الروس بالطبع لهم طموح، وكما قال بوتين أخيرا في الأمم المتحدة هل الدول الغربية الذين يلومون الطموح الروسي ليس لهم أيضا طموحات؟!
كل حقبة في التاريخ لها أسبابها فلا نلوم عبد الناصر لتحالفه مع السوفييت في الستينيات لبناء السد العالي ولا السادات في تحالفه مع الامريكان بعد حرب 1973 لاستعادة سيناء، ولا لعودة مصر للتقارب مع الروس الآن.
السياسة الامريكية في ميوعتها وكذبها تجمل نفسها امام الشعب الأمريكي أولا وقبل كل شيء بينما السياسة الروسية تعمل ما تراه بدون لف او دوران وعندما استولت إيران أيام جيمى كارتر على السفارة الامريكية في أوائل حكم الخميني وسجنت الدبلوماسيين الأمريكيين رهائن لكى تعيد أمريكا لهم شاه ايران الذى كان يعالج وقتها في أمريكا، كان السؤال هل كان الإيرانيون يستطيعون فعل نفس هذا الشيء مع الاتحاد السوفيتي؟
وكان رأى معظم الناس انهم لا يستطيعون هذا لان القوات السوفيتية كانت ستقوم لتوها على كل مدينة قم المقدسة لدى الشيعة او غيرها لكى تسويها بالأرض.
فهل ستسحق القوات الروسية الكبيرة التي ذهبت خلسة لسوريا قوات داعش التي تمددت في العراق وسوريا بمباركة أمريكية عربية سنية بينما يجلس أوباما امام العالم يقوم بدوره التمثيلي المقزز الغير مقنع بإقامة تحالف دولي لمحاربة داعش كمثل اللص الذى يعقد مؤتمرا صحفيا يستعرض فيه اخلاقه ونزاهته وشرفه بينما الجميع يعرف سرقاته!
هل ستسقط داعش الأيام القادمة امام القنابل الروسية الحقيقة؟ ام ان أمريكا سوف تتخلى عن ميوعتها والعاب الاطفال وتدخل بجدية لكى لا تبقى في الظل حتى ولو هدمت الداعشية التي كانت بنتها لكى لا تترك الأرض للروس.
على كل الأحوال فأن الدب الروسي ليس فقط قادما بل وصل لمياه الشرق الأوسط الدافئة، ونأمل ان يكون في وصوله خيرا سواء ان فعل ام اجبر الامريكان على الفعل، أم ان الروس قادمون فقط للإبقاء على نظام الأسد؟ هذا ما سوف نعرفه في الأيام القادمة.