Oliver كتبها
في التاريخ أرصدة النجاحات و حساب الإخفاقات في التاريخ كل أنواع الدروس. و رغم أهمية التاريخ إلا أن التاريخ الكنسي ليس قيد علينا .ليس للتاريخ قدسية و لا هو منحصر في الإنجازات دون غيرها. لكن له سلطة المعلم..
لقد حفل تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية بالأعاجيب الإيمانية و الشخصيات الفريدة التي كان لها أعظم الأثر ليس في مصر وحدها بل في كل العالم.فالرهبنة المصرية صارت مسلكاً لكل مسيحيي العالم.و الشهداء جعلوا إسم الكنيسة القبطية معروفاً للكل.و المدافعين عن الإيمان لم يكونوا أبطالاً محليين.أثناسيوس و كيرلس و ديسقوروس العظماء يعرفهم العالم.المجامع لم تكن محلية في البدء بل مسكونية أي عالمية.و كان للكنيسة الأرثوذكسية سواء القبطية أو السريانية أو الأرمنيية صولات و جولات مع الهراطقة.
كان عيد القيامة مسئولية مصر التي تحدد تاريخه ليحتفل به العالم أجمع.كانت تعاليم الأنبا شنودة و الأنا أنطونيوس و ابو مقارة تصل إلي أرجاء المسكونة و كان الزوار من أرجاء العالم يأتون ليستفسرون عن أعماقها.كانت كنيستنا مسكونية.و حين كانت بهذا البريق لم نقرأ عنها كثيراً أنها تأزمت أو صار فيها إنشقاقات بل كانت تقفز من مجد إلي مجد.
فقط بدأ منحني التاريخ يتقوقع إلي الداخل و ينكفأ علي نفسه حين بدأت الإنشقاقات بين الكنائس و تبدل الحال من كنائس تجتمع لتناقش الإيمان الواحد و تمارس المحبة الواحدة إلي ملتقيات متفرقة تهجو بعضها بعضاً و يتوه بينها ما هو حق و ما هو متهرأ.
و صار البعض يسجل الهجوم علي الكنائس الأخري بصورة البطولة.و كلما علا الصراخ ظن البعض إليه أنه غيور علي الإيمان و أنه يفحم معارضيه.و صارت كل مجموعة تكلم نفسها و تهجو غيرها و ضاعت المحبة و تمزق الجسد الواحد.
أصبحت القوانين الكنسية تصدر نكاية في الآخرين بدلاً من أن تكون نبراساً يجمع جسد المسيح.و مع هذا بقي البعض يتفاخر كأن ما يحدث و ما يصدر هو قمة الدفاع عن الإيمان هذه نفس القوانين التي إحتار المؤرخون و العلماء الآن في تنقيحها و معرفة أيهم الصحيح و أيهم المدسوس حتي أن الصفي بن العسال جامع القوانين الكنسية إحتار هو الآخر و لما ضجر من تنقيح القوانين جمعها في سلة واحدة و صرنا حتي اليوم نبحث عن القوانين الصحيحة منها و الزائفة؟ فالتاريخ كالأمواج تجرف كل شيء الثمين و الهش.
نطق باباوات بالحرم علي بابوات.ثم تراجع بعضهم و إعتبر المحرومين قديسيون كما فعلوا مع البابا يوحنا ذهبي الفم.و أحياناً أوريجانوس.و صار كل بطريرك يخشي أن يتراجع لئلا يثور الشعب عليه.بينما أن الشعوب في القديم كانت تهاب معلميها.لكنه الخوف من لا شيء هو الذي صنع صنم الإنشقاق و صار البعض يعبده و يهلل له.فهل آن الأوان لنحطم الصنم و نعبد المسيح.
الحوار بين الكنائس
الآن حان وقت التوبة.فالكنائس كالأفراد تتوب أيضاً.و علي بابوات زماننا أن تتوب عن أخطاء البابوات التاريخية .من الثمر نعرف الشجر.و الثمر بين ايادينا فُرقة و إنشقاق حتماً لم يكن مصدر هذه التحزبات مباركاً مهما شاعت و راجت حولهم القصص.
في سفر الرؤيا يخاطب الروح القدس الكنائس السبعة.و يكشف ما ينقصها و ينير لها طريق التوية.فالتوبة تبدأ من أسقف الكنيسة.و إذا كان الفرد البسيط يتوب عن أخطاءه الفردية فأسقف الكنيسة يتوب عن شعبه.و عن الأساقفة الذين سبقوه و عن قراراتهم التي خلفت تراكمات كارثية علي مستوي المسكونة.الأسقف أو البابا يتوب أي يصحح ما هو خاطئ لأنه أخذ السلطان من أجل هذه أولاً.
الحوار بين الكنائس لا يخيف سوي من لا يريد أن يتضع. من لا ينوي أن يكسب أخيه.من يقرر مسبقاً أن لا يتنازل.الحوار لا يمكن أن يبدأ بينما البعض يتربص بالبعض.
الحوار محبة.و من يرفض الحوار يرفض المحبة.الصلاة حوار مع الله.و الإنجيل حوار مع الإنسان.نحن نقف بين حوارين إن نجحنا فيهما صرنا في طريق النور.
إنها ليست نصيحة بل أمر سماوي.أن نتصالح أولاً قبل أن نقدم لله قرباناً.و قد أخذنا من التصالح معناه الضيق الصغير أي تصالح شخصين و الآن حان الوقت الذي فيه نأخذ المعني الأكبر في التصالح فيكون بين كنائس العالم .
كيف تتصالح الكنائس؟
كان وقت نظن من يهاجم الآخر بطل .الأن وقت نظن من يكسب الآخر أكثر بطولة.كنتم تتباهون في كل كنيسة بأنها تعرف المسيح أفضل.الآن فرصتكم لتظهروا للعالم أن معرفة المسيح تأتي من خلال محبة الأخوة.كل الأخوة من كل مكان و من كل عقيدة تؤمن بأساسيات الإيمان و بالإنجيل و بالفداء و الأبدية.
- مدارس الأحد هي أول درجة من درجات التصالح.حين يكون التعليم فيها مركزاً علي محبة الجميع .و علي عدم الفرز؟و يكون الخادم نفسه مؤهلاً لهذه المحبة يخلو من التعصب .يعلن الأيمان دون هجوم علي أحد و دون إنتقاص من أحد و دون حتي أن يذكر الآخر بل يركز علي المسيح و الإنجيل.
- التصالح يعلو درجة أخري باللقاءات المشتركة ليس بين القادة بل بين الشعب المختلفي العقائد.فالصلاة المشتركة و الإنجيل المشترك كفيلان بتذويب الصخر.
- التصالح يأتي بتنقية القوانين التي وضعت لغرض في نفس واضعها.علي الكنيسة أي كنيسة أن تراجع نفسها أولاً بأول.فالقوانين و القرارات التي تضعها ليست قيوداً عليها بل فقط أداة تحتاجها و تغيرها أيضاً متي لزم الأمر حسب مستجدات الحياة.
- التصالح لا يمكن أن يتم إلا بإنتخاب شخصيات مرنة تأخذ سلطة كافية للتفاهم مع الكنائس الأخري و لا خوف من ذلك لأن كل الأساقفة يعودون بالنقاط الرئيسية للمجمع المقدس لإعادة مناقشتها كما لا يجب أن يكون عندنا وسواس كأننا نذهب ليخدعنا الآخرون فليست هذه هي الحقيقة لأن الكنائس مشتاقة كلها إلي الرجوع و قد أتعبها الفراق و أنهك الإنشقاق الجميع.
- كنائس المهجر بشعبها و خدامها و كهنتها و أساقفتها عليهم الدور الأكبر في التقارب مع بقية الكنائس .و كان يجب أن يكون الأمر سهل حيث أننا نعيش بينهم و بعض كنائسنا نتقاسمها مع كنائس أخري تختلف عنا في العقيدة و قد تركوا لنا كنائسهم بمحبة مسيحية حقيقية و دون تعصب.الحقيقة التي يجب أن نذكرها أن هناك خوف لدي بعض الأساقفة و الكهنة إذا بادروا أو أظهروا هذا التقارب سيجدون من يشتكيهم و يحبك ضدهم التهم.و لأن الرؤوس الطائرة حولهم كثيرة بسبب هذه التهمة فإنهم يخشون بل يتشددون أكثر من اساقفة مصر و بهذا خسرنا أهم عنصر في التقارب بين الكنائس.و الحل أن يكون هناك قرار محمعي يضع خطوات متفق عليها للتقارب و يحمي من يتبع هذه الخطوات من بطش الذين يظنون أن التشدد فضيلة و أن العدو ليس الشيطان لكنه أخي القابع في الكنيسة المجاورة؟؟؟
- التصالح حرفة مسيحية و فن سماوي فإذا أردنا أن نسير خلفه يجب أن نؤسس صندوقاً للأفكار أي أفكار التقارب.هذا الصندوق يجمع كل ما هو ممكن من شتي بقاع العالم لكي نصيغه بطريقة تحول الأفكار إلي خطط محسوبة و مسارات واقعية.
- التصالح لن يتم بغير الشباب.هم فقط و وحدهم الطاقة المنفذة للتصالح,و عندهم اللغة المطلوبة للتقارب.أما الكبار فيكفيهم أن يصلوا لأجل أن يتمكن الجيل الجديد من إصلاح ما أفسده البعض بالتشدد.لهذا أعطوا الدور الأكبر للشباب و هم سر النجاح.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع