الأقباط متحدون - الجمعة الحزينة،يوم ذبحت فرنسا مواطنيها بسيف داعش...
أخر تحديث ١٧:٤٩ | الجمعة ٢٠ نوفمبر ٢٠١٥ | ١٠ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٥٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الجمعة الحزينة،يوم ذبحت فرنسا مواطنيها بسيف داعش...


عساسي عبدالحميد- المغرب 
أحيانا ترتكب دول وازنة مثل فرنسا جرائم في حق أبنائها خدمة لأجندة سياسية ما ، وهذا ما حدث بالضبط  ليلة الجمعة  الحزينة الدامية بعاصمة الأنوار باريس  يوم 13/11/2015..

ففي أحداث 11 سبتمبر 2001 استخدمت أمريكا مصريين و سعوديين من القاعدة لتفجير نفسها بنفسها لدواعي استعمارية واقتصادية ، و يوم 13/11/2015 استعملت المخابرات الفرنسية مغاربة من داعش لذبح مواطنيها لنفس المرامي والأهداف ...
 
البارحة ووسط صخب و تطبيل اعلامي لافت على ايقاع النشيد الوطني " لامارسييز " ورفرفة العلم الفرنسي "التريكولور"   تحركت باسم الله مجراها ومرساها حاملة الطائرات الفرنسية العملاقة " شار دوغول " لتمخر عباب المتوسط متجهة نحو جانبه الشرقي أي ما بين السواحل السورية والمصرية لتوجيه ضربات نوعية لجحور و مخابئ الدواعش  خريجي الفكر الوهابي السعودي في سوريا  علما أن الطلعة الواحدة لكل طائرة تكلف حوالي 12000 دولار  ...
بين السواحل المصرية والسورية يقبع بحر ثروات هائلة من الغاز و النفط، فأخيرا أزيل النقاب عن اكتشاف غير مسبوق لكميات من الغاز بالمياه الاقليمية المصرية تقدر بحوالي ثلاثين تريليون قدم أي ما يساوي 6 مليارت برميل نفطي و هو ما يجعله أكبر حقل غازي في العالم على الإطلاق، مصر هي طريق القوافل القديمة نحو أمهرة ومنابع النيل وهي الماسكة بعنق منفذ بحري يربط بحورا و خلجانا،  أما الساحل السوري الممتد من طرطوس  حتى شمال اللاذقية وتخوم اسكندرونة  فكميات النفط والغاز المتوفرة فيه تعادل مخزون دولة الكويت أربع مرات و سوريا هي بداية طريق الحرير نحو الصين الذي يمر عبر ايران وكابل و حيدر أباد ...
 
 بالقرب من الجهة التي سترسو بها حاملة الطائرات "شارل دوغول" هناك ليبيا و التي وضعها الفرنسيون ضمن نفوذهم و أمنهم القومي، ففضلا عن كونها تتوفر على احتياطات هامة من النفط فهي  بوابة نحو التشاد و النيجر احدى أهم قلاع و ضيعات امبراطورية فرنسا الاستعمارية بل قلبها النابض.....
فرنسا و عبر شركتها " أريـفـا "  تعتمد على اورانيوم دولة النيجر لإنتاج ثلاثة أرباع من طاقتها الكهربائية في حين لا يتوفر الكهرباء لأكثر من نصف ساكنة النيجر الذي ينتج خمس أورانيوم العالم، فمترو باريس مثلا يشتغل بفضل أوروانيوم النيجر و به كذلك تشعل أضواء برج ايفيل المبهرة .... التشاد بدورها تتوفر على النفط الذي تكتم عنه الفرنسيس يوم منحهم للتشاديين استقلالا شكليا  سنة 1960 تحت علم و عملة و بقي بحر النفط التشادي ذو الجودة العالية سرا من أسرار الدولة  الفرنسية التي ستبعث بمعاولها و حفاراتها عندما تكون محتاجة اليه ولو بعد عقود أو أجيال ...
خلص صناع القرار بقصر الاليزيه أن الاقتصاد الفرنسي سينهار و المستوى المعيشي  لدى المواطن سيتهاوى ما لم يتم اتخاذ قرار شجاع بالبحث عن موارد ما وراء البحار سواء كانت من التركة الكولونيالية الفرنكفونية أو غيرها  وتمكين  المستثمرين الفرنسيين من استغلالها و تدبيرها بطريقة تجلب الأموال للخزينة الفرنسية المهددة بالافلاس...
 
هنا ، لا مكان للأخلاق،  إنها قضية حياة أو موت ومن سنن الطبيعة أن البقاء للأقوى ولا مكان للضعيف في هذا الكون ، أعتى الامبراطوريات قامت على جماجم و دماء  واستعباد البشر، فحفر قناة السويس مثلا  والذي تم تفويض مشروعه لشركة فرنسية و الذي دام عشر سنوات  1859-1869- كلف حياة أكثر من  150 ألف مصري ماتوا جوعا وعطشا ومرضا وإذلالا و تعذيبا ..و لهذا كان من الضروري بمكان أن تذبح فرنسا 129 انسانا بريئا و أن تعطب 180 آخر  وكان لزاما أيضا  أن تدخل الفجيعة في قلب العديد من الأسر التي تواجد أبنائها و قادهم حظهم العثر نحو أعتاب تلك الليلة الملعونة أي يوم 13/11/2015 ....
 
فرنسا هي من اغتالت العديد من قادة وزعماء القارة الافريقية، فرنسا كانت طرفا فاعلا  في اغتيال الزعيم اليساري المغربي المهدي بن بركة و أذابت جثته في محلول حمض  الأسيد  سنة 1965 لأنها رأت فيه خطرا على مصالحها بالمغرب وبلدان العالم الثالث، فرنسا هي من اغتالت الرئيس  الهواري بومدين بسم  الثاليوم  سنة 1978  لأنه قام بتأميم البترول الجزائري، هي من اغتالت رئيس بوركينا فاسو "توماس سانكارا"  سنة 1987 لأنه كان يحرض قادة وزعماء افريقيا على عصيان فرنسا و عدم الاكتراث بها  والتخلص من التبعية الاقتصادية لباريس، هي من اغتالت "جمال عبدالناصر"  سنة 1970  ودس له السم الزعاف في مؤتمر اللاءات الثلاثة  بالخرطوم لأنه كان يقول للجزائريين و غيرهم من  أن استقلالكم منقوصا غير كامل ، تخلصوا من الشركات الفرنسية و عوضوها بالسوفيتية .. فكل من مس  بأمن فرنسا القومي ومصالحها الاقتصادية في مستعمراتها القديمة التي منحتها استقلالا شكليا ومكنت شركاتها من التموقع و التجدر كان مصيره الذبح ....
 
خرجت عساكر فرنسا و رحل المقيم العام و انزل العلم الفرنسي لكن عوض هذا  تم  غرس داخل الأجهزة السيادية  لمستعمرات افريقيا من يسهر على مصالحها و قامت  باريس بتفعيل و تشغيل ماكنة أذرعها الأربعة وهي 1- الوكالة الجامعية للفرنكفونية... 2- قناة تي في 5 الفضائية... 3-جامعة ليبولد سنغور ...4-الجمعية الدولية لرؤساء البلديات الناطقة بالفرنسية،  وهي الأذرع التي يعمل بها الفرنسيس طيلة عقود لنشر لغتهم و ثقافتهم باعتبار اللغة و الثقافة الطريق الأنجع للحفاظ على تبعية اقتصادية بلدان إفريقيا لباريس والوسيلة الأنسب لتأهيل نخب مفرنسة من وسط شعوب هذه البلدان لتولي مناصب القرار و تدبير الشأن العام لمستعمرات فرنسا القديمة بما يخدم الأمن القومي الفرنسي ...
إذا، كان من المصلحة الوطنية إراقة بعض من الدم و بعض من الدموع وأن يصلب الوطن بعضا من أبنائه و يتعمد بدمائهم  من أجل فرنسا، وهذا ما حدث في تلك الجمعة الحزينة الكئيبة الرهيبة ..

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع