الأقباط متحدون - فيروز نسيج وحدها
أخر تحديث ٠٤:٠١ | السبت ١٤ نوفمبر ٢٠١٥ | ٤ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٤٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

فيروز نسيج وحدها

 زهير دعيم
قبل ثمانية عقود  وفي الواحد العشرين من تشرين الثاني من عام 1935، صرخت الحياة صرختها الهادرة في حيّ زقاق البلاط في بيروت، تحت كنف بيت بسيط وفقير،  ولم يدرِ احد آنذاك أنّ هذه الصّرخة الطفوليّة البريئة تحمل في طيّاتها صوتًا ولا اجمل، صوتًا يموج بعبق المشاعر ويمور بالحياة، صوتًا يغرّد على شرفة الصّباح وكلّ وقت فيفرحك تارةً ويشجيك أخرى، ويُهدهد بالكرى جفنيْك ثالثة، ويطير بك ويُحلِّق رابعة الى العلا. ويأخذك على جناح الرّيح الى البعيد البعيد.

صوتًا مخمليًا، عذبًا ، أرجوانيًا  تتناغم فيه وتتمازج الألوان والأحاسيس والنبرات، فتكوّن سيمفونية ولا أحلى؛ سيمفونية لم تُكتب بعد.

كانت ليلة مباركة...

كانت هدية السماء للأرض وما زالت.

كانت عطرًا ملأ أريجه صِنّين  وجبال  لبنان  وأوديته ، فانتشر وغمر الشّرق والغرب وعلا بخوره نحو الافق من خلال ترنيمات أحبتها السماء وصفّقت لها.

أسمعُ " هيْك مشق الزعرورة " فتأخذني بسحر صوتها وعذوبة كلماتها الى الجدود والزعرورة القابعة في حضن التلّة تتباهى بثمارها.

أسمعُ " سكنَ الليل "  فيعود جبران الى حياتي ، يُصفّق لها ويزهو . كيف لا وهي  تُغنّيه وتغنّي روائعه  .

وتغنّي القدس والطبيعة والعروس وصنّين والآه والأوف وكلّ ما لوّنَ الطبيعةَ والحياة، فيزدان ويزهو ويرفع رأسه متفاخرًا، فقد غنته مطربة الشّرق  وقدّيسته وعَبَر عَبْر شفتيها نبيذًا مُعتّقًا.

وتغنّي الجمعة العظيمة والقيامة المجيدة، والعذراء الطاهرة ،  فتطير بك الى محراب الربّ لتخشع وتركع هناك.

يعجز قلمي أمام هذه الفيروزة ويتقزّم الحرف، فالكلام - مهما حلا- يعجز من أن يوفيها حقّها أو أن يحيطها بوصف يليق.

فيروز – العشق الإلهي
 
فيروز – النكهة العلوية
 
فيروز – العطاء الأسمى
 
فيروز – السرّ المُستحّبً




فيروز -  الأمل الأخضر

 فيروز - الشَّمم في تواضع، والرّفعة في لطف، والجمال من خلال نفسٍ تركع في محراب الإله المُحبّ.

فيروز – الزّهرة التي لا تعرف الذّبول، فتظلّ تفوح أبدًا.

فيروز – الصّدّاح العاشق الذي يملأ الآفاق الحانًا عذابًا.

في مثل هذا اليوم، جاء الى الدُّنيا كنارة غيّرت وجه الفنّ والغناء، ورسمت على ثغر الشرق بسمة جميلة.

بحثت في ثنايا أغانيها التي خطّ معظمها الرحابنة؛ العمالقة في دنيا الشِّعر والموسيقا، فلم أجد الا الذوق المُرهَف، والطّبيعة الخلابة، والعطاء والبذل والصور الجميلة النابضة بالمحبّة ، والنغمات العذبة العابقة بأريج التراث والغارفة من بحر موسيقى الشعوب اجمل الالحان.

حقيقة ..فيروز اضمامة نسرين ووزّال تُزيّن مائدة الشّرق؛ اضمامة طبيعيّة لا تعرف الذّبول.

فيروز.....- ويحرن قلمي –قائلا: أنها يا صاح بحر واسع عميق اللّجة وأنا لا أحسن السباحة فيه ..ارحمني ..إنّني أغرق .

فاستجديه أن يختم فوافق على مضّض.

من هنا من جليل الربّ، أزفّ لك باقة من البرقوق والحبَق، معقودة برباط المحبة والتقدير، أزفّها لك مشفوعة بصلاة الى الربّ المحبّ، بأن يرعاك ويطيل في عمرك، عساها تصلك وأنت ترفلين بسربال الصّحة والعافية.

من هنا من التلال التي عطّرت  زنابقها  اقدام يسوع فتضوّعت بخورًا يغمر الارجاء  أزجي لك تحيّات الجليليين ، وأخبرك أنّ صوتك يُجلجل كل ظهيرة ومساء في سماء بلدتنا  إعبلّين الغافية على خدّ القمر...يُجلجل وانت تترنّمين لعريس الأجيال وللعذراء المطوّبة .

كل عام وفيروزتنا  الغالية  - جارة القمر – بألف خير والعقبى للمائة والعشرين


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter