مينا ملاك عازر
نحن لا نجيد الاستثمار في الحالة الطبيعية فمن المؤكد أننا سنكون أكثر فشلاً من المعتاد إذا ما حاولنا الاستثمار في المصائب لأننا في المصيبة بنقف مشلولين ومنتظرين تعليمات الرئيس وتوجيهاته وأوامره وأحلامه وأفكاره وإبداعاته لكي ما نخرج نشيد بها، ونمجد فيه، فكيف نفكر إذن؟ فلنترك التفكير لسيادة الرئيس ولنترك الأحلام له ولنترك الخيبة لأنفسنا لأننا لا نستطع أن نكون خلاقين.
حدثت لدينا مصيبة سقوط أو إسقاط الطائرة الروسية، وحدثت المصائب لدى الفرنسيين بعدة تفجيرات هائلة وإطلاق نار، فتضامن العالم مع الفرنسيين وقاطعتنا روسيا وإنجلترا، فلماذا هذا حدث؟ ببساطة لأن هناك في فرنسا من يجيد حشد العالم حوله كما فعلوا في كارثة شارل أبدو، ولدينا من يجيد الإنكار بغباء وبتكرار غير مجدي فيكره العالم فيك، فننكر قبل التأكد حتى أن لدينا تقصير أمني فيستفز الآخرون، ونؤكد أننا قادرين على دعم شرم الشيخ ولا أهمية للآخرين مع أن شرم لن تقم لها قائمة بسياحتنا الداخلية فقط، البلد كلها محتاجة للعملة الصعبة فنحل مشكلتنا بسياحة داخلية!؟ لماذا لم يفكر السيد زعزوع في أول ما سقطت الطائرة المنكوبة بعيداً عن توجيهات الرئيس واهتمامات الجميع الأمنية في أن يدعو أسر الضحايا لزيارة موقع سقوط الطائرة ووضع أكاليل الزهور؟ لماذا لم نُشيد نصب تذكاري بسيط وبدون تكاليف باهظة لدعوة كل روسيا لزيارة المنطقة، وتخيلوا بقى لما ملايين السياح يأتون ليزوروا فيقيموا أياماً، أظنها كانت فرصة لمضاعفة عدد القادمين الروس والسياح الآخرين المتضامنين مع الروس من كافة بقاع العالم ومنهم المصريين طبعاً الذي لم يكلف أحد منهم نفسه في مواساة السفير الروسي ولا أرسال باقة ورد ولا برقية عزاء ولا كلمة رثاء في الضحايا الذين سقطوا في أرضنا، لم نضيء الهرم الأكبر بألوان علم روسيا إلا متى وجدنا أنفسنا مضطرين لإضاءته بعلم فرنسا وإلا نكون قد خرجنا خارج السرب، والحمد لله أننا فعلناها هكذا ولم نضيء بعلم فرنسا فقط وأهملنا علم روسيا وإلا كانت الطامة الكبرى، يا أيها الفشلة العظام ارحمونا من تفكيركم المحدود واللاموجود واتركوا الرئيس بمهام عمله وقوموا أنتم بمهام عملكم لتخففوا عن الرئيس وترحمونا من ضيق أفقكم.