بعد ما يزيد عن العامين من ثورة ٣٠ يونيو وما يصل الي حوالي ستة عشرشهرا علي وصول الفريق عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم في مصر ومع اقتراب بل دنو مواعيد انتخابات مجلس النواب اجدني لأول مرة في حياتي غير مهتم بها ، وانا الذي استخرج بطاقة انتخابية من أول يوم بعد بلوغي الثامنة عشر، وانا الذي كنت لا أفارق مؤتمر انتخابي وكنت أظل يوم الانتخابات أقف امام اللجان مشجعا الناس علي الحضور والتصويت وحتي بعد انتهاء اليوم الانتخابي كنت احاول مرافقة صناديق الانتخابات حتي أماكن فرزها وننتظر النتيجة وكأنها نتيجة التخرج من الجامعة نحزن اذا خسرنا ونهلل ونفرح اذا كسبنا .
وعندما تغربت غربتي الصغيرة بالقاهرة ايام الجامعة كنت أعود لمحل إقامتي قبل الانتخابات واظل بها أسبوعا كاملا قبل الانتخابات مشاركا وفاعلا .
وعندما تغربت غربتي الكبري بباريس كنت احاول ان أحدد مواعيد عودتي لمصر لتأتي في مواعيد عقد هذه الانتخابات ، وبعد الثورة ومع تغيير الدستور اصبح بالإمكان ان نشارك في الانتخاب ونحن بالخارج فوجدتني مشاركا وفاعلا ومؤثرا ودافعا الآخرين للمشاركة .
الا انني في هذه المرة ومع اقتراب موعد الانتخابات اجد عندي فتور شديد فلا لهفة لمعرفة مواعيدها ولا لهفة لمعرفة اسماء المرشحين ولا استعداد نفسي لحث الآخرين علي المشاركة والتصويت في هذه الانتخابات .
لا اعرف هل هذا الشعور ناجم من انني وجدت ان الآمال العظام التي بنيتها من وصول السيسي للرئاسة قد تبخرت او لأنني اري ان الوجوه الموجودة حول الرجل هي تكرار لنفس الوجوه القديمة ، ام ان الإعلاميين الذين يدافعون عن الرجل ويحاولون تجميل صورته هم من جعلوني انفر منه ومن توجهاته ام ان كل هذا بسبب شعوري ان الرجل يحاول تكرار نموذج مبارك ويتفرد بالأمر ولا يريد ان يسمع للآخرين .
أظن ان شعوري بالإحباط وبالزهق والضجر ليس شعوري وحدي فربما هو شعور كثيرين تمنوا ان تصبح بلادنا علي يد عبد الفتاح السيسي افضل وأجمل البلاد ولكنهم أفاقوا علي واقع مرير .
واقع يقول ان وضعنا يمكن ان يكون قد تحسن عن وضعنا ايام الاخوان ولكنه للاسف لم يتحسن كثيراً عن وضعنا ايام مبارك .
واقع استبشرنا فيه خيرا في إقامة دولة مدنية حديثة تتبني خطاب ديني معتدل فوجدناها تعاقب بالسجن من يفعل هذا وتفرج من معتقلاتها عمن يدعو لاستخدام العنف ويدعو للقتل والتدمير.
واقع مرير قلنا اننا تخلصنا فيه من كل تجار الدين وقلنا ان دولتنا وحكامنا ورئيسنا أدرك من كل التجارب السابقة ضرورة عدم خلط الديني بالسياسي وقلنا انه فعل خيرا بالتخلص من الاخوان ولكننا فوجئنا به يستعين بظهيرهم ونصيرهم وهو حزب النور ، فوجئنا انه يعطل مادة من الدستور لأجل خاطرهم وهي المادة التي تمنع قيام احزاب علي أساس ديني، وفوجئنا بهذا النظام يقبل بتواجد هذا الحزب وقوائمه في الانتخابات القادمة .
رغم كل هذا فإنني لن استطيع ان امتنع عن التصويت ولا الامتناع عن المشاركة في هذه الانتخابات ولكنني سأشارك وأدعو الجميع للمشاركة بها واختيار الأصلح حتي لا يتفرد بها التيار الديني وتكون الباب الخلفي لعودة الاخوان للحكم مرة اخري وان كنت أظن وليس كل الطن إثم ان هناك تنسيق واتفاقات غير مكتوبة بين النور وبين الدولة بحيث لا يتخطي النور حدود معينة في البرلمان القادم ، حدود وخطوط تسمح له بالتواجد في البرلمان وليس السيطرة عليه ، حدود تمنعه من الاستحواذ علي ثلث معطل ( اذا كان هناك تعطيل في الاصل ) ، حدود وخطوط تسمح للنظام بان يقول للغرب وللقوي الكبري بأننا لم نمنع التيار الديني من المشاركة والتواجد في البرلمان ، حدود تسمح للنظام ان يقول للسلفيين في السعودية وباقي دول الخليج اننا لسنا اقل تدينا من الاخوان ولسنا ضد التيار الديني ، حدود تسمح للنظام ان يلاعب بهم الاقباط ويقول لهم انني لن استطيع ان أعطيكم حقوقكم كاملة ولن تستطيعوا ان تتمتعوا بالمواطنة الكاملة لان هناك تيار ديني يمنعني من ذلك.
حدود تسمح للنظام ان يلاعب بهم التيارات والأحزاب التي تدعو لمدنية الدولة والتمتع بالديمقراطية الكاملة .
لذا فأنني اخيرا رغم كل السلبيات السابقة اتمني من الكل المشاركة في هذه الانتخابات فهذه وسيلة من ضمن وسائل نضالنا السلمي ( الذي لا نملك غيره ) لبناء بلادنا .
Magdigeorge2005@hotmail.com