د. ممدوح حليم
في خطوة مفاجئة اتسمت بالشجاعة وتقدير الموقف بصورة صحيحة، قرر البابا زيارة أورشليم / القدس لأداء الصلاة على جثمان الراحل مطران القدس الذي وافته المنية منذ أيام قليلة.
من المعروف بروتوكوليا في الكنيسة القبطية أن مطران القدس هو الرجل الثاني أدبيا ً. أما الرجل الأول فهو البابا الذي هو أصلا ً أسقف مدينة الإسكندرية منبع الكرازة المرقسية أي المسيحية في مصر، أما الرجل الثاني فهو مطران أورشليم /القدس التي تلقب كنسيا ً بأنها "مدينة إلهنا " وهي منبع المسيحية عامة.
إن لهذه الزيارة مدلولات مهمة للغاية، ليس أقلها أن البابا الحالي بدأ يخرج من عباءة البابا شنودة، تلك العباءة التي حرص بعض الأساقفة ممن يسمون بالحرس القديم على أن يظل مرتديا ً لها اعتقادا ً منهم أن هذا نوع من الوفاء للبابا الراحل. ولقد كان بعض هؤلاء يتطلع بشغف للمنصب البطريركي.
تعد هذه الزيارة بمثابة خروج للقيادة الكنسية من حالة الجمود المسيطرة عليها نتيجة الانقسام واختلاف الرؤى، وهي بداية للانطلاق بعيدا ً عن ما هو تقليدي وما يتسم بالحذر والخوف من ردود الفعل رغم عدم الاقتناع.
تعكس هذه الزيارة بعدا ً مهما ً في علاقة الكنيسة بالقيادة السياسية وأجهزتها الأمنية التي كانت تدير كثيرا ً من القرارات الكنسية ولو بصورة غير مباشرة أو من خلال وسطاء. لقد بدأت الكنيسة تخرج من عباءة القبضة الأمنية. إن هذا أحد توابع ثورة 25 يناير التي يشجبها البعض حاليا ً0 من المعروف أن نظام مبارك وأجهزته الاستخبارتية كانت تخشى من زيارة الأقباط للقدس طعنا ً في وطنيتهم ، وقد استجاب البابا السابق لهذه الرغبة التي وصلته بصورة مباشرة وغير مباشرة ، الأمر الذي يتم تدميره الآن. وإلى غد مشرق وفكر متحرر بلا قيود أو خوف.... ولتتحطم القيود.