الأقباط متحدون - كولونيا ذات البُرجينْ
أخر تحديث ١٦:٠٥ | الجمعة ١٣ نوفمبر ٢٠١٥ | ٣ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٤٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

كولونيا ذات البُرجينْ

بقلم: ليديا يؤانس
تحبوا تشموا كولونيا، ولا تحطوا كولونيا،  ولا تشوفوا كولونيا ..

تعالوا معايا وأنتوا حتشموا وحتحطوا  وحتشوفوا كولونيا!

من فترة ليست بالبعيدة،  كنت في زيارة لهولندا،  ودار حديث بيني وبين أصدقائي المصريين الهولنديين،   عن أهم المعالم السياحية البارزة في بلدهم الجميلة،  سواء الموجودة في "أمستردام" العاصمة،   أو "زوول" المنطقة التي كان بها فندق إقامتي،  قلت لهم سمعت من صديق مُغرم بزيارة الكنائس والأديرة،   عن كاتدرائية أجنبية رائعة اسمها كولونيا،  وقال:  لستُ مُتأكداً هل هي في هولندا ولا بلجيكا ولا المانيا،  وقال أكيد ستفتكري اسم الكاتدرائية لما تفتكري كولونيا 55555.

ضحك صديقي جداً،  وقال للأسف دي في المانيا وليس هولندا،   مطيت شفايفي وقشعرت مناخيري من سوء الحظ،،  كان نفسي أزورها!

ربت صديقي علي كتفي وقال،  ما تزعليش،  سنزورها سوياً،  كيف وأنت قُلت أنها في المانيا؟   قال المسافة من هنا لكولونيا تأخذ حوالي ساعتين وعشرون دقيقة.

لماذا أطلقوا عليها "كاتدرائية كولونيا"؟
سُميت كذلك،  نسبة إلي مدينة كولونيا،  التي أنشأت بها الكاتدرائية،  المدينة تُعتبر رابع أكبر مدن بألمانيا،  تقع علي نهر الراين بين مدينتي بون ودوسلدورف.

ومن الطريف،  أن تأتي تسمية ماء الكولونيا للحلاقة نسبة إلي مدينة كولونيا!

من أهم معالم مدينة كولونيا،  هذه الكاتدرائية الرائعة التي يرجع تاريخها إلي العصر الروماني،  والتي أختيرت علي أن تكون علي قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

 بالإضافة إلي الكاتدرائية توجد معالم أخري بالمدينة منها،  كنيسة مارتن،  كنيسة القديس غيريون، المتحف الروماني، مبني البلدية،  ومتحف الشيكولاتة حيث يقام سنوياً مهرجان للشيكولاتة.

أهم ما يُميز المدينة،  وجود العديد من الجامعات والمعاهد العليا،   وأيضاً مقر المكتب الحكومي الفيدرالي الألماني لحماية الدستور.

تهتم المدينة بالثقافة بشكل عام،  فتحتضن أكبر عدد من محطات التليفزيون والراديو في المانيا،  تصدر يومياً حوالي 70 صحيفة ومجلة لجميع أنحاء المانيا وأوربا،  أيضاً يوجد بالمدينة حوالي 60 دار نشر،   و 200 مطبعة.

قلت لجورج،   كفاية كدة انت شوقتني خالص،  لزيارة كولونيا المدينة والكاتدرائية،  خلاص استعدي في الصباح الباكر للرحلة.

وإنت علي الطريق السريع تُشاهد علي طول الطريق،  طواحين الهوا،  وكنت أعتقد ان الطواحين موجوده في هولندا فقط،   ولكن جورج قال،  أن هذه الطواحين موجودة في مًعظم دول اوربا،  فبواسطة الطواحين يُحولون قوة الرياح اي الطاقة الحركية إلي طاقة كهربائية،   ضحكت وقلت:   آه  أنتو هنا بتعملوا من الهوا كهرباء وإحنا في مصر بندهن الهوا دوكو!

ونحن نقترب من الدخول للمدينة شاهدت برجين عاليين جداً في السماء،  دخلنا مدينة كولونيا وإذ بالبرجان جزء لا يتجزأ من الصرح المعماري الرائع لكاتدرائية كولونيا "الدوم" ومن الشئ اللطيف أنه أينما تحركت في مدينة كولونيا تجد في وجهك البرجان المهيبان ذو ال157 متراً.

الكاتدرئية ذو مكانه روحية ومعمارية وتاريخية،  ولذا  يعتبر البعض أن مدينة كولونيا بدون الكاتدرائية هي جسد بلا روح!    

جاءت فكرة إنشاء هذه الكنيسةالرائعة في عام 1164،   بعد أن قام الكاردينال راينالد فون داسيال،  رئيس الأساقفة في مدينة كولونيا،  بإحضار رفات المجوس الثلاثة،  من ميلانو إلي كولونيا،    كهدية من القيصر بارباروسا  الذي إحتل ميلانو في نفس العام.

المجوس الثلاثة،  هُمْ من تنبأوا بميلاد الطفل يسوع المسيح،  ويبدو أن رفاتهم قد نقلت من منطقة أورشليم أثناء الحملات الصليبية.

هذه الهدية القيمة "رفات المجوس الثلاثة،"   كان لها دور رئيسي ومؤثر في إنشاء هذه الكاتدرائية،  وهذا مما جعل المسئولين في الكنيسة يقتنعون بضرورة تدشين كاتدرائية فريدة من نوعها تليق برفات هؤلاء القديسين المجوس الثلاثة.

إقتبسوا تصميم الكاتدرائية من المبني القديم للكنيسة الذي تم تدشينه في عام 873،   فقاموا بهدم المبني القديم في عام 1248 وبناء صرح جديد بدلاً منه،  علي الطراز الغوطي المُستوحي من الفن الفرنسي.

ومن الشئ الغريب جداً،   أن بناء هذا الصرح العظيم أستمر تقريباً حوالي 300 عاماً،  وكان  رئيس الأساقفة في كولونيا "كونراد فون هوخشتادن"  قد وضع حجر الأساس لكاتدرائية كولونيا في عام 1248.
وللأسف علي ما أعتقد،  أن لا رئيس الأساقفة،  ولا أولاده،   وربما أحفاده لم يحضروا حفل إفتتاح الكاتدرائية!

الكاتدرائية تعتبر إحدي أكبر مقدسات الكنيسة الكاثوليكية،  وتخفي بداخلها أعمال فنية قديمة لا تقدر بثمن يرجع تاريخها للقرن الرابع عشر،  ويتم  الإحتفاظ  برفات المجوس الثلاثة في خزائن مهيبة،   وتخضع لرقابة أمنية شديدة،  للحفاظ عليها من السرقة أو التدمير. 

يحيط بالكاتدرائية ميدان واسع كبير خاوي،  وغالباً يُستخدم في إقامة الحفلات الموسيقية والمنتديات الثقافية.

كانت مدينة كولونيا قد تعرضت لقصف جوي عنيف خلال الحرب العالمية الثانية،  ولكن الشئ العجيب أن الكاتدرائية  ببرجيها العملاقين لم يتأثرا،  إلا ببعض الآثار الخفيفة الي تركتها 14 قنبلة أصابت بعض أجزاء منها،  ومنذ ذلك الوقت تجد دائماً أعمال ترميم بالكاتدرائية،   وكأن الترميمات لا تنتهي،   مما دفع سكان كولونيا إلي القول "في اليوم الذي ستنتهي أعمال الترميم في الكاتدرائية ستكون نهاية العالم أوشكت."

بدأنا في رحلة العودة،  بعد أن إستنشقنا عبق الروحانيات،   ورأينا التاريخ  مُجسداً في صرح رائع شامخ،   وشاهدنا كولونيا بكل ما تحمله من روائع تاريخية وروحية.

من كولونيا الكاتدرائية والمدينة،  أدعوكم للزيارة وأخذ بركة هذه الكاتدرائية،  وبركة رفات القديسين المجوس الثلاثة،   وأن تستمتعوا كما إستمتعنا نحن!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter