بقلم يوسف سيدهم
قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها-(562)
ست ضربات إرهابية نكبت بها باريس الأسبوع الماضي وراح ضحيتها 132 قتيلا و349 جريحا…فرنسا ضربت بالإرهاب اللعين لكن الضمير العالمي روع من استفحال الإرهاب واستباحته أرواح العزل الأبرياء…وها هي داعش تحتفل بإنجاز آخر منتشية بإزهاق الأرواح وترويع الآمنين وتصدر بيانها بمسئوليتها عن الجريمة النكراء وتتوعد دول العالم بالمزيد…والمزيد…والمزيد!!!…ولم لا؟…ألم يترك العالم الذي يصف نفسه بالحر والمتحضر تلك العصابة الإرهابية تنمو وتتوحش وتنتصر وتجتاح العراق وسوريا وليبيا دون أن يحرك ساكنا؟…ألم تغض أمريكا ودول أوروبا البصر علي الفظائع البشعة التي ارتكبت-ومازالت ترتكب-في حق مسيحيي العراق وسوريا في واحدة من أسود أهوال التطهير العرقي والتشريد والإذلال إحياء لبربرية العصور الوسطي؟
لست أعود لأسأل من المسئول عن خلقداعش وتمويلها؟…ومن الشيطان الذي وقف متفرجا علي استفحالها واجتياحها؟…لكن للأسف الشديد جاء وقت دفع الثمن حيث بلغ تحديداعش مداه وباتت تضرب الغرب في عقر داره وتصدر بيانات التغني بإنجازها القذر…فهل جاء وقت الحساب حتي لو كان متأخرا جدا جدا؟…هل يتحرك العالم الحر المتحضر لتخليص الإنسانية من وبال الإرهاب؟…لقد عشنا نحو عام ونصف العام نتابع ما كان يوصف بأنه ضربات جوية ضد قواتداعش ومواقع تمركزها ونقاطها الحصينة ولم يخف علينا مقدار الرخاوة وعدم الحسم في تلك الضربات حتي أننا كنا نتساءل: هل نعيش تمثيلية سخيفة يخدعنا بها التحالف الغربي ليغطي علي المؤامرة الكبري التي تستهدف تدمير وتفتيت منطقتنا؟!! وطبعا كانت النتيجة المتوقعة استفحال داعش وانتشارها وتوغلها في نحو ثلث مساحة كل من العراق وسوريا لتقضي علي ما تبقي من معاييرالدولةفيهما.
ثم دخلت روسيا مسرح العمليات منذ ثلاثة شهور لتضربداعش فاضحة التقاعس الغربي المشين ومتوعدة الجميع بأنها ستضع نهاية لإرهاب داعش فماذا كان رد الفعل الغربي؟…انتفضت أمريكا وإنجلترا وألمانيا وفرنسا لتدين الضربات الروسية وتزعم أن تلك الضربات لا توجه لمواقع داعش بل تسقط علي تجمعات المعارضة السورية,وعندئذ تهكم الرئيس الروسي بوتين من انتقادات الغرب قائلا:إذا كانوا يعرفون أن ما نضرب ليس مواقعداعش فليعطونا الخرائط والمعلومات التي لديهم عن مواقعداعش!!!
هذه المهاترات الرخيصة استمرت غير عابئة بالثمن الفادح الذي دفعه ويدفعه العراق وسوريا-ومن بعدهما ليبيا واليمن-لكن الآن نكبت فرنسا بلدغاتداعش وبتنا نتابع استنفارا سياسيا يجتاح أمريكا وفرنسا وإنجلترا لتوحيد الجهود نحو توجيه ضربة قاصمة للتنظيم الإرهابي, بدأت ملامحها تتبلور ليلة الأحد الماضي بقصف جوي فرنسي لمراكز قيادةداعش في الرقة في سوريا…فهل جاءت ساعة الخلاص منه بالفعل؟…هل تتوحد جهود العالم المتحضر الحر لدحر الإرهاب الذي توحش وانفلت وتحدي؟…هل يترفع الغرب عن صلفه وصغائره ومواجهاته المريبة ضد روسيا,وتتشكل قوة عالمية تضم التحالف الغربي مع روسيا وحلفائها ليتحد العالم لدحر الإرهاب؟…هل يمكن أن نري إنزالا بريا علي سواحل سوريا يعيد للأذهان إنزال نورماندي الذي كتب بداية النهاية للحرب العالمية الثانية لتخليص العالم من أهوال هتلر؟…هل يمكن أن نري ضربة مميتة توجه لتنظيمداعش تعيد للأذهان قنبلتي هيروشيما ونجازاكي اللتين قصمتا ظهر المارد الياباني الرهيب, وأكملت كتابة سطور نهاية الحرب العالمية الثانية؟
عدت إلي ما سبق أن كتبت في هذا الصدد حين كنت أظن أن ساعة الخلاص منداعش قد حانت…ففي أغسطس من العام الماضي عندما روع العالم بمشاهد ذبح مجرميداعش للصحفي الأمريكي, كتبت تحت عنوان:ذبح داعش للصحفي الأمريكي.. تكرار لضرب اليابان بيرل هاربور متصورا أن أمريكا سوف تنتفض وتتحرك بعد صمتها المريب علي جرائمداعش في العراق بعد أن طالت جرائمه مواطنا أمريكيا بطريقة همجية,مثلما دخلت أمريكا الحرب العالمية الثانية بعد ضرب اليابان الأسطول الأمريكي في بيرل هاربور…لكن خاب ظني ولم يحدث شئ.
ثم عدت أكتب بعدها بشهر في سبتمبر من العام الماضي تحت عنوان الخلاص من داعش ومرتزقتها الأجانب يلوح في الأفق منوها إلي ضربات التحالف الغربي التي تم توجيهها للتنظيم الإرهابي لإيقاف اقترابه من مناطق الأكراد,ومتصورا أن تلك الضربات سوف تستمر لتحقيق هدف الخلاص النهائي منداعش…لكني كنت واهما حيث أوقفت الضرباتداعش عن اجتياح مناطق الأكراد لكن التحالف الغربي تركه يعيث فسادا في باقي المناطق!!
وعدت مرة أخري في يناير هذا العام وعلي أثر الجريمة الإرهابية البشعة التي ارتكبها التنظيم في صحيفةشارلي إبدو الفرنسية في باريس وروعت علي أثرها فرنسا وسائر دول العالم,حيث كتبت تحت عنوان:الإرهاب يضرب فرنسا…لكن أجراس الإنذار تعم أوروبا وأمريكا…مستعرضا مسلسل جرائم الإرهاب التي ضربت فرنسا وإنجلترا وألمانيا وغيرها من دول أوروبا ومتوجسا من التقاعس غير المبرر ولا المفهوم لتلك الدول عن الضرب بيد من حديد لاستئصال ذلك الإرهاب من جذوره بصفة نهائية.
الآن شاءت الأقدار أن تروع فرنسا والعالم بجريمة بشعة جديدة يتغني بهاداعش منتشيا ومتوعدا بالمزيد…فهل جاءت ساعة النهاية؟
نقلا عن وطنى