الأقباط متحدون - منطق اليوم: «اشتم تسلم»!
أخر تحديث ٠٨:١٢ | الخميس ٢٦ نوفمبر ٢٠١٥ | ١٦ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٥٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

منطق اليوم: «اشتم تسلم»!

عماد الدين أديب
عماد الدين أديب

وصل مستوى الحوار والسجال داخل المجتمع المصرى إلى درجة مؤسفة ومتدنية تبعث على القلق الشديد فيما يمكن أن يكون عليه حال العلاقات بين أبناء الوطن الواحد.

أصبح السباب والقذف ومحاولات الاغتيال المعنوى للخصوم أو غيرهم هو القاموس المستخدم فى حياتنا السياسية.

ومنذ ثورة 25 يناير 2011 وهذه الحالة فى تصاعد، وهى حالة بعيدة تماماً عن روح الشباب النبلاء الذين قاموا -فى البداية- بالدعوة إلى بناء مجتمع أفضل وانتهوا إلى تنظيف ميدان التحرير وعادوا إلى بيوتهم.

هؤلاء عادوا -للأسف الشديد- وبقى على الساحة مجموعة من الرعاع الذين أثاروا حالة الغضب الشعبى وتخيلوا أن الادعاء بالثورة يعطيهم الحق فى ممارسة محاكم التفتيش على عقول وضمائر العباد، ويعطيهم حقاً لا نهائياً فى ابتزاز كل من يعارضهم.

هؤلاء أعطوا لأنفسهم الحق فى إطلاق صفات الخيانة والفساد على من يريدون وأعطوا لأنفسهم أيضاً الحق فى منح صكوك الوطنية والبطولة لمن لا يستحق.

تأملوا الشارع المصرى جيداً هذه الأيام سوف تكتشفون أن معدل الصبر لدى الناس فى حالة صفرية، بمعنى أنه لم يعد أحد يطيق غيره.

أى اختلاف بسيط، أى تصادم سيارات ولو كان مجرد احتكاك لا يذكر ينتهى بحالة من السباب بأقذر الألفاظ وحالة هستيرية من الجنون.

فقد الإنسان المصرى الجميل سماحته المعهودة وتعاطفه المعتاد مع أخطاء الغير.

تأملوا قنوات التليفزيون وحالة الهستيريا التى أصابت البعض، أو حالة فقدان القدرة على الاستماع للرأى الآخر.

تأملوا المفردات اللغوية الفظة التى تُستخدم فى كافة وسائل الإعلام.

تأملوا عبارات الحوار الجارحة التى عادت تُستخدم بشكل تلقائى فى الأفلام والمسلسلات والأغانى.

أصبح الإنترنت ساحة بلا رقيب تتيح لأى إنسان يتخفى تحت اسم مستعار أن يسب أى شخصية عامة فى البلد تحت يافطة أنه يمارس حقه فى التعبير.

أكبر رأس فى البلد أصبح يتم سبه وقذفه هو وأهله وأجداده دون أى حساب أو عقاب.

تستطيع على الإنترنت أن تمارس حالة اغتيال معنوى لأى سياسى أو فنان أو إعلامى أو رجل أعمال.

المذهل هو حالة المشاركة الجماعية فى «حفلة السباب والشتائم».

تحولت الأقلام إلى أنياب جارحة وأصبحت أزرار الكمبيوتر سكاكين قاتلة تطعن فى شرف المحصنات والأبرياء وكل من قرر أن يتحمل المسئولية العامة فى البلاد.

وأصبح الشعور لدى بعض الناس أن أفضل شىء يمكن أن نفعله فى هذا الزمن هو ألا نفعل شيئاً على الإطلاق، وأن نصمت إلى الأبد.

نحن لا نعرف آداب الحوار، ولا قواعد الخلاف.

اختفى زمن المساجلات المحترمة بين أقطاب الفكر مثل محمد عبده، والأفغانى، والشيخ على عبدالرازق، وسلامة موسى، وقاسم أمين، ومكرم عبيد، ومصطفى النحاس.

حينما نختلف اليوم نسب بعضنا البعض دون أن نناقش أفكار بعضنا البعض.

حينما تختلف مع رأيى قم بالرد عليه وليس بالطعن فى تاريخى وشرفى وعائلتى.

إنها حالة من الهستيريا وليست حالة من حالات الحوار المحترم.

حتى قادة فكر الإسلام السياسى لم ينزلقوا أبداً للسباب أو الخروج عن قواعد آداب الحوار فلم يذكر عن الأساتذة حسن البنا أو سيد قطب أو عمر التلمسانى أو المستشار الهضيبى إلا كل دماثة فى الخلق وتسامح فى الحوار.

هذه الهستيريا، وهذا الجنون، وهذا التدنى فى مفردات الحوار لا يمكن أن تخلق إلا مجتمعاً مريضاً!

ودعونا دائماً نتذكر أن الله فى سماواته العليا حينما أراد أن يكرم سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام قال: «وإنك لعلى خلق عظيم».
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع