الأقباط متحدون - للكبار فقط
أخر تحديث ١٢:٢٣ | السبت ٢١ نوفمبر ٢٠١٥ | ١١ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٥٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

للكبار فقط

عمرو الليثي
عمرو الليثي

لم يتوقع نيقولا ميكافيللى أن كتابه الأمير الذى انتهى من كتابته قبل وفاته بأربعة عشر عاماً، سيصبح مرجعاً سياسياً مهماً للكثير من قادة وملوك ورؤساء الدول.. فالكاتب وجد ضالته فى أمير حديث تولى ولاية موروثة عن أبيه فكتب له هذا الكتاب، ووضع له فيه خلاصة فكره وتجاربه السياسية التى تجعله يحكم السيطرة على بلاده وعلى شعبه!!

وهذا الكاتب الناجح الأمين لأمير البلاد لم يخجل فى كتابه من ذكر نصائحه للأمير بصراحة ودون محاولة لتغطية ما فيها من معانى الخسة والانتهازية وعدم احترام حقوق الآخرين.. بل اعتبر أن قتل الأبرياء شىء طبيعى من الممكن فعله من أجل الحفاظ على ملك مغتصب.. وذلك عندما نصح ميكافيللى الأمير بأن يقتل جميع أفراد الأسرة المالكة وأقنعه بأن هؤلاء من ساندوه وهم الآن خطر عليه وعلى حكمه.. وضرب له مثلا بمن قتل كل أعيان وكبار بلده غدرا، ومن بينهم خاله الذى احتضنه ورباه بعد وفاة والديه.. حتى يطمئن الأمير إلى أنه لن يبقى حوله سوى رجال جيشه مخلصين الولاء له فقط، كما أن ميكافيللى ينصح الأمير علانية بأن يجمع كل الصفات الحميدة التى يفتخر بها الرجال ويلتزم بها أمام الناس.. بل يبذل كل ما فى وسعه كى يشتهر بها فيقول الناس عنه إنه كريم وصادق وشهم وشجاع وحافظ على العهد.. لكن ميكافيللى يشدد على أهمية أن يستخدم الأمير عكس كل هذه الصفات عند الحاجة إليها دون أى خجل.. (فالغاية تبرر الوسيلة) وهذا هو مبدأ ميكافيللى.. المهم فقط هو ما يسعى إليه الأمير من شهرة طيبة تتحقق سواء التزم بالصفات السابقة أم لا!!

إن اسم ميكافيللى لا يرتبط بأى معنى إيجابى فى ذهن القارئ العربى.. وإن كان يبدو معلماً لأجيال من الحكام الذين اتخذوا أفكاره مبادئ ودستورا ساروا عليه!! ويبدو أن كثيراً منا لا يعرفون عن ميكافيللى سوى أنه صاحب عبارة (الغاية تبرر الوسيلة) وهى عبارة وردت فى الفصل الثامن عشر من الكتاب.. ومعناها بوضوح أيها الحاكم كنت رئيسا أو ملكا لكى تصل إلى ما تريد من السيطرة على حكمك وترسيخه افعل ذلك بأى طريق سواء كان شريفا أو غير شريف.. وللأسف فإن هذه العبارة المعمول بها تجسد معنى ومفهوم الانتهازية فى أوضح صوره.. لقد أجمع أغلب النقاد على أن هذا الكتاب لا يناسب سوى الطغاة الأشرار من الحكام.. لدرجة أن المسرح العالمى انتقد هذا الكتاب. ففى إحدى مسرحيات شكسبير وقف البطل ليصرخ بصوت عالٍ (هل أنا مخادع.. هل أنا ميكافيللى).. لقد أصبح ميكافيللى مرادفا للشر، خاصة أن كثيرا من الجبابرة والطغاة كانوا يحبون قراءة كتاب الأمير.. وكان هتلر يضع هذا الكتاب بجانب مخدعه ويقرأ فيه كل ليلة قبل أن ينام، وإن لينين وستالين وموسيلينى يعتبرون ميكافيللى أبا روحيا لهم.. وللأسف أصبح الكتاب سياسة ينتهجها الكثير من الحكام اليوم وأسلوبا يستخدم ويطبق على الكثير من الشعوب العربية تحت مسمى الضرورات فقط هى التى تبيح المحظورات.. وهذه كانت خطيئة أخرى تضاف لخطايا ميكافيللى!!
نقلا عن المصرى اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع