الأقباط متحدون - تحور فيروس الإرهاب في مصر
أخر تحديث ٠٥:٠٤ | الأحد ٦ ديسمبر ٢٠١٥ | ٢٦ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٦٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

تحور" فيروس الإرهاب في مصر"

بقلم : محمود بسيوني 
 
حينما تتغير ملامح الفيروس ، يبحث العلماء عن العنصر المتحور ، او السبب الذى دفع الفيروس الى تغيير شكله وزيادة دفاعاته ضد الامصال ، فى العملية الارهابية التى استهدفت القضاه فى العريش خلال الجولة الثانية للانتخابات ، ظهرت حالة "تحور " الارهاب من الاخوان المسلمين الى داعش عبر اسماعيل أحمد اسماعيل طالب بالفرقة الثانية بكلية العلوم جامعة كفر الشيخ ، انتمى لجماعة الاخوان المسلمين ، واختفى منذ حوالى العام ، وكان ضمن قوائم الاختفاء القسرى الذى تسوقها الجماعة لتشويه الدولة المصرية دوليا ، ثم ظهر فجأة امام فندق القضاة يحزام ناسف ليفجر نفسه ، ويقتل جندى بلدياته هو الشهيد حمادة صابر ابراهيم .
 
حالة اسماعيل ليست الوحيدة ، وهناك العشرات او المئات غيره الذين اختفوا لينضموا الى الجماعات الارهابية ليتلقى تدريبا على حمل السلاح ، او لف المتفجرات حول جسمة لتفجير نفسه ، ولم تقتصر هذه الحالة على مصر فقط ، بل موجودة ايضا فى تونس ، حيث ابلغت اكثر من 400 اسره عن اختفاء ابنائها وبناتها ، ثم ظهروا بعد ذلك فى سوريا ضمن افراد داعش .
 
نفس القصة تتكرر فى عواصم عالمية كثيرة ، يلتحق الفرد بالاخوان الذين يمهدون الطريق بافكارهم عن الاسلام والتدين ، ثم سرعان ما يتعرف على المواقع الجهادية او يتصل بأحد عناصرها عبر الشات او جروبات الفيس بوك ثم يختفى ، ليظهر فجأة ليقتل نفسه واخرين فى عملية ارهابية .
 
لا توجد طريقة لمواجهة الانتحارى ، اعتى الاجهزة الامنية فشلت فى ذلك ، فمثلما تتطور اجهزة الكشف على المفرقعات والخطط الامنية لمواجهة الارهاب ، يتطور الفكر الارهابى ويبتكر طرق واساليب جديدة لاختراق ثغره ما هنا او هناك لينفذ تخريبه ، المتكرر الوحيد هو حفاظه على اعلان مسئوليته عن الحادث  ، وتصويره ان امكن حتى يرهب به اجهزة الامن ، فجزء من نجاحه يعتمد على ارهاب خصمه دائما ، ظهوره فى الولايات المتحدة وقبلها فرنسا وبريطانيا ، تحدى يسعى من خلاله لاثبات وجوده ، وجذب عناصر جديده له فى تلك الدول ، ويعتبر تنظيم الاخوان فى مصر وباقى دول العالم ، البيئة المفضله لعناصر داعش والقاعدة من اجل استقطاب عناصرها للعمليات الارهابية ، فهم الشباب الاكثر جاهزية للقيادة او القتال ، ولا يحتاجون مجهودا كبيرا فى عمليات غسل العقول ، فافكار سيد قطب وتاريخ التنظيم السرى وكذلك الشعار "المصحف والسيفان"  ، كافين لاقناعهم بطريق العنف والارهاب .
لماذا الشباب هم الاكثر تطرفا ؟ ..سؤال محورى ترتبط اجابته بما تعرضت له المجتمعات العربية طوال فترة الثمانينات والتسعينات من انهيار لدور الاسرة فى التربية والتنشأه السلمية ، ساهمت فيها مدارس ومعاهد ومراكز شباب سيطرت عليها الجماعة وغيرها من التنظيمات الاسلاماوية عبر تجنيد الكثير من المعلمين  ، مما أثر على نمط تفكير واستيعاب هؤلاء الشباب للدين ، والبحث الدائم عن مجد الامه الضائع ، مستخدمين شعار القدس ، والرغبة فى تحريرها ، مستلهمين فى فكرة الجهاد المركزية خلال الفترة الاولى للاسلام .
 
ضعف الدول خلال تلك الحقبه الزمنية سمح لهذه الجماعات بالتوسع الشديد ، وسخاء التمويل القادم من عائدات النفط الخليجية ، واستثمارتهم الداخلية وفر لهذه الجماعات الغطاء المالى الدائم لانشطتهم ، وحينما ظهروا على المسرح السياسى محاولين خداع العالم بايمانهم بفكرة الديمقراطية ، لم يتمكن شبابهم من اخفاء هويتهم العنيفة التى ظهرت فى الاستعراضات شبه العسكرية ، دون سلاح فى جامعة الازهرعام 2006  ، ثم فى ميدان التحرير ، وبعدها خلال فض اعتصام الاتحادية ابان حكم الاخوانى محمد مرسى و التى مرت ذكراه بالامس .
 
ورغم ضعف الامكانيات تحاول الاجهزة الامنية المصرية التعامل مع الظاهرة وتحوراتها المتعدده خلال الثلاث سنوات الماضية ، فالارهاب لم يعد مختبئا تحت الارض ، بل اصبح لديه اجهزة اعلام وغطاء من دول اقليمية ، بل ووسائل التواصل الاجتماعى تحمله الى الجميع ، ولديه مخططين اعلاميين قادرين على تشويه الاجهزة الامنية والتشكيك فيها واستخدام ادوات حقوق الانسان فى الدفاع عن عناصرها اذا ما تم القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة ، ناهيك عن تقاعس المؤسسات الدينية عن المواجهة الحاسمة مع افكار تلك الجماعات .
دائما ما يسبقون بخطوة ، لارباك دفاعات الدولة وتأمينتها ، وتصيد الاخطاء لها ، وعرضها عبر وسائل التواصل الاجتماعى ، يعملون بمنهجية تشويه العالم ، يقولون انهم يمثلون العدالة وصحيح الدين ، نفس الاستراتيجية فى اكثر فى من دولة  ، الامر لم يعد مقتصرا بالاجهزة الامنية صاحبة الخبرة الطويلة فقط ، بل اصبحت فى حاجة ملحة لتعاون دولى يتبادل المعلومات ويجفف المنابع ويقاتل على الارض ، تنظيم داعش هو اول المستفيدين من حالة التناحر بين الدول فى توجية ضربات متعدده للجميع .
 
واعتقد ان اولى مهام مصر كرئيسة للجنة مكافحة الارهاب فى الامم المتحدة هو العمل بجدية على تشكيل هذا التحالف ، وفضح من يحاول الالتفاف عليه لمساعدة الارهابيين ، خاصة وان هناك دولا اقليمية مثل تركيا وقطر وغيرها ثبت بالدليل القاطع علاقتهم المباشرة بتمويل داعش ، ولعل المعلومات الروسية على تهريب نفط سوريا والعراق عبر تركيا وبيعه فى اسرائيل دليل دامغ على ضلوع النظام التركى فى تمويل ومساعدة الا رهاب ، وكذلك رعاية قطر لعملية تبادل الاسرى بين لبنان وجبهة النصرة دليل دامغ اخر على تعاونهم .
 
من المهم ان يفرض دوليا على هذه الدول تسليم المطلوبين المرتبطين بالترويج للافكارالارهابية ، وان يفرض على وسائل التواصل الاجتماعى وشبكة الانترنت التوقف عن انشاء صفحات ومواقع تساعد الارهابيين فى التواصل وان تتم ملاحقة الكترونية لهم تتزامن مع المواجهات الامنية .
ذلك هو الحد الادنى ، ومن دون ذلك ..سيظل القاتل المتجول او الذئب المنفرد يفترس ضحاياه فى اربعة انحاء الكرة الارضية دونما توقف . 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter