الأقباط متحدون - علي عويس يكتب: عفوا يا شيخ الأزهر .. بل تقدموا بمسيحية المحبة والسلام!
أخر تحديث ١١:٢١ | السبت ٢١ نوفمبر ٢٠١٥ | ١١ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٥٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

علي عويس يكتب: عفوا يا شيخ الأزهر .. بل تقدموا بمسيحية المحبة والسلام!

علي عويس
علي عويس

تستطيع أن تستلهم من الخرافة كما تشاء … وتستطيع أيضا أن تكتب أنهارا من هراء على ورق أبيض تتلوه أمام الكاميرات!

سيظل الناس تستمع لك دون أن تصدقك … ثم بعد قليل تنصرف وهي ملئيه بالسخرية من منطقك..!

هذا بالضبط ما يحدث عندما يكون هناك بيانا غير مشدود بوقائع وسطورا غير مرتبطة بواقع…!

حدثنا فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر عن العلم والعلماء الذين يفتخر بهم وقد صدروا العلم للعالم عندما كانت ظهور الأمة كما يحكي مسنودة إلى القرآن والسنة على عكس الغرب الذي تقدم بعدما قطع علاقته بالدين …!!

وهي مغالطه فندناها فيما سبق بعدة مقالات إذ لم يكن هناك في كل تاريخنا نهضة علميه تشرف عليها مؤسسات الدولة وتدعمها وتمدها بأسباب الرقي والبقاء وإنما كانت جهود علمائيه فرديه متناثرة ومطارده وتظل مدينه بوجودها لفرق المسلمين التى يكفرها مذهب السلفيه الذي يعيش بالأزهر اليوم فابن سينا مثلا محسوب على المذهب الإسماعيلي الفاطمي وجابر ابن حيان على مذهب الشيعة الإماميه وعليك أن تعد باقي العلماء الكبار كالفارابي والخوارزمي والكندي وغيرهم في جميع المجالات ومنها الأدبية أيضا لتوزعهم على كل الفرق من غير المذاهب التى تعيش اليوم في الأزهر والذي يتشدق بجهود لم يكبرها وعلم لم ينشره عندما استغرقوا كل تاريخنا في حروب المذاهب والطوائف وتكفير أمثال هؤلاء العلماء ومطاردتهم…!!

نسي شيخ الأزهر أن الحضارة هي كل ما أنتجته فاعليه الإنسان وليس سيفه ولا يمكن أن يُعتبر التمدد العسكري في الأرض حضارة عندما لا يكون منتجا للتحضر ومؤسسا لقيم الحريات ومنظما لشئون الدول ومرتقي بحياة الأفراد والأسر وهل يقع وضع كهذا بجوار أسواق النخاسة التى تتاجر بأجساد وأرواح أبناء آدم الذين كرمهم الله..؟

الحقيقة أنها كذبه كبرى حاولت أن تجد لها نطاق من بريق ينشر حولها كل ريق بمزيد من الحكاوي ولو كان التحضر بالتمدد العسكري لكان جنكيز خان باني أعظم حضارة ولكان السلاجقة العثمانيون الذين احتلوا نصف العالم رجال الحضارة الأول على عكس الحقيقة …!!

الحضارة هي حالة الحضور الإنساني في أوج معانيه وحضور الإنسان داخل إنسانتيه باستحضار وعيه النافع لمسيرته ولا يمكن لهذا الأمر أن يكون متوفرا بتاريخ قُطع فيه ابن المقفع لأشلاء يأكلها وهو حي تحت عين الدولة وسحب فيه لسان بن السكيت من القفا وذبح فيه الجعد بن درهم أسفل المنبر ثم حرق الحلاج ونثر رماده من فوق مئذنة بغداد ولم تكن الجرائم إلا في آراء فكيف كانت حضارة تلك التى تحاصر فيها وجهات النظر ..؟

أما ابن رشد فقد اسقطموه يا مولانا عندما طعنه الغزالي الأشعري الشافعي الصوفي فقدمتموه مع عدوه بن تيميه بينما تركتم ابن رشد في غياهب السنوات المنسية ومن هنا بقيت جامعاتكم مع وجود الكتاب فيها والسنه حولها وإشرافكم الذي لا يغيب عن أفكارها لا تحرز مكانا بجوار حتى جامعة كولومبيا …!!

ثم هانحن بين يديك يا شيخ الأزهر … وأنت بنفسك تحصل لمؤسستك الأزهرية على عدة مليارات من ميزانيه الدولة وتحكم جامعة مترامية الأطراف والإمكانيات والكتاب مسنود إليه ظهرك وناظرة إليه عينك مع طلابك من كل جنس ونوع… وتحت يديك مناهج البحث وقدرات الفحص والدرس ما الذي منع جامعة الأزهر أن تكون مكان هارفارد أو أكسفورد أو كامبريدج بربك … ما الذي زحزحها حتى لا تكون حتى بين ال500 جامعة الأولى في عالمنا ….؟
هو وهم يكبر ويعيش فقط على الازدراء بنفس الطريقة التى تؤمن بها داعش وتنظر إلى الأشياء …!

حين تزعم أن الغرب إنما تقدم بعدما أعرض عن المسيحية وكأنها ديانة تجلب التخلف على عكس ما تراه في تاريخك من أن تخلف المسلمين اليوم بسبب ابتعادهم عن دينهم …!!

لا يليق يا شيخ الأزهر أن تعرض هكذا بالمسيحية الطيبة التى قامت في العصور الوسطي شعوبها ضد هيمنه الكهنوت الذي لا يؤمن بحقيقة المسيحية التى جاءت سطورها القيمة مكثفه في موعظة الجبل التى تسيل محبه ووفاء لتكون بين القلوب أولا ومن القلوب تصنع الدول التى كتبت بدساتيرها بوحي من استقامة ومحبه…!!

وبالفعل عندما راجع رجال الكهنوت دورهم وعاشوا بصدق للمحبة داخل كنائسهم وأديرتهم … تم بناء الدول على روح مسيحيه تحترم الاختلاف وتؤمن بالتنوع وتحمي الحرية ولا يمكن أن تدعوا على غيرها بالهلاك آملة من الله أن يمكنها من رقابهم كما يفعل مشايخنا في مساجدك العامرة يا مولاي …!!

وهذا ما نطالبهم أيضا به … أن يتوقفوا عن دور الكهانة ويقفوا عند حدود التوجيه الأخلاقي للأمة كي تنهض كما نهضت أوروبا وغيرها من الأمم ..!!
فداخل منظومة التآخي والتعاون التى هي أصل مسيحي ترابطت الأمة المسيحية وانتشرت فيها الفنون والصناعات حول روح مسيحيه لا يمكن أن تفرض على المجتمع نطاقات من المحرمات التى تعرقل الملكات …

فليست المسيحية شبكه للتشريع بل هي شباك للمحبة والتسامح والتعاون ومنها يشرعون الأسس التى تنجح حولها الدول وينتشر بها الأمان وتزدهر المواهب ..
ومن هنا فالقول بأن التقدم الغربي عدو للدين ليس صحيحا كون كثير من آباء النهضة الأول معظمهم كهنه وفلاسفة لاهوت ولا زالت أوروبا محروسة بقيم المسيحية التى تجعلها غير قادرة على تصدير إرهابي واحد مفخخ كي يفجر عشة دجاج .!!

لقد هالني يا شيخنا الجليل ما أقدم عليه قداسة البابا فرانسيس في الخميس الثاني من إبريل 2014م حيث قام بابا الفاتيكان بغسل أقدام 12 شخصا من ذوي الاحتياجات الخاصة وتقبيلها بشفتيه من بينهم رجل مسلم من ليبيا ، وذلك أثناء القداس الذي أقيم في إحدى ضواحي العاصمة الإيطالية روما التى يتوعدها إرهاب داعش السلفي …!!

هذا وأفادت مصادر بأن أعمار المعاقين الذين قبّل بابا الفاتيكان أقدامهم تتراوح ما بين 16 و86 عاما ، بينهم 3 أجانب أحدهم مواطن ليبي مسلم يُدعى حامد ويبلغ من العمر 75 عاما ، وهو يعاني مشاكل عصبية حادة ….!!

فإن لم تكن هذه أحد القواعد الصلبة التى يُبنى عليها التقدم فعلى أي أساس بربك يقام بناء يرضى الله عنه ويباركه هل بالخنجر الكولومبي المرفوع بيد داعش أم بالحزام الناسف حول جسد راعيه البقر بحي سان دوني في فرنسا سيقام بناؤنا…؟

يا مولاي – لم يكن هذا فقط هو فعل رأس المسيحية ورؤوسها في الخير سواء …!
هو أيضا فعل عوام الناس حين أصبحت المسيحية التى تعيش بضميرهم قادرة على إزالة الأحقاد ونشر السلام بشكل متواصل فهل سمعت عن الأم المسيحية التى ذهبت بعد عام من مقتل ابنها بطلقات نارية، إلى المجرم الذي جعلها تعاني كثيرًا. كي تزوره في مركز الشرطة. وأمسكت به بكل رفق وقالت له: ” أسامحك أنا مسيحية ، وأنا اغفر لك”. عندها تفاجأ “اليسون” من كلمات الأم وحاول أن يبعد أنظاره عنها ، لكنها أمسكت بوجهه وحثته على النظر إليها عدة مرات، وقالت له: ” سوف أصلي من أجلك. سوف تجد الله الذي أخدمه “، وتابعت: ” أنا لا أكرهك “. بعد ذلك قامت بالصلاة من أجله قبل مغادرتها: ” يا رب كُن مع أليسون أينما كان ، لا تتركه ولا لحظة ، يا رب ، المس روحه وآسي والدته ، التي يجب أن تعاني كما عانيت …!

هذه هي المسيحية التى لازالت تعيش بضمير الناس تنشر رحمتها في بلادهم وتصنع مجدها في نهضتهم وتفانيهم فيما جامعة الأزهر التى تحكمها يا مولاي تفشل في إحراز مكانه علميه تليق بعظمة دين تمثله جاء على حقيقته رحمة للعالمين.

يا شيخ الأزهر التشخيص الصحيح بداية جادة للإمساك بالطريق … بدلا من تسفيه تاريخ قوم مجتهدين وتأليف تاريخ لنا لم تراه أبدا أيامنا .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع